دعت وزيرة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية والتكنولوجيات والرقمنة إيمان هدى فرعون، أمس، بالعاصمة، إلى ضرورة بذل مزيد من الجهود من قبل الدول العربية من أجل «ترقية النفاذ الشامل للتكنولوجيات الحديثة وتقليص الفجوة الرقمية وبالتالي تجسيد أهداف التنمية المستدامة».
خلال افتتاح أشغال المنتدى الإقليمي للتنمية للبلدان العربية حول التكنولوجيات الحديثة، قالت فرعون، في كلمة قرأها نيابة عنها الأمين العام للوزارة، فؤاد بلقسام: «إننا اليوم مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالعمل من أجل ترقية النفاذ الشامل الآمن والميسور التكلفة للجميع، لكل وسائل التكنولوجيات الحديثة، توسيع الابتكارات وتبادل الخبرات من أجل تقليص الهوة الرقمية».
واعتبرت في ذات السياق، أن الاستجابة لطموحات شعوب المنطقة في توظيف الوسائل التي تتيحها تكنولوجيات الإعلام والاتصال «تشكل تحديا ينبغي أن يندرج في سياق العمل من أجل تحقيق وتجسيد أهداف التنمية المستدامة»، مضيفة أن هذا الهدف «لن يتحقق إلا بمبادرات إقليمية تحدد أولويات المنطقة العربية في قطاع تنمية الاتصالات».
وأضافت بهذا الخصوص، أنه «بالرغم من كل ما تحقق من إنجازات، فإنه ينبغي الاعتراف ان تحقيق مبتغى تقليص الفجوة الرقمية لايزال بعيد المنال» وأنه «يتعين علينا جميعا بذل مزيد من الجهود الاضافية ضمن هذا المسعى، خاصة مع التطور المتسارع للتكنولوجيات، على غرار أنترنت الاشياء والجيل الخامس والمعطيات الضخمة».
وبحسب وزيرة القطاع، فإنه «لا ينبغي الإنفاق من أجل نشر المنشآت ذات التدفق العالي فحسب، وإنما أيضا تهيئة الظروف لتملك الأجيال الجديدة لهذه التكنولوجيات التي تشكل في حد ذاته أهم مشاريع التنمية في منطقتنا والتي تستدعي منا تبني رؤية استراتيجية منسجمة ومتناسقة وتعاونا بناء لصالح الجميع على الصعيد الاقليمي».
وبعد تذكيرها بأن هذه المسائل تندرج في إطار «تجسيد القرارات المصادق عليها خلال المؤتمر العالمي لتنمية الاتصالات المنعقد سنة 2017 بالأرجنتين»، أكدت الوزيرة أن تحقيق هذه الأهداف «يتطلب خاصة تشجيع الخبرات وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في التكوين الرقمي وإعداد نصوص رقمية في التطبيقات».
وتطرقت فرعون بالمناسبة، الى «الآفاق التي تصبو إليها الجزائر في إطار سياسة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، التي تضع الاهتمام للفرق كأحد أهم أبعادها حيث أولت عناية خاصة لترقية ونشر استعمال التكنولوجيات الحديثة الرقمية للجميع عبر كل الوطن».
وذكرت في هذا الإطار بـ «الجهود التي تبذلها الجزائر في هذا المجال كوضع المنشآت الأساسية للاتصال في متناول المواطن لتسهيل حياته اليومية والنفاذ الآلي للخدمات على الخط»، مشيرة في هذا الصدد الى مشروع الخطين البحريين اللذين يستكمل إنجازهما، مما سيسمح - كما قالت - بـ «تأمين وضمان تدفق عال للأنترنت لكافة المستخدمين وعبر كامل التراب الوطني».
كما تعمل الجزائر إقليميا، بحكم موقعها الاستراتيجي - تستطرد الوزيرة - على «التوصيل من البلدان، اعتمادا على مختلف وسائل الربط بالألياف البصرية العابرة للصحراء وكذا الأقمار الاصطناعية، على غرار ألكوم سات-1 الذي سيساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة السكان، سيما في المناطق المعزولة».
المشاركون يرافعون لتوسيع استعمال التكنولوجيات للحد من التغيرات المناخية
أخذت مسألة ضرورة تعزيز وتوسيع استعمال تكنولوجيات الاتصال الحديثة في البلدان العربية حيزا واسعا من تدخلات المشاركين في المنتدى الإقليمي للتنمية للبلدان العربية، الذي تحتضنه الجزائر منذ، أمس، وهذا بالنظر إلى دورها الكبير وتأثيرها المتزايد في الحياة الاقتصادية والاجتماعية سيما في التحكم في التغيرات المناخية.
وفي هذا الاطار، أكد المختص في المناخ، الدكتور كيث ديكرسون، أن تغير المناخ والكوارث الطبيعية لهما أثار شديدة على البيئة وأن تأثير الأنشطة البشرية على البيئة تثير قلقا كبيرا، مما تطلب من الدول المتقدمة في البحث عن طرق حديثة للتحكم والتقليص من هذه الآثار السلبية عبر التقنيات التي توفرها تكنولوجيات الاتصال.
واعتبر في الشأن، أن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات «توفر فرصا جديدة للتخفيف من تغير المناخ والتكيف معه»، لكونها تساعد في رصد وتحليل تغير المناخ على المديين القصير والطويل.
وبالنظر الى هذا، دعا المختص في المناخ كل دول العالم العربي إلى تبادل الخبرات واكتساب الأدوات والآليات اللازمة لتوسيع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لحماية البيئة والحد من انبعاثات الكربون لتقليص أثارها السلبية على البيئة والمواطن.
أما مدير المكتب الدولي للاتصالات ابراهيما سانو، فقد أبرز في تدخله الدور المتزايد والمتسارع لتكنولوجيات الاعلام والاتصال في إرساء أنظمة اقتصادية قوية، في تحسين المستوى المعيشي للمواطنين وكذا في التحكم في التغيرات المناخية.
كما شدد ممثل المكتب الدولي على ضرورة توسيع استعمال التكنولوجيات الحديثة ومسايرة الدول العربية لآخر التطورات في هذا المجال للحد من الفجوة الرقمية عبر تجسيد مبادرات عربية وإقليمية لتشجيع الابتكار وريادة الأعمال، تبني أحدث التكنولوجيات على غرار النظام المالي الرقمي، أنترنت الاشياء، انشاء المدن الذكية.
وأشار في هذا الاطار الى أن هذه الاقتراحات كانت من أهم التوصيات التي خرج بها المشاركون في المؤتمر العالمي لتنمية الاتصالات المنعقد السنة الماضية ببيونس أيرس (الارجنتين)، مضيفا في نفس الإطار أنه تم خلال المؤتمر المذكور اقتراح تخصيص «غلاف مالي يقدر بـ30 مليون دولار» لمساعدة الدول العربية على تجسيد هذه المبادرات. كما سيتم اقتراح وثيقة، خلال هذا المنتدى، لتقديمها في أشغال مجلس الاتحاد الدولي للاتصالات الذي سينعقد في أفريل المقبل، لتنفيذ تخصيص هذه الميزانية.
كما تم أثناء جلسة المناقشات أيضا، تسليط الضوء على ضرورة مكافحة تغير المناخ من خلال تشجيع إبرام شراكات بين القطاعين العام والخاص لتطوير تكنولوجيات أكثر كفاءة في استخدام الطاقة كالطاقات المتجددة والطاقة الشمسية.
واعتبروا أن «التكنولوجيات الجديدة يجب أن تمهد الطريق لجيل جديد من المنتجات التي يكون توازن الطاقة فيها أقل ضررا لتجنب النزوح وتحسين كفاءة توزيع السلع مع توفير الوقود».