لا يزال النشاط الجمعوي في الجزائر وترقيته في الميدان يشكّل احدى القضايا التي تحتل الواجهة، نظرا لكون الجمعيات تعد احدى أبرز مؤسسات المجتمع المدني التي يبقى دورها داعما لظهور العديد من النشاطات نظرا للأهمية التي تكتسي طابع هذا النشاط القائم على التطوع بالأساس، ويبقى مع ذلك النشاط الجمعوي مرتبطا ارتباطا كليا بمدى مطابقته أرض الواقع وقوة تأثيرها، من جهة أخرى تؤكّد العديد منها على أهمية تحديد مخطط تقييمي واضح لدور الجمعيات وتكييفه مع الدعم المقدم لها.
في هذه النقطة تحديدا يعتبر الدكتور رضوان شافو أنه بقدر ما تلعب مختلف الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني الحركة دورا فاعلا في التنمية السوسيو- اقتصادية والثقافية، إذ تعد محركا أساسيا في التنمية المستدامة، إلا أن ما نلاحظه على أرض الواقع يختلف تماما عن المهمة الأساسية والدور المنوط الذي جاءت من أجله الحركة الجمعوية، وهذا ما تؤكده الإحصائيات الأخيرة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية، حيث توجد أكثر من 100 ألف جمعية تجمع ما بين الوطنية والمحلية، غير أن نشاطها قليل مقارنة بعددها الكبير.
وأوضح الدكتور شافو أن الحركة الجمعوية في الدول الغربية وبما تؤدّيه عمليا فيما يتعلق بالتنمية المجتمعية، ومن خلال مقارنتها مع الحركة الجمعوية في الجزائر نجدها قد أحدثت تفاعلا اجتماعيا، وساهمت بشكل أساسي في مختلف القرارات التي تتخذها في خدمة المجتمع المدني، لكن في الجزائر فمختلف الجمعيات الممثلة للمجتمع المدني لم تحدث تفاعلا اجتماعيا حقيقيا يساهم عمليا في خدمة المجتمع الجزائري.
ويعود ذلك إلى مجموعة من الأسباب، منها ارتباط أفراد الحركة الجمعوية بتوجهات أيديولوجية وحزبية ودينية ممّا يؤدّي إلى بروز النزعة الفردية، ومن ثمة يخلق ثغرات للاختلاف في الرأي حول الكثير من القضايا التي تخدم المجتمع، وبالتالي يضعف تأثيرها على مستوى التغيير الاجتماعي، هذا من جهة بالإضافة إلى تغليب بعض أفراد الحركة الجمعوية للمصلحة الشخصية على المصلحة العامة، فبمجرد تحقيق المصلحة الخاصة لكل فرد من أفراد الحركة الجمعية تدخل هذه الأخيرة في الموت البطيء لمختلف نشاطاتها بشكل تدريجي، أيضا غياب روح التضحية والتعاون وزمام المبادرة وثقافة التطوع، والإيمان بأن العمل الجمعوي هو عمل إنساني، فضلا عن ضعف الإمكانيات المادية والمالية التي ترهن النشاط الجمعوي، فمعظم الجمعيات تعتمد على إمكانياتها المالية الشخصية، وتتسول لدى الجهات الوصية لتستفيد من منحة 3 في المائة التي تقدمها البلديات للجمعيات الفاعلة والناشطة، زيادة على ذلك فإن النشاط الجمعوي مرهون بمستوى العلاقات الاجتماعية للأفراد مع مؤسسات الدولة المحلية، وفي حالة غياب هذه العلاقة تصطدم الحركة الجمعوية ببيروقراطية الإدارة المحلية، سواء عن قصد أو بغير قصد، ويبقى غياب الاحترافية في التسيير الإداري والتنظيم الجمعوي وغياب برنامج رسمي سنوي للنشاط الجمعوي قابل للتطبيق، الأمر الذي ينتج عنه مبادرات شعبوية قد تؤثر سلبا في التغيير الاجتماعي.
وبذلك اختتم نفس المتحدث حديثه بالتأكيد على أن الحركة الجمعوية إذا أرادت إحداث تفاعل اجتماعيا سعيا منها لخدمة المجتمع المدني عليها تجاوز كل هذه الأسباب والمعوقات حتى تضمن نجاحا لأهدافها التي حدّدت في بيانات تأسيسها.