تحتفل الحماية المدنية الجزائرية، اليوم، على غرار الدول الأعضاء، بعيدها العالمي المصادف للفاتح مارس من كل سنة، تحت شعار «الحماية المدنية والمؤسسات الوطنية ضد الكوارث»، وستشهد مراسم الاحتفال تخرج دفعات جديدة سيتعزز بها القطاع الذي بات يتمتع بتنظيم إداري وتقني وعملي لضمان التكفل الخاص بالمهمة الإنسانية المنوطة بها، فقد استطاع الجهاز منذ تاريخ إنشائه تكوين ورسكلة مئات الإطارات في مختلف التخصصات.
يهدف الاحتفال بهذه المناسبة إلى توعية المجتمع المدني بأهمية أجهزة الحماية المدنية في إداراة حالات الطوارئ حتى يسهم في تعزيز سبل حماية المواطنين وذلك من خلال تحسين إعدادهم واستعدادهم للتقليل من تداعيات الكوارث وانعكاسات الأزمات، ولما للمؤسسات الوطنية من أهمية كبيرة في دعم أجهزة الحماية المدنية أمام الكوارث والتعامل مع مضاعفاتها وتعد المناسبة أيضا فرصة لاستذكار ضحايا الواجب من أفراد الحماية المدنية ورجال الإطفاء والإنقاذ اللذين يمثلون قمة الشموخ والشجاعة الوطنية لإدارة الكوارث.
وبالنظر إلى المعطيات والتحديات في حياتنا اليومية، يقول الأمين العام للمنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني فلاديمير كونشوف في كلمة له بالمناسبة تحصلت الـ»الشعب» على نسخة منها: «إن الحماية المدنية وما تحمله هذه العبارة من مسؤولية اتجاه حماية المواطنين وممتلكاتهم إبان الكوارث بشتى أنواعها ومسبباتها مرتبط ارتباطا لا ينفصم بالسياسات الأمنية الوطنية» ولذلك فإن ازدهار أي دولة وتقدمها يعتمد على مدى مستوى أمن المواطنين وممتلكاتهم ولايتأتى ذلك إلا من خلال خلق سياسات من شأنها أن تنشأ أحكاما قانونية تهدف بالأساس إلى حماية الأرواح والتقليل من الخسائر المادية نتيجة للكوارث.
وأكد الأمين العام في السياق ذاته أن التجربة والخبرة الدولية قد برهنت على أن فكرة تكوين أنظمة وطنية لإدارة الكوارث عن كثب والتنسيق بينها وبين الأنظمة المحلية والإقليمية والدولية ذات الصلة إلى جانب السلطات الوطنية والهيئات المعنية بحماية المواطن تعد من أوفر الفرص حظا للتعامل بفعالية ودقة عاليتين أثناء الكوارث وبعدها.
ودعا فلاديمير، الأنظمة الوطنية، لإدارة الكوارث حيث أكد في هذا الإطار قائلا: «يجب أن يكون لها القدرة على تحقيق أصعب المهام كتطوير المعايير القانونية والتنظيمية، التأهب العام والتنبؤ بالأحداث، تقييم نطاق حالات الطوارئ، التأثيرات الاجتماعية، التخفيف من حدة الكوارث والتعافي من أثارها، إلى جانب الدور المحوري في تطوير وتعزيز بل التعاون الدولي في مجال حماية المواطنين وممتلكاتهم وأراضيهم».
ولتحقيق هذه المهام، يجب أن ينصب اهتمام الدول على كيفية خلق أنظمة للتنسيق بين نشاطات الهيئات الحكومية المحلية والوطنية وذلك داخل نطاق الأنظمة الوطنية لإدارة الكوارث، حيث تمكنت المنظمة الدولية للحماية المدنية من المساهمة في إنشاء وتطوير مثل هذه الأنظمة على نطاق عالمي وذلك عبر خلق «الشبكة الدولية لمراكز إدارات الكوارث» والتي ستتيح للدول الأعضاء فرصة تبادل المعلومات في وقت قياسي لمجابهة الكوارث والتقليل من أضرارها.
وقد بذلت المنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني جهدا كبيرا في تطوير فعالية أجهزة الحماية المدنية بحيث تحاكي عصر التكنولوجيا الحديثة، إلى جانب تقديم دورات تدريبية للمختصين وتثقيف المجتمع المدني للتعامل إبان الكوارث والأزمات، وبدعم من الدول الأعضاء، ستستمر المنظمة في تقديم الدعم لكافة الدول للوصول إلى الأهداف المنشودة.
جدير بالذكر، أن الحماية المدنية الجزائرية قد انضمت إلى المنظمة الدولية للحماية المدنية سنة 1976 لتصبح من بين الدول الأعضاء النشطة في جهاز المنظمة وهو ما أهلها إلى انتخابها على رأس المجلس التنفيذي للمنظمة الدولية للحماية المدنية في سنة 2003 وذلك لثلاث عهدات متتالية.
الحماية المدنية الجزائرية تفتك شهادة المطابقة للمعايير الأممية «إنساراج»
تمكنت الحماية المدنية الجزائرية من فرض مكانتها دوليا حيث بات يشهد لها دوليا بالمستوى الاحترافي ولعل أكبر دليل هو انتزاعها لشهادة المطابقة للمعايير الأممية إنساراج (INSARAG) نوفمبر 2017، عبر مفرزتها التابعة للوحدة الوطنية للتدريب والتدخل الكائنة بالدار البيضاء، وهي فرقة استشارية دولية مختصة في البحث والإنقاذ في الأوساط الحضرية، والمرادف للتتويج المنطقي لمسار العصرنة والمهنية للسلك المبادر به من قبل المدير للحماية المدنية العقيد مصطفي لهبيري، وجاء ذلك خلال سنتين طويلتين من الاختبار عبر تمارين متواصلة منجزة على المستوى الوطني وكذا الدولي تحت إشراف خبراء دوليين ذوي كفاءة العالمية.
ويعد التحضير لنيل الشهادة المطابقة إنساراج - الأمم المتحدة، التي تدوم لمدة خمس سنوات كاملة تم اختزالها إلى سنتين فقط وهذا بسبب القدرات التي تتمتع بها الحماية المدنية الجزائرية، سواء كان على المستوى البشري والمادي أو على مستوى التنظيم والتنسيق في عملية التكفل بالحالات الاستعجالية والكوارث.
ويأتي هذا الإنجاز للتأكيد على القدرات العالية التي تتمتع بها المؤسسة وتتويجا للعمل الدءوب والمنهجي وكذا الجهود المبذولة من قبل جميع مستخدمي السلك، قصد تحقيق هذا الهدف والذي يجعل من الدولة الجزائرية قوة فاعلة هامة في مجال تسيير حالات الكوارث على المستوى الدولي.
وطبقا للقواعد المعتمدة من طرف هيئة الإنساراج الأمم المتحدة، تم إخضاع الفرقة الجزائرية الثقيلة (HUSAR) للتقييم من طرف الخبراء الدوليين وتتشكل هذه الفرقة من عدة أفواج مخصصة للقيادة،والإسعاف الطبي والفرق المدعمة بالكلاب والبحث والإنقاذ والإمداد مجهزة بكل العتاد الضروري المشترط من لدن المشرفين على التقييم.
ويرتقب أن تعرف مراسيم الاحتفال بهذا اليوم برمجة مناورات استعراضية تبرز مختلف نشاطات الحماية المدنية والتعريف بمختلف مهامها والعتاد الخاص بالتدخل مع إعطاء إشارة انطلاق قافلة الوقاية والتحسيس من مختلف الأخطار، فضلا عن تخرج دفعات جديدة ستعزز مهام سلك الحماية المدنية.