يعكف مجمع سونطراك الرائد إفريقيا في مجال الطاقة على الرفع من قدراته الإنتاجية، حيث يحرص على انتهاج إستراتجية دقيقة تصبّ في استغلال أمثل للطاقة ليحافظ على مكانته على صعيد الأسواق الدولية، من أجل تعزيز سقف صادراته وتغطيته للطلب المحلي، وما يرسم المعالم الواعدة لمستقبل سونطراك، انفتاحه الكبير على التكنولوجيا المتطورة وسهره على بناء الشراكات مع الشركات الرائدة ذات الخبرة والتجربة، وإن كان هذا المجمع بلا شكّ عازما على تطوير الإنتاج في الباطن، لكنه في نفس الوقت يحرص على تطوير الصناعة البترولية والتحويل.
يتواجد مجمع سونطراك في منعرج حاسم بالنظر إلى تحديات الأسواق الخارجية والمنافسة الشرسة في التكنولوجيا التي تقلص كلفة الإنتاج، ولا ينبغي غض الطرف عن إرادته القوية في تنويع منتجاته التي تجمع ما بين الغاز والنفط، وكذا الصناعات البتروكيماوية، التي ينوي الاستثمار فيها بقوة، في ظلّ وفرة المادة الأولية واليد العاملة، ولعلّ رصد غلاف مالي يزيد عن الـ50 مليار دولار للاستثمار على مدى الخمس سنوات المقبلة، يعكس حيوية المجمع ودقة تخطيطه المستقبلي وبعد نظرته لتفعيل تنافسيته الإنتاجية على المديين المتوسط والطويل.
مشاريع للرفع من سقف الإنتاج
والجدير بالإشارة، فإنه في برنامج مجمع سونطراك العديد من المشاريع منها ما انطلق، والعديد منها قيد الدراسة، وهناك ما تمّ انجازه وسيدخل حيز الاستغلال والإنتاج، ومن ضمن آخر المشاريع التي عاينها الرئيس المدير العام لمجمع سونطراك عبد المؤمن ولد قدور منحه الضوء الأخضر لانطلاق أشغال ربط 50 بئر منتج للغاز بمنشآت «أوهانت» الكائنة في منطقة عين أمناس، وينتظر الكثير من هذا المشروع الواعد خاصة على صعيد تطوير الحقول الغازية لمنطقة «تينهرت»، إلى جانب معالجة الغاز الخام على مستوى المنشآت المتواجدة بأوهانت، برفع حجم القدرة الإنتاجية لهذه المنشآت من 10 ملايين متر مكعب يوميا إلى مستوى 15 مليون متر مكعب في آفاق عام 2020.
لكن يذكر أنه بداية من عام 2022، ينتظر أن يقفز حجم القدرة الإنتاجية لهذه المنشآت إلى ما لا يقل عن 20 مليون متر مكعب يوميا، ومن المقرر توزيعها في منطقة الجنوب الشرقي، علما أنه تشرف على انجاز المشروع شركات وطنية عمومية بتكلفة تناهز الـ27 مليار دينار.
إذا بالموازاة مع ذلك، لا يمكن إخفاء تجاوز سونطراك للظرف الاقتصادي الصعب الذي مرت به منذ منتصف عام 2014، بفعل تراجع أسعار النفط والتقلبات التي شهدتها الأسواق النفطية، من دون أن تتضرّر أو ينعكس ذلك عليها بالسلب أو يؤثر على مخططاتها الاستثمارية داخل أو خارج الوطن، وبالإضافة إلى سيرها نحو تطوير المجمع برؤية ذكية وثقة، أي بكل ما تعلّق بالاستكشاف وكذا استغلال المحروقات، وإلى جانب ما يخصّ تسيير الشركة وتأطير وتدريب مواردها البشرية. علما أنه كان قد أعلن في السابق أن المجمع قرّر استثمار ما لا يقل عن 56 مليار دولار بداية من عام 2018 إلى غاية آفاق سنة 2022.
تكتيك جذب الزبائن
لا شكّ في أن السوق النفطية اليوم، صارت تفرض على كبريات الشركات منطقا جديدا يحتاج منها إلى مواكبة خاص وتجند وفطنة، بل ومتابعة وكثافة في ضخّ الإنتاج، إلى جانب انتهاج تكتيك واحترافية في بسط إنتاجها وجذب زبائنها وفي صدارتها الأخذ بعين الاعتبار التحول الرقمي والاندماج فيه بسرعة قياسية، ومن خلال توسيع شراكتها مع أنجع الشركات الناشطة في مجالي الغاز والبترول، وكذا كل ما تعلّق بالصناعات البترولية، وبالنظر إلى نشاط مجمع سونطراك على صعيد بناء الشركات من أجل الاستفادة من الخبرات العالية والتكنولوجيا المتطورة، نذكر العديد من التجارب التي خاضتها وينتظر منها الكثير على صعيد تقوية وتعزيز مكانة المجمع، نذكر من بينها المؤسسة المشتركة التي تجمع بين سوناطراك وجنرال إلكتريك، التي تحمل اسم «ألجريان بيتروليوم إكيبمون كومباني»، حيث تنشط في إطار الهندسة وتصليح وصيانة التوربينات الغازية. ويضاف إلى كل ذلك إبرامها لاتفاق تفاهم مع الشركة البريطانية «بريتش بتروليوم اكسبلوريشن الجزائر ليميتد» والشركة النرويجية «ستات أويل نورت افريكا غاس اس»، من أجل دراسة فرص التعاون في مجال البحث والتنقيب على البترول، وكانت سوناطراك قد وقعت مع الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات «ألنفظ» والمجمع الاسباني «سيبسا» على اتفاق جديد، لاستغلال الحقل النفطي برود الخروف بحوض بركين بولاية ورقلة، لإعادة تهيئة حقل نفطي في إطار الرفع من إنتاج النفط الخام وإنتاج غاز البروبان المميع لأول مرة على مستوى هذا الحقل بتقنيات متطورة، ويمكن وصفها بالجديدة بهدف استرجاع المحروقات.
ضخ كميات أكبر للتصدير
وتتضمن أجندة سونطراك العديد من مشاريع الشراكة وتلقى الكثير من الاهتمام بالنظر إلى سمعتها التي اكتسبتها بفضل احترافيتها، حيث يجري التفكير من أجل خوضها في تجسيد مشاريع للتنقيب عن النفط ومشروعات للغاز الطبيعي خارج الجزائر مستغلة في ذلك خبرتها وكفاءة إطاراتها، وقد تكون لها شراكات مع العراق والعديد من الدول في المرحلة المقبلة.
وتركز سونطراك التي تحتل المركز الـ 12 في قائمة ترتيب شركات النفط العالمية في المرحلة الحالية، على إنتاجها الغازي، لذلك تنوي في الفترة الممتدة ما بين سنتي 2019 و2020، ضخّ كميات أكبر لتوجهها نحو التصدير لأسواق خارجية، ويمكن وصف مكانة والدور الذي يلعبه هذا المجمع الطاقوي الضخم، بأنه أصبح وجها لوجه مع المنافسة ومطالب بتوسيع الاستثمارات تنويع الإنتاج وبالإضافة إلى اقتصاد النفقات، ولا ينبغي أن يغفل عن مواجهة تحدي تنويع المنتجات الطاقوية خاصة من خلال إدراج الطاقات المتجددة والنظيفة منها ضمن الأولويات للتحضير للمنافسة المستقبلية، وحتى تكون من ضمن أكبر من يضخ كميات ضخمة لتمويل مختلف الزبائن، وحتى يتسنى لها في هذا الإطار مواصلة استثماراتها واستكشافاتها باستمرارية، وتأطير يدها العاملة، وتحويل التكنولوجيا التي تتطلب كلفة لا يستهان بها.