أمام توسّع متطلّبات تنظيف الأحياء والمدن من مختلف المخلّفات اليومية، خاصة تلك المرتبطة بالنشاط التجاري الممارس من قبل التجار الفوضويين والمتنقلين التي تتسبّب في غلق مجاري المياه والبالوعات، وضعف قدرات البلديات في معالجة مشكل القمامة المتراكمة يوميا، تزداد أهمية مؤسّسة «مدينات» التي أنشئت مؤخرا ببلدية بومرداس كهيئة فاعلة للقيام بهذا الدور الأساسي في حالة توفير وسائل العمل الضرورية وأيضا التوسع نحو باقي مدن الولاية.
تشكّل حملات تنظيف أحياء المدن من النفايات اليومية بكل أنواعها خاصة مع دخول فصل الشتاء أو بداية فصل الحرارة مبادرات هامة وضرورية لتجنب عواقب الفيضانات وتجمع المياه في الطرقات والمساحات العامة شتاء، وكل ما يترتب عن ذلك من مخاطر على السكان وخسائر كبيرة في مجال البنى التحتية والطرقات، في حين يتسبّب الإهمال البيئي وعدم التدخل السريع لرفع القمامة المنزلية من الأحياء والتجمعات السكنية، والقيام بكل إجراءات النظافة العمومية ومعالجة منابع المياه عن طريق مكاتب النظافة التابعة للبلديات مع بداية فصل الصيف في نتائج وخيمة، وخطر انتشار الأوبئة والأمراض المتنقلة عن طريق المياه الملوثة مع انتشار الحشرات الضارة التي تعتبر سببا رئيسيا لبعض الأمراض الجلدية والحساسي.
وأمام حالة الضعف التي تعيشه بلدية بومرداس في معالجة مشكل النفايات المنزلية اليومية الناجم عن قلة وسائل الجمع، وإشكالية إيجاد حل نهائي لتجسيد مشاريع المفرغات العمومية المراقبة العديدة التي استفادت منها الولاية والضغط الرهيب الذي يشهده مركز الردم التقني لقورصو، كان من اللازم إيجاد بدائل أخرى تضاف إلى قدرات السلطات المحلية من أجل التكفل بمشكل البيئة بطريقة شاملة ولا تقتصر فقط على النفايات المنزلية والصلبة، وعليه بادرت السلطات الولائية في أول خطوة بإنشاء مؤسسة «مدينات» للتكفل بالجانب الآخر من هذه المهمة المشتركة بهدف حماية المحيط السكني والنظافة العامة للأحياء والشوارع، والقيام بعمليات التزين والاعتناء بالمساحات الخضراء، وذلك بتنظيم حملات تنظيف منتظمة بالتنسيق مع كل الفاعلين خاصة فعاليات المجتمع المدني والجمعيات الشبانية الناشطة في المجال البيئي.
وقد كانت أو حملة تنظيف قامت بها مؤسسة «مدينات» بالتنسيق مع بعض الهيئات المحلية كالحماية المدنية، مديرية الأشغال العمومية وكذا الديوان الوطني للتطهير مع بداية الدخول الاجتماعي الماضي وانقضاء موسم الاصطياف بعاصمة الولاية، حيث تم خلال العملية القضاء على عشرات النقاط السوداء وأطنان النفايات من ورق وقارورات بلاستيكية بالأخص على مستوى محطة المسافرين والسوق الأسبوعي وكلها مخلفات قابلة للرسكلة الصناعية، ثم امتدت الحملة لتشمل الدوائر الكبرى بالولاية كخميس الخشنة، بودواو وبرج منايل وهي المبادرة التي تركت استحسانا كبيرا لدى المواطنين بالنظر إلى الدور الذي قامت به في معالجة أزمة النفايات وإعادة الجانب الجمالي الضائع لمدننا، لكن الإشكالية المطروحة دائما في مثل هذه المبادرات الايجابية هو غياب الديمومة والاستمرارية في مثل هذا العمل الميداني، خاصة ونحن على عتبة فصل الصيف، حيث كان من المفروض تكثيف مثل هذه الحملات لتجنب ظاهرة تكدس النفايات وتوسيع نشاط المؤسسة الى باقي البلديات، كما جاءت كذلك مبادرة إنشاء اللجان التقنية لتسيير المدن الحضرية التي انطلقت في كل من عاصمة والولاية ودلس لتصب في هذا المنحى، والعمل على مساعدة المجالس البلدية المنتخبة في معالجة ملف البيئة وتدهور المحيط، والسماح له بالتفرغ أكثر لباقي الانشغالات اليومية للمواطن، وتحريك ملفات التنمية والاستثمارات المحلية كتحد أول لإيجاد مصادر دخل وموارد مالية لدعم التسيير المحلي.