خرجت بورصة الجزائر لتطلق من غرفة التجارة والصناعة دعوة للمؤسسات والمتعاملين للاستفادة من آليات تمويل توفرها بشكل أفضل من البنوك التي تشهد صعوبات في تحقيق السيولة المالية. ونشط مديرها العام السيد يزيد بن موهوب الخميس الماضي ندوة حضرها للأسف عدد قليل من رؤساء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كشف فيها عن توجهات عملية ومحفزة تقودها بورصة الجزائر لفائدة المتعاملين والمؤسسات التي يمكنها أن تجد في هذه السوق المالية موارد هامة تسمح لها بأن تنتعش وتقود مشاريعها التوسعية محليا وخارجيا.
أكد بن موهوب أن بورصة الجزائر هي بديل ملائم في ظلّ الوضعية المالية الراهنة المتسمة بصعوبة الحصول على السيولة النقدية موضحا أن من بين الحلول التي يمكن تفعيلها مراجعة تمويل المؤسسات انسجاما مع النموذج الجديد للنمو قصد توزيع أفضل للمخاطر وحيازة القدرات المالية المطلوبة لإنجاز المشاريع سواء لعصرنة التجهيزات أو توسيع نطاق الإنتاج.
وقدم صورة شاملة للمزايا التي تحقّقها المؤسسة خاصة الصغيرة والمتوسطة التي تدخل البورصة منها مزايا مالية مثل التمويل متوسط وطويل المدة وتمويل فتح رأس المال، غير أنه أثار مسألة تعتبر مشكلة أمام المؤسسات الجزائرية التابعة للقطاع الخاص وتتعلّق بالطابع العائلي للمؤسسة، مما يعيقها في مواكبة تطور السوق ويعرضها للزوال بعد أن يقضي مالها أو مؤسسها علما أن نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعاني من تقدم شريحة كبيرة من أصحابها في السن وليس من بديل لديمومتها سوى أن يتم إدراجها في البورصة.
ويسمح هذا التحوّل للمؤسسة باستعمال تمويلات البورصة بأن ترفع من رأسمالها وتحصل على مركز جيد للتفاوض حول نسبة الفائدة مقارنة بالتمويلات البنكية، كما يمنحها مناعة في مواجهة تقلبات السوق ويتعزّز مركزها فيه عن طريق التزامها بقواعد الشفافية ووضوح الأرقام الأمر الذي يطمئن محيطها المالي والزبائن خاصة. كما يمكنها ذلك من الاستفادة من مزايا ضريبية مثل إعفاء لخمس سنوات من دفع الفائدة عن الأرباح وفقا لنسبة فتح رأس المال كما تعفى فوائد البورصة من دفع الضريبة عنها، علما أن مردودية الأسهم تصل إلى 6 و11 بالمائة وهو ما لا تمنحه البنوك.
وعبّر بن موهوب عن استيائه لعدم إقبال مؤسسات القطاع الخاص على البورصة رغم التحفيزات والمرافقة داعيا إلى تنمية إدراج المؤسسات في هذه السوق مبرزا النجاح الذي حقّقته بعضها على قلة عددها مثل مؤسسة «بيوفارم» من قطاع صناعة الأدوية، التي عزت سمعتها دوليا بفضل البورصة التي منجحتها المصداقية. وتساءل عن سبب تردد إحدى المؤسسات التي أعلنت سابقا قدومها إلى هذه البورصة فتحسنت سمعتها حينها، غير أنها تراجعت علما أن مثل هذا السلوك يؤثر على مركزها في الساحة سلبيا. ولتحسين المردودية في العمل أوصى مدير البورصة بأن تبادر المؤسسات التي تدخلها بتخصيص نسبة من 1 إلى 2 بالمائة من الرأسمال كأسهم لفائدة عمالها الذين ينخرطون بلا شك في مسار الرفع من وتيرة الأداء وتحسين الإنتاجية بفضل بناء علاقة ولاء بين العامل ومؤسسته مقدما مثال مؤسسة فندق الأوراسي من قطاع السياحة، التي يحوز عمالها على نسبة في أسهم البورصة ويحققون نتائج كل سنة.
وعن دور رؤساء مؤسسات القطاع الخاص الذين ينبغي أن يواكبوا التحولات في جوهرها وجّه لهم دعوة بلغة اقتصادية ليبادروا بتغيير نمط تمويلهم من خلال التعامل مع آليات بورصة الجزائر التي تصغي لمحيطها رغم تعقيداته واقر بن موهوب وجود انتقادات لمؤسسته مبديا تقديره لرأي كل طرف في الموضوع، ألا أنه أوضح أن البورصة لوحدها لا يمكنها أن تغيّر المحيط الذي يجب أن يساهم الفاعلون فيه في بناء هذه السوق المالية، التي تستعد لاستقبال وسيطين جديدين هما سلام بنك وبنك البركة مما يرفع عدد الوسطاء في البورصة إلى 11 متعاملا. فيما يتمّ ترتيب إطلاق خدمة تمويلية جديدة تتعلّق بمشروع صكوك مطابقة لقواعد التعاملات المالية الإسلامية التي تعتمد معيار الربح والخسارة وليس الفائدة التي غالبا ما تنفر شريحة واسعة من المتعاملين وأصحاب المؤسسات.
إلا أن دخول البورصة ليس بالعملية الروتينية وإنما هو قرار ناجم عن توجه استراتيجي للمؤسسة التي تريد الديمومة والتوسع عن طريق استعمال تمويلات غير القروض البنكية والاستفادة من مزايا شريطة قبول قواعد الشفافية ووضوح الأرقام، علما أن آليات البروصة تحمي زبائنها في وقت تواصل فيه مصالحها انجاز نظام العامي معلوماتي متطور بالشراكة مع متعامل من اسبانيا سوف يدخل الخدمة في 2019، لتصبح معاملات البورصة الكترونيا وعن بعد.
وعن سبب تردّد الخواص في المجيء إلى البورصة اعتبر مديرها العام أن الجانب المتعلّق بالشفافية ربما يعيق البعض في ذلك، مضيفا أن الأمر يرتبط أيضا في جانب منه بالذهنيات السائدة وانغلاق كثير من المؤسسات على ملاكها، إلا أنه أشار إلى فتح رأسمال المال من 10 إلى 20 بالمائة من خلال بوابة البورصة سوف يفيد المؤسسة ويساعد على ديمومتها مسجلا ضرورة زيادة العمل على صعيد الترويج الإعلامي تجاه المؤسسات لتدخل السوق، حيث تستفيد من آليات تمويل ذات جدوى تحقّق عائدات للمؤسسة والاقتصاد. وراهن في ختام مداخلته على صناديق الاستثمار« رأس مال المخاطر» لتلعب دورا فعالا في توجيه المؤسسات إلى البورصة، علما انه انشاء على جميع الولايات 48 صندوق استثمار بمعدل مليار دينار لكل صندوق لمرافقة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.