طرحت الدكتورة فايزة خمقاني في مداخلتها خلال فعاليات الملتقى الدولي لتحليل الخطاب الذي نظّم مؤخرا بجامعة ورقلة حول الخطاب التفاعلي وأزمة التلقي، زاوية جديدة لدراسة خطاب النص التفاعلي، حيث ركّزت على دراسة اضطراب تلقي العلامات غير اللغوية في الشعر التفاعلي. وذكرت الباحثة المهتمة بدراسة الشعر التفاعلي أن نص هذا الأخير مختلف عن الشعر الورقي الخطي سواء على مستوى البناء والرؤية أو الخيارات الجمالية، موضحة أنه وعبر طرحه في الشبكة يتم تلقيه بشكل مختلف عن الشعر الورقي الخطي، نظرا لحمولة الشعر التفاعلي متعددة الوسائط ومختلفة الأشكال، ولكونه يجمع اللغة بالصورة والصوت والحركة وهي خصائص تجعل المتلقي في حاجة إلى ترسانة فنية كي يتمكّن من فك شفرة النص الشعري التفاعلي.
وبذلك يتجاوز الشعر التفاعلي حسبها البعد الخطي للغة، ليستقبل الصورة والصوت والعلامات غير اللغوية التي تسهم في دعم النص اللغوي بل تتجاوزه إيحائيا لتؤسس لذاتها نصا موازيا لا يقل أهمية وقوة تأثيرية على النص اللغوي، وحاولت الأستاذة فايزة خمقاني من خلال هذه الدراسة تتبّع العلامات غير اللغوية في الشعر التفاعلي عبر عيّنات عربية مختلفة، كما اهتمت بدراسة عملية التلقي المباشرة والحية من خلال التفاعل المباشر مع هذه النصوص عبر متلقّين حقيقيين، للبحث في الاضطراب الحاصل في عملية التلقي.
التّأسيس لقرّاء من نوع خاص وتعويدهم على طرائق معيّنة
وذلك باعتبار النص حسبها يحمل علامات غير لغوية، ونجد المتلقي يستقبلها في إطارها غير اللغوي مما يدفعه لقراءة مختلفة للنص الشعري اللغوي، فتكون بشكل منفصل وهو ما يؤثر على جمالية النص بشكل عام، بينما يُفترض أن يتم التلقي وفق كتلة واحدة غير مفصولة الجوانب اللغوية وغير اللغوية، فالمتلقي في العادة يتلقى النص بشكل منفصل مما يجعل الجمالية تتجزأ، من هنا انطلقت في البحث عن آليات توجه المتلقي نحو العلامات غير اللغوية في الشعر التفاعلي على أنها جزء مهم ومناصف للجوانب اللغوية في النص ولا يقوم إلا من خلال اتحادها باللغة، ويفقد عنصر التفاعلية بعزلها.
هذا وقدّمت من خلال هذه الدراسة تجارب حية لنصوص شعرية تفاعلية تحاول التأسيس لقراء من نوع خاص، وتعويدهم على طرائق معيّنة من تلقي النص الشعري التفاعلي من أجل صناعة جيل من المتلقين يحمل قيما جمالية مختلفة تتوافق مع طرح النص الشعري التفاعلي.