طباعة هذه الصفحة

قـــوة السينمــا

بقلم: أمينة دباش
17 فيفري 2018

الأفلام القليلة التي تناولت الثورة التحريرية المظفرة ساهمت بقسط وافر في التعريف بشهدائها والكفاح المرير الذي خاضه الشعب الجزائري ضد أكبر القوى الاستعمارية آنذاك.
حوالي 40 ألف ساعة سجلت من الشهادات على الثورة خلال عقدين، تحتاج إلى غربلة وكتابة لتقدم للمخرجين كي تحول إلى أفلام.
من المؤسف ملاحظة أنه عندنا في مجال الكتابة لم ينشر إلا مؤلف واحد، تناول حياة البطل كريم بلقاسم سنة 1974 وآخر خاص بالعقيد لطفي رحمهما الله وأسكنهما فسيح جنانه؛ في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية عرفت إنجاز ما لا يقل عن 120 رسالة جامعية حول الثورة الجزائرية.
قطاعا الثقافة والمجاهدين يعملان ما في وسعهما للتعريف بثورة نوفمبر المجيدة، لكن هناك من يعتبر أن الزمن تجاوز الأفلام الثورية رغم أن عددها لم يتخط 20 فيلما خلال 50 سنة الماضية؛ في حين يبلغ عدد الأفلام التي تحكي عن نابليون مثلا 93 فيلما.
ماذا نعرف عن الحركة الوطنية، عن المنظمة السرية، عن مجموعة 22، عن اجتماع الستة، عن ... وعن.. إلخ؟؟
ما زاد الطين بلة قرارات الجيش الفرنسي للاحتفاظ بأرشيفنا وتحديد مدة زمنية لتسليمه، تبلغ 60 عاما وقد تتجاوز ذلك بكثير لتصل إلى 200 سنة.
الترويج للثورة تقرر أثناء مؤتمر الصومام، ما أدى إلى التفطن لضرورة الاهتمام بالفن السابع منذ ذلك الحين إلى ما بعد الاستقلال، والنتيجة تتويج أفلام جزائرية في أكبر المهرجانات كسنين الجمر للمخرج لخضر حمينة ـ السعفة الذهبية كان 1975 ـ والفيلم التسجيلي فجر المعذبين للمخرج أحمد راشدي ـ مهرجان كارلو فيفاري 1965.
للسينما قدرة على ترسيخ التاريخ لدى الجماهير لأنها تحاول استنساخه لتقدمه في مشاهد حية بالصوت والصورة: فيلم معركة الجزائر الذي حقق نجاحا باهرا في الداخل والخارج ولا زال يروج إلى يومنا هذا، جعل العالم كله يعرف من هو علي لبوانت. لكن من يعرف الشهيدة مريم بوعتورة؟ التي استشهدت في نفس الظروف تقريبا، حيث حطم البيت الذي كان يأويها هي ورفيقها في السلاح بمدينة قسنطينة، بعد قصفه وتفجيره، كما أن القليل من الجزائريين يعرفون أنها كانت ضابطا ساميا في جيش التحرير الوطني برتبة مقدم.   
التكريمات والاحتفالات تمر مثل اليوم العالمي للمرأة ولم ينفذ أي مشروع يُعرّف بهذه القامة.
ختاما يمكن القول إننا فعلا لا نملك صناعة سينمائية لكن ورغم الأزمة المالية والظرف الراهن فهناك مجهودات لا يستهان بها تبذل لتحريك الراكد في هذا المشهد كتخصيص مهرجان دولي للفيلم العربي أصبح تقليدا وسيعرف هذه السنة طبعته الحادية عشرة في مدينة وهران، نأمل أن يزداد نجاحا وأن تكون أضواؤه هذه المرة أكثر إشعاعا على  درب التمكين لصناعة سينمائية تؤرخ لماضينا وتنقل حاضرنا إلى الأجيال القادمة.