طباعة هذه الصفحة

كلمة العدد

تعاون منقوص

حمزة محصول
13 فيفري 2018

في النيجر، يأخذ رقم عدد القواعد العسكرية الأجنبية منحنى تصاعديا، فبعد قاعدة فرنسا بمطار نيامي وقاعدة الولايات المتحدة الأمريكية للطائرات المسيرة عن بعد (درونز)، أعلنت إيطاليا عن نيّتها في إرسال بعثة عسكرية بـ 450 جندي.
والنقاش الدائر في هذه الدولة التابعة لمنطقة الساحل الإفريقي، منقسم بين مؤيد للاستنجاد بالشركاء الأجانب لمواجهة التهديدات الإرهابية ومساعدة الدول المجاورة على استعادة الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب، وبين رافض لهذا التواجد غير الواضح من الناحية القانونية والمجهول من ناحية الدوافع.
ومعروف أن الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا وبفرنسا تسعى منذ سنوات طويلة لتثبيت قدم عسكرية في بلدان المنطقة، بذريعة مكافحة الإرهاب والمساعدة على صناعة الأمن والسلم في إفريقيا.
وبالتغاضي عن التأييد والمعارضة لبناء هذه القواعد العسكرية الأجنبية في النيجر أو غيرها من دول الساحل وإفريقيا يطرح سؤال لا يمكن تجاوزه، والمتمثل في النجاعة العملياتية لتواجد هذه القوات.
فقد تعرّضت مالي والنيجر وبوركينافاسو لعدّة هجمات إرهابية، جرى التحضير لها بشكل دقيق ومسبق مخلّفة مئات القتلى من المدنيّين والمجنّدين، ولا تملك جيوش المنطقة القدرة اللازمة لرد الفعل.
الحضور الميداني للقوات الأجنبية في المنطقة، يعتمد على وسائل تقنية جد متطورة مثل الاقمار الصناعية وطائرات دون طيار إلى جانب التنصت على المكالمات، وهو أسلوب تنتهجه البلدان المتطورة لتفادي الخسائر البشرية على الأرض.
هذه الاستراتيجية، تعطيها أسبقية فارقة في رصد تحركات الجماعات الإرهابية ورصد المعلومات الكافية عن أنشطتها التي تخطط لها.
لكن، من خلال الهجمات الدموية التي ترتكب في كل مرة، يظهر أن القواعد الأجنبية لا تتقاسم المعلومات الحسّاسة مع جيوش المنطقة، وقد تفعل ولكن ليس بالشكل اللازم، ما يجعل من التعاون العسكري الثنائي والاستراتيجي غير مكتمل الأركان.
صحيح أنّه لا توجد دولة في العالم تتقاسم معلومات استخباراتية في غاية الأهمية مع دولة أخرى بكل أريحية، بحكم طبيعة المهام والتقاليد الحربية، لكن الهشاشة الأمنية لدول الميدان تفرض على الشركاء الغربيين تعاونا أكبر لتأكيد حسن نيّتها من جهة، ومجابهة الإرهاب بشكل جاد من جهة اخرى.
ولا يكفي تشكيل قوة 5 ساحل، لتقوم بعمليات قتالية على الأرض، بينما يدخل الجنود الغربيون إلى الثكنات ومتابعة مجريات المعارك أمام الشاشات العملاقة لصور الأقمار الصّناعية.