على غرار باقي ولايات الوطن، تعيش عنابة جوا مهيبا من الحزن، بسبب الحادث الذي ألم بالجزائر قاطبتها، وفقدانها أولا لخيرة شباب الوطن خلال الكارثة الجوية، وثانيا لفقدانها أحد أبنائها البررة، شهيد الواجب الوطني، الرائد فاروقي عبد الرؤوف، البالع من العمر 39 سنة..
ويشاطر العنابيون عائلة الشهيد أحزانها، حيث يتوافدون بكثرة إلى مقر سكناه.. جو جنائزي مهيب وحزن كبير يعرفه حي «باتريس لوممبا» بعنابة، مسقط رأس الشهيد عبد الرؤوف، الكل يتحدث عن هذا الشاب الخلوق، الطيب، وعن سيرته التي كان يتميز بها ابن حيهم، وابن العائلة التي يشهد لها بحسن السمعة والجيرة.
أجواء تبعث على الحزن رصدتها «الشعب»، عائلته، جيرانه وأصدقائه ما يزالون تحت الصدمة غير مصدقين خبر وفاة عبد الرؤوف، هذا الابن البار الذي تقول عنه والدته التي تسبقها دموعها قبل أن تتحدث عنه، بأنه كان ابنا بارا، وطيبا وحنونا مع الجميع، وبحديث المرأة الصبورة والأم المؤمنة بقضاء الله وقدره لا كلام على لسانها غير «حاجة ربي مرحبا بيها»، أما الأب فالنظر إليه يدمي القلوب، لا سيما وأنه فقد ابنين له في أقل من شهرين..
وأكد محمد أحد أصدقائه بأن عبد الرؤوف كان مثالا للصداقة، إنسانا طيبا ومسالما، يقضي حياته بين المنزل والعمل، وحين يزور عائلته في العطل، يحرص على ملاقاة أصدقائه وأبناء حيه، وقال بأن الخبر نزل عليهم كالصاعقة، بعد الاعلان عن حادثة سقوط طائرة عسكرية ببوفاريك، حيث أجرى اتصالاته ليتأكد بأن صديقه كان على متن الطائرة المنكوبة.
الحديث لا يتوقف وسط المعزين سواء من الرجال أو النساء عن خصال الفقيد، الذي كان همه الأكبر السؤال عن والديه يوميا، وطلب الدعاء منهم، دون نسيان إخوته وأقربائه، هذا الابن البار الذي رحل تاركا عائلة مفجوعة في فقدانها من كان عونا لوالديه وسندا لإخوته.
شهيد الواجب الوطني الرائد عبد الرؤوف فاروقي، من عائلة ثورية حيث أن أخوه ضابط سامي متقاعد من الجيش، من مواليد 1978، متزوج منذ سنتين، وله عشرين سنة في الجيش الوطني الشعبي، تحصل على شهادة البكالوريا سنة 1996، ليلتحق بجامعة باجي مختار تخصص هندسة ميكانيكية، حبه وشغفه بالطيران، جعله يلتحق بالمدرسة العليا للطيران بطفرواي بوهران، ثم انتقل إلى الدار البيضاء ليتخصص في الميكانيك، ويواصل مهامه إلى أن التحق بسرب «إليوشين» التابع للقاعدة الجوية العسكرية ببوفاريك قبل سنتين، برتبة رائد متحصل على وسام ملاح طائرة، لتكون آخر رتبة يتقلدها شهيد بونة، الذي قضى نحبه وهو مؤمن بضرورة إخلاصه لوطنة والتضحية في سبيله.