تواصلت إلى غاية أول أمس، أشغال الطبعة السادسة لمنتدى الأمن السيبرياني الإفريقي في ظلّ التحول الرقمي التي تحولت إلى قمة افريقية شارك في أشغالها نحو 300 متعامل و50 خبيرا في مجال تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات الالكترونية، إضافة إلى مختصين في المجال القانوني ومكافحة القرصنة والجريمة الالكترونية.
تمحورت أشغال جلسات القمة ومداخلات المتدخلين عموما حول تقنيات الحماية الإلكترونية لبيانات المؤسسات والأفراد، والتركيز على امتلاك الشركات لتقنيات ومهارات حلّ تشفير شبكات المعلوماتية كمطلب أساسي قبل التصدي لمختلف الهجمات الإلكترونية، حيث أظهرت تقارير الفرع الإقليمي لشركة سيسكو العالمية الرائدة في مجال المعلوماتية أن نسبة الهجمات الالكترونية على الدول الافريقية بلغت 93٪ خلال سنة 2017، وأن خصوصية الجريمة الالكترونية لم يتم التكفل بها بالمعنى الحقيقي، رغم وجود عدة مؤشرات إيجابية تساعد على التحكم في التكنولوجيا والتحول الرقمي الهادئ بدون مخاطر.
وأشارت تقارير الخبراء و المتخصصين إلى وجود 30 بلدا افريقيا غير محصن قانونيا وتقنيا ضد الهجمات الالكترونية مقابل 12 دولة افريقية سعت إلى مواجهة التطور الرقمي المتسارع من بينها الجزائر التي تصنف في المرتبة 67 عالميا من بين 190 دولة متطورة في مجال الدفاع الالكتروني، حيث دعا الخبراء المشاركون في القمة الافريقية حول الأمن السيبرياني إلى رفع درجات التأهب من أجل مسايرة التحول الرقمي كل لما يسمح بخلق التكامل و التوازن مع التطور الاجتماعي والاقتصادي، وذلك من جانب تطوير آليات الحماية من الهجمات الالكترونية التي تحوّلت إلى جريمة منظمة وعابرة للحدود.
وهو ما يفرض على الدول الإفريقية اليوم تكثيف مجالات التعاون بينها في مجال مكافحة الجريمة الالكترونية المنظمة، من خلال بذل المزيد من الجهود لحماية بيانات الأفراد والمؤسسات ودعوة هذه الأخيرة إلى الاجتهاد أكثر لمسايرة التحول الرقمي المتزايد باعتبار هذا الاجتهاد واحد من أسس الحفاظ على السيادة الدبلوماسية والاقتصادية لأي دولة.
التحكم في التكنولوجيا وتوحيد الرؤى القانونية بين الدول الإفريقية
ودعا المتدخلون في أشغال القمة الافريقية حول الأمن السيرياني التي نظمتها وكالة إكس كوم الجزائرية، إلى التحكم في التكنولوجيا ووضع سياسة واضحة لمكافحة الجرائم الالكترونية، حيث يكون الممشى إلى التحول الرقمي على أرضية صلبة ومحصنة، من خلال الاستثمار في الطاقات البشرية قبل كل شيء واستعادة الأدمغة الافريقية والجزائرية خاصة، العاملة بكبرى الشركات العالمية في مجال المعلوماتية والالكترونيات.
وتطرح مسألة الأمن السيبرياني والتحول الرقمي حسب الخبراء عنصر ضعف المستوى التعليمي والثقافي في مجال المعلوماتية للمستخدمين بالمؤسسات العمومية والخاصة سواء كانت إقتصادية أو إدارية، وتواضع الثقافة المعلوماتية والتفاعل الالكتروني بين الأفراد والجماعات، حيث يحتاج التحوّل الرقمي للجماعات المحلية والمؤسسات الاقتصادية إلى مهارات تقنية ضرورية في مجال المعلوماتية يمكن للأدمغة الجزائرية في الخارج نقلها لو وفرت لهم التحفيزات اللازمة، ولأن الدراسة العلمية الميدانية التي أجرتها وكالة اكس كوم استهدفت إسقاط تجربة التحول الرقمي على الجزائر كرائدة في مجال الدفاع الالكتروني على الصعيد الإفريقي.
ودعا المختصون في المجال القانوني على غرار المستشارة القانونية هند بن ميلود إلى تفعيل الاتفاقيات الممضاة بين الدول الافريقية في مجال مكافحة القرصنة و الجريمة الالكترونية كجانب من تكثيف سبل التعاون بينها، والأكثر من ذلك توحيد وجهات النظر القانونية بين البلدان الافريقية دون أن تمنع التوجهات السياسية للأفارقة من ذلك، باعتبار أن الجريمة الالكترونية اتخذت أبعادا جديدة وجدية وصارت أكثر الشرايين الحياتية دعما للمنظمات الإرهابية.
رفع درجات التأهب لمواجهة الجريمة الالكترونية
كما دعت المستشارة القانونية هند بن ميلود إلى رفع درجات التأهب لمواجهة تصعيد الإرهاب الالكتروني لحماية الأفراد والمجتمعات وسيادة الدول من خلال وضع آليات دفاعية تكون بدايتها من إنشاء وكالة وطنية للنظام الالكتروني الجزائري، الأمر الذي دعا إليه أيضا الخبراء في مجال المعلوماتية بضرورة إنشاء منصة جزائرية توفر للمتعاملين في المجال خدمات استضافة وبناء وتصميم المواقع الالكترونية التي غالبا ما تلجأ لشركات أجنبية لتأسيس مواقعها، مما يجعلها عرضة لأشكال القرصنة والجوسسة.
ودعت بن ميلود لاستغلال التكنولوجيا المتقدمة في ابتكار حوسبة سحابية خاصة بالجزائر كمقياس لباقي الدول الإفريقية، من أجل إدارة واستخدام وحماية البيانات وتبسيط خدمات تكنولوجيا المعلومات، الأمر الذي يقف عامل التمويل المالي أمامه.
وأكد الخبراء المشاركون في القمة الإفريقية، أنه لابد من رفع حجم تمويل إجراءات الأمن السيبرياني والتفكير بجدية أن هاجس استقرار الدول وأمنها ـ من أمنها الالكتروني وليس في تأمين حدودها الاقليمية فحسب ـ وذلك بالنظر إلى حاجة الدول المتزايدة للنمو الاقتصادي وعلاقته بتطور مؤسساتها والتحول الرقمي.