توسيع نطاق التكوين والشراكة القائمة على الابتكار والإبداع
لم يعد الاقتصاد الرقمي اختيارا وإنما حتمية لما فيه من مزايا التنافسية والتقليل من الكلفة إلى جانب توفير فرص كبيرة للزبون في الحصول على حاجياته في الوقت، خاصة بعد أن توسّع نطاق استعمال تكنولوجيات الاتصال الجديدة على مختلف مستويات المنظومة الاقتصادية.
بالرغم من نقائص في تحقيق الأهداف المسطرة على مستوى انجاز المنشآت القاعدية للرّقمنة، إلا أن نتائج عديدة برزت مع التطلّع لبلوغ مراحل متقدمة في هذا المجال الذي يتطلّب تنمية مسار تأمين النظام المعلوماتي حماية للمعطيات المتداولة والمخزّنة وكذا مراكز المتعاملين في السوق، خاصة أمام هجمات الكترونية سواء تندرج في إطار أنشطة تخريبية أو للتحايل والسرقة الالكترونية.
يسجّل حاليا اتساع مساحة المعاملات الالكترونية في أكثر من قطاع سواء في الخدمات المصرفية (الدفع الالكتروني)
ما بين البنوك أو تخليص الفواتير لدى عدد من المتعاملين الاقتصاديين الذين أدركوا أهمية مواكبة تطور الرقمنة وانعكاساتها الايجابية في أداء الخدمة تجاه الزبون وتحصيل القيمة منه بسرعة وفعالية.
بالموازاة مع ذلك، تشهد الساحة نمو مسار التجارة الالكترونية بالتدريج لتصبح مستقبلا واقعا يستوعب كافة المتدخلين في السوق بفضل أدوات الاتصال التكنولوجية الجديدة التي تتطلّب الوفرة من خلال بعث تصنيعها محليا والعصرنة المستمرة، لكن بالأخص إحاطتها بكل ما يجعلها أكثر أمنا من أجل تعزيز عنصر الثقة.
ويندرج هنا موضوع الأمن المعلوماتي الذي تتطلّبه الشبكة الرقمية بكافة عناصرها وبالخاص المؤسسات والهيئات ذات الصلة بالمنظومة الاقتصادية بحيث ينبغي تأمينها إلى أقصى درجة لحماية المعطيات دون تعطيل الوصول إليها وضمان سلامة المعاملات الالكترونية، خاصة في مجال تداول الأموال والسلع والخدمات.
في عالم الشبكة العنكبوتية، لا يمكن وضع حواجز أو موانع للرقابة التي يمكن تفعيلها عن طريق الاستثمار في التكنولوجيات الجديدة ذات الصلة خاصة البرمجيات والحلول التقنية التي تدخل في خانة وسائل تجسيد سياسة الأمن المعلوماتي. ويرتبط هذا بالطبع بكل ما يخصّ التكوين النوعي والتأهيل المستمر والشراكة بين المؤسسات ومراكز البحث في عالم الرّقمنة الذي يتسّع مجاله محليا بوتيرة متزايدة مثلما تبينت معالمه في الندوة الإقليمية حول الاقتصاد الجديد التي احتضنتها الجزائر الأسبوع الماضي.
في هذا الإطار، أكّدت الجزائر حرصها على الاستفادة من ايجابيات الاقتصاد الرقمي فيما تواصل الرفع من درجة التكوين في تخصصاته وتطوير شبكة الألياف البصرية بطول 120 ألف كيلومتر تشمل كل أرجاء البلاد في وقت شرعت فيه في بناء مجتمع المعلوماتية من خلال البنوك والتجارة وكل ما يتصل بعالم الأعمال.
ويمثل اكتساب الخبرات من كل جهات العالم، حيث يتحقّق التطوّر بشكل متواصل أحد التحديات التي يجب رفعها عن طريق توسيع نطاق التكوين والشراكة القائمة على الابتكار والإبداع في الحلول من منظور اقتصادي يتطابق مع التوجهات الكبرى للنمو وأبرزها الاستثمار في اقتصاد المعرفة الذي يشكّل قاطرة الثورة الصناعية الرابعة التي بدأت معالمها تتضحّ بعد أن لوحظ تغير في مراكز القوى.
ولعلّ أول من يجب أن يكون في مقدمة جبهة رفع هذا التحدي المؤسسة الاقتصادية مهما كان طابعها أو النشاط الذي تمارسه وذلك بإدراك مدى أهمية اعتماد أنظمة المعلوماتية في الدورة الإنتاجية، بل ومن أول خطوة في تجسيد مشروع استثماري إلى غاية حلقة التسويق وتوفير الخدمة أو المنتوج لكن شريطة أن يرافق ذلك بمجهود على صعيد تأمين الشبكات الرقمية وصيانتها لمنع أي خطر محتمل من منافسين في السوق ورد أنشطة مناوئة غالبا ما تكون صادرة عن قوى اقتصادية لا تقبل بمؤسسات منافسة من بلدان ناشئة تعتبرها مجرد أسواق نهائية لمنتوجات شركاتها.