دعا الخبير ووزير الاستشراف السابق بشير مصيطفى، من بومرداس، صناع القرار في الجزائر إلى “ضرورة الإسراع في تجسيد استراتيجية التحول الطاقوي المبرمجة إلى غاية 2030 بهدف توسيع استهلاك وإنتاج الطاقات المتجددة النظيفة لمواجهة الراهن الإقتصادي الصعب، مع تشديده أيضا على حتمية التكيف مع مخرجات وشروط ندوة باريس حول الاحتباس الحراري لتخفيض انبعاث الغازات أو الشراكة الفعلية مع الاتحاد الأوروبي لتحقيق الأمن الطاقوي ونقل التكنولوجيا المتقدمة..
أكد الخبير بشير مصيطفى في مداخلة خلال اليوم الدراسي حول الطاقات المتجددة في الجزائر الذي احتضنه أمس قسم العلوم التجارية لكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير لجامعة بومرداس “أن الجزائر تمر حاليا بمرحلة انتقال طاقوي بمعنى التحول من الطاقات التقليدية الأحفورية إلى الطاقات الخالية من الكربون تصل إلى غاية 2030 لإنتاج نحو 100 مليون طن مكافئ نفط والآن لا ننتج سوى 30 مليون طن، وبالتالي هناك فراغ لابد أن يعبأ بالطاقات المتجددة نظرا لأن الطاقات التقليدية لم يعد لها سوق مستقبلي وتراجع الأسعار التي تقترب من الكلفة والطلب العالمي يتجه رويدا رويدا نحو الطاقات المتجددة.
قبل هذا قدم مصيطفى بعض المعطيات الميدانية حول واقع ورهانات قطاع الطاقة بالجزائر وحتمية التحول الطاقوي بتبني إستراتيجية فعالة ودقيقة واستشرافية لمجابهة الأزمة الطاقوية المستقبلية بعد تراجع احتياطي النفط والغاز وتسجيل عجز قدره 10 مليون طن فارق الإنتاج وحجم الاستهلاك السنوي مقابل تراجع احتياطي الطاقات التقليدية من غاز وبترول، وهي التحديات التي تتطلب حلولا مستعجلة في إطار برنامج الطاقات المتجددة الذي سطرته الجزائر بداية من سنة 2011 حسب المحاضر الذي قدم جملة من التصورات والحلول الاستشرافية للتكيف مع هذه المتغيرات ذكر منها حتمية توسيع الاستثمارات المصغرة لفائدة الخواص لإنتاج الألواح والأعمدة الشمسية والدخول في برنامج الاتحاد الأوربي لتجسيد مشروع إنتاج 22 ألف ميغاوات مطلع 2022 التي تتطلب 70 مليار دولار وهو رقم كبير يتطلب الشراكة وحلولا أخرى لخصها الباحث في النجاعة وترشيد الاستهلاك، توسيع حظيرة إنتاج الطاقات المتجددة للخواص عن طريق المحطات المصغرة، الاهتمام بمجال البحث والتكوين وإنشاء معاهد متخصصة مع الدعوة في الأخير إلى أهمية التفكير في صياغة قانون للطاقات المتجددة لتحديد مجالات الاستغلال والاستثمار عن طريق الشراكة، متسائلا عن سبب التركيز دائما على قانون المحروقات الحالي في ظل كل هذه التحديات المطروحة حاليا نحو الانتقال الطاقوي.
هذا وشهد اليوم الدراسي تقديم جملة من المداخلات الأخرى الهامة نشطها أساتذة باحثون منهم الأستاذ محمد عباس مدير وحدة بحث بمركز تطوير الطاقات المتجددة الذي قدم في مداخلته عرضا شاملا حول أهداف البرنامج الوطني للطاقات المتجددة الذي انطلق سنة 2011 ومجهودات الدولة في هذا المجال، معتبرا “أن سنة 2016 كانت سنة للطاقة المتجددة بامتياز بفضل قرارات رئيس الجمهورية للاهتمام أكثر بهذا القطاع الحساس عن طريق البحث والتطوير منها إنشاء 5 مراكز بحث ومنح امتيازات جبائية وتحفيزية هامة للمستثمرين الخواص من أجل المساهمة في تطوير واستغلال هذه الموارد الطبيعية التي لا تنضب”.
في حين ركز الباحث بوكساني رشيد على موضوع المنظومة التشريعية التي أحاطت بالبرنامج الوطني للطاقات المتجددة الذي تجمد سنة 2014 ثم أعيد إحياؤه بداية من سنة 2015 كخيار استراتيجي وضروري للتحول الطاقوي والاستقلال تدريجيا عن التبعية للثروة البترولية الآيلة للزوال.
وعن أهداف اليوم الدراسي، أكدت الأستاذة عرقوب نبيلة رئيسة الملتقى وعضو مخبر بحث مستقبل الاقتصاد الجزائري خارج المحروقات متحدثة لـ«الشعب” أن الموعد العلمي الذي بادرت إليه كلية العلوم الاقتصادية جاء تزامنا مع مناسبة تأميم المحروقات وهذا في محاولة للإجابة على إشكالية رئيسية تتعلق بدور الطاقات المتجددة في التنمية المستدامة في الجزائر في ظل تراجع الاحتياطات موزعة على محاور عدة منها مفهوم الطاقات المتجددة، بعض تجارب سياسات الطاقة المتجددة في العالم، دور تنويع مصادر الطاقة وترشيد الاستهلاك وأخيرا آفاق الطاقات المتجددة في الجزائر بمشاركة نخبة من الباحثين وطلبة الماستر والدكتوراه.