تعتبر مدينة تلمسان من أهم المناطق السياحية بالجهة الغربية للوطن والأكثر استقطابا للسياح سواء الجزائريين أو الأجانب، وذلك لتناسق المواقع بها وتنوعها من الحموية، الدينية، الشاطئية، الطبيعية، الجبلية، ورغم أن المدينة تحوي أكبر الشواطئ والسواحل التي تجلب بجمالها القريب قبل البعيد خلال فصل الصيف على غرار مرسى بن مهيدي وشاطئ ببدر، اللّذين تجاوزت شهرتهما الحدود الجزائرية، وكذا شاطئي سيدي يوشع وهنين التاريخيين.
لكن المدينة تحوي مواقع أكثر جمالا خلال عطل نهايات الأسبوع خلال مختلف الفصول، تتقدّمهم هضبة لالا ستي السياحية التي تجاوزت شهرتها الحدود، بالإضافة إلى مغارات بني عاد الجميلة وشلالات الوريط العالية والغابات المختلفة على غرار تزاريفت، غابة المخلد وهنين والتي تحولت الى قطب سياحي هام يستقطب السائحين.
ومع كل عطلة نهاية الأسبوع تكثر الضوضاء وتزداد الحركة باتجاه أعالي تلمسان من أجل زيارة منتجع يقع في أعالي تلمسان وفوق حي بودغن العتيق، إنّها هضبة «لالة ستي» التي تقع على ارتفاع 600 متر من مدينة تلمسان، والتي دشّنها رئيس الجمهورية في 24 أكتوبر من سنة 2008 لتكون واحدة من أهم الوجهات التي تستقطب المئات من الزائرين أسبوعيا من خلال موقعها الجغرافي الممتاز. هذه الهضبة التي أقيمت بها رافق سياحية كبيرة على غرار المنتجع والبركة المتحركة التي ضاعفت من الجمال الطبيعي للمنطقة، حيث امتزجت المناطق الاصطناعية بالغابة الجميلة التي سهرت السلطات على إقامة المقاعد الحجرية التي زادت من إقبال العائلات عليها خاصة خلال عطل نهاية الأسبوع والعطل السنوية، حيث لا تخلو الهضبة من الذين يقضون أوقات طويلة هناك خاصة في ظل تواجد كل الضروريات من خلال فتح المطاعم والمقاهي التي تقدم أشهى الأطباق، كما زاد مشروع التيليفيريك الذي يربط الهضبة بوسط المدينة بمبلغ رمزي لا يزيد عن 30 دج من قوة الاتصال، حيث لا تكاد العربات تخلو من الصاعدين والنازلين للهضبة عابرين أزقة تلمسان من الأعلى، مستمتعين بالمناظر التي تشكل لوحة تلمسان ورغم توقفه بقي أحد الرموز التي يستوجب إصلاحه، حيث أن جهود المدينة وخاصة مديريتي السياحة والنقل في ربط الهضبة بالحافلات خاصة ناقصة رغم توفير حافلات خاصة بذلك.
هذا الموقع المتميّز بمناظره الطبيعية الخلابة تقصده العائلات لقضاء العطلة ويوم بلا ضوضاء في جو عائلي حول الموائد الحجرية المهيأة على ضفاف الغابة، حيث يتواصل السمر العائلي إلى ساعات متأخرة من النهار إذ تجد الأطفال الصغار وهم يستمتعون باللعب في الوقت الذي يرافق الآباء أبناءهم للقيام بجولة على الماء في البركة المتحركة على متن الزوارق التي تسير باستعمال ‘’البيدال’’.
من جانب آخر، يختار بعض الزوار زيارة ضريح «لالا ستي» الواقع على الجهة الغربية على بعد أمتار قليلة من البرج الذي يعد أحد المعالم الخمسة التي تحتويها الهضبة لاكتشاف السر الدفين الذي تخفيه هذه المرأة الصالحة، التي يقال أنها جاءت من بغداد وهي بنت الشيخ عبد القادر الجيلاني، وعاشت بتلمسان خلال القرنين 6 و7 هجري الموافقين للقرنين 12
و13 ميلادي، وهي أصغر أخواتها واختلفت الروايات في سرد حكاياتها حيث تؤكد بعض الروايات أنها شقيقة «لالة مغنية» المدفونة بمدينة مغنية.
من جهة أخرى تزيد غابة «بتي بيردرو» المحيطة بهضبة «لالة ستي»، والتي لا تزال بها بعض مراكز الاعتقال والتعذيب الفرنسي من قيمة هذه الهضبة، ما أثار فضول السياح والزوار الذين يقصدون المكان خصيصا لمشاهدة الزنزانات التي أقامها الاستعمار في تلك الفترة، حيث يقف هؤلاء بعددها المنتشر وبآثارها التاريخية الشاهدة على جرائم الاستعمار ووحشيته في حق الشعب الجزائري. هي مشاهد وشواهد تاريخية هامة جعلت من الغابة متحفا طبيعيا مفتوحا تتزاوج فيه ما بين الجمال الطبيعي والتاريخي والاصطناعي، وحتى الرياضي والسياحي والعلمي على خلفية إقامة ملعب رياضي هناك وفندق «رنيسونس»، الذي هو أحد فروع ماريوت الذي يستقبل السواح للاستمتاع بالقهوة والجلسات الراقيه به، زيادة على المركب السياحي التابع للحظيرة الذي صار مركزا خصبا للملتقيات العلمية والثقافية ضاعفت من القيمة السياحية للهضبة، التي جمعت كل مرافق الحياة في موقع خلاب كأنّه الجنة أهداها الخالق لمدينة تلمسان.
شلالات الوريت تسحر النّاظرين
غير بعيد عن مدينة تلمسان على الجهة الشرقية وعلى جوانب الطريق الوطني رقم 07 المؤدي لولاية سيدي بلعباس عبر بلدية عين فزة تصادفك على بعد 05 كلم من مخرج المدينة الشرقي شلالات الوريت التي إحدى النحوت والألواح الفنية الطبيعية خاصة بعد عودة المياه إلى الشلالات في السنوات الأخيرة ما جعلها قطبا حقيقيا، حيث تصب المياه القادمة من سد المفروش بوادي عين فزة ما يعطيها جمالا رائقا في حين توجد بعض المغارات التي نحتها الماء المتسرب من الشلال مشكلة صواعدا ونوازل تبهر الزائرين، حيث ورغم ضيق المكان حيث لا تجد السيارات مكانا للتوقف بحكم أن الموقع يوجد في منعرج خطير إلا أن الإقبال على المكان يعرف ارتفاعا من سنة لأخرى، خاصة بعدما أقام بعض التجار مطاعم تقدم الأطباق التلمسانية على الهواء الطلق ومقابل الشلالات ما ضاعف من الإقبال خصوصا وأن أصحاب المحلات صاروا يبادرون بإقامة حفلات كل نهاية أسبوع تزيد من اكتظاظ المكان الذي صار ينافس الشواطئ والسواحل الخلابة في الصيف، خاصة وأنت تتوغل وسط برودة الطقس الرطبة التي تستقطب السواح صيفا للتمتع بالبرودة وصور الصغار، وهم يسبحون في بركة الشلال صيفا والاكتفاء بالصور شتاءا في منظر جميل زادته جسور السكة الحديدية التوأمة المنجزة من قبل صانع برج ايفل سنة 1889 جمالا، خاصة بفعل تمازج النحوث وجمالها باخضرار الغابة المحيطة بالمكان الذي خلق من زقزقة العصافير وخرير المياه موسيقى خاصة كسرت هدوء المكان وصمته.
على بعد 16 كلم شرق مدينة تلمسان وببلدية عين فزة على بعد 6 كلم من مقر المدينة، وفي ارتفاع إحدى الهضاب التي تعد امتداد طبيعيا لهضبة لالا ستي توجد مغارات بني عاد المصنفة عالميا والتي هي عبارة عن مغارة يزيد طولها عن ٥ . ١ كلم ناتجة عن الغور المائي للشلالات والأودية التي نحتت صواعد ونوازل جعلت من المكان لوحة طبيعية يعجز أكبر الفنانين على رسمها بفعل التناسق الجميل لها وأمام جمالها تكفلت بلدية عين فزة بإقامة ممرات للسواح والسماح لهم بالدخول إلى أعماق المغارات للتمتع بالجمال الخلاب وسط درجة حرارة منخفضة جدا، حيث أنّ أغلب من يقصدوها شتاء يتمتعون بلباس ثقيل خاصة وأن المغارات تحافظ على درجة حرارة لا تزيد عن 13 درجة في كل الفصول، مشكلة برودة حتى خلال فصل الصيف، وهو ما جعل المكان أكثر استقطابا للزوار، وينافس كبريات الشواطئ والسواحل الخلابة على غرار مرسى بن مهيدي الذي يعد رائد السواحل جمالا على المستوى الوطني بفعل امتزاج زرقة البحر بالحدود الغربية، حيث تلتقي الأعلام الجزائرية بالرايات المغربية، لكن هذه المغارة لها نوع خاص من السواح على غرار المغتربين وسكان الصحراء، الذين يزيد الزائر للمغارة عن 2000 شخص يوميا خلال نهاية الأسبوع، وهو ما شجع بعض المستثمرين على إقامة محلات لبيع الأطعمة والشاي وبعض المنتجات التقليدية التي يتوافد عليها السواح، في حين تزيد شساعة أماكن التوقف ومركز لعب الأطفال من اقبال السواح خاصة خلال أيام الجمعة والسبت.
غابات المخلد وهنين مركزا لجلسات الشواء
في أقصى المناطق الشمالية لولاية تلمسان وامتدادا لزرقه البحر تزخر المنطقة بغابات خلابة تعتد متنفس للعائلات خلال عطل نهاية الأسبوع، إنّها غابات المخلد وهنين وتمتد الى غاية مرسى أولاد صالح غرب ميناء هنين التاريخي التي تعرف اقبالا كبيرا للعائلات من أجل التمتع باخضرار الغابات التي امتدت لزرقه البحر الملون بالامواج البيضاء التي شكلت لوحة فنية رائعة زادتها جلسات الشاء جمالا ورونقا تنسي هموم عمل الأسبوع، وبالغزوات تفضل العائلات قضاء يوم العطلة بمكان خلف ميناء الصيد أنها الجهة المقابلة للميناء التي تعتبر موقعا سياحيا كبيرا يعرف لدى سكان المنطقة بكاسرة الأمواج أو «بريزلام»، هذا المكان الذي يقصده يوميا العديد المواطنين من مختلف الأعمار خاصة خلال فترة العطل، حيث يعرف حركة نشيطة ودؤوبة نهارا من أجل التمتع بشراء السمك وتناول وجبات لذيدة من مختلف أنواع الأسماك على رأسها السردين المعروف لدى سكان المنطقة «بالشواية». وتستمر كثافة الوافدين إلى غاية بداية ظهور ظلمة الليل، حيث تتشكل صورة رائعة للغروب الذي يجمع ما بين واجهة المدينة المتلألئة الأضواء التي تعكسها زرقة البحر، وكذا شساعة مياه البحر التي تزينها الصخرتين الأختين التوأم بمدخل الميناء المعروفة محليا بـ «دوفرار».
هذا المكان الذي تحوّل إلى أهم منتزه يستقطب عديد الأشخاص تضاف اليه هضبة لالا غزوانة التي يقصدها العيد من السواح. إنّها الهضبة التوأم للالا ستي وتمتاز عنها بالإطلال على البحر من جهة وعلى مدينة الغزوات من جهة ثانية وعلى غابات خلابة بالجهة الشرقية، ما جعلها إحدى الجواهر الجميلة الأكثر استقطابا للسواح خلال العطل.