يعتبر الإعلام والصّناعات الثقافية من المجالات التي استفادت من تشريعات كثيرة ومهمة في السنوات القليلة الماضية من أجل تدارك النقص في هذا المجال، وكذا تمكين الاقتصاد الوطني والسّاحة الثّقافية والإعلامية من أرضية مرنة لجلب الكفاءات وخلق الثروة، والرقي بالصناعات الثقافية والاعلام إلى مستوى التطلعات بعيدا عن الخلفيات السلبية التي لطالما وجّهت القطاعين إلى أدوار بعيدة عن الأهداف التي أنشئت من أجلها، وجعلتها بلدا يستورد تقريبا كل شيء بما فيها القيم.
ويحدث هذا في ظل الاهتمام المتزايد الذي يشهده العالم بالصناعات الثقافية من خلال ضخ المزيد من الاستثمارات والاستنجاد بأحسن الكفاءات البشرية لما لها من دور في تسويق مختلف المضامين أو السلع الثقافية التي فيها إبداع وأفكار يمكن أن تسجّل على مستويات دواوين الملكية الفكرية وحقوق التأليف والحقوق المجاورة
بحسب المعايير العالمية فإنّ الأدب والمسرح والسينما والغناء والتصوير وألعاب الفيديو والنشر والتوزيع والصحافة والإعلام والفنون الجميلة وفنون العرض والتراث الثقافي والطبيعي والعروض والاحتفالات وخدمات التصميم والابتكارات تدخل كلها في حيز الصناعة الثقافية، حيث هذه الصناعات تمتاز بكونها أعمالا إبداعية وأصلية بالدرجة الأولى، أو بالمختصر المفيد هي كل السلع الثقافية التي تنتهي بعلامة «الحقوق محفوظة».
وكشف موقع «مركز أنباء الأمم المتحدة» على شبكة الأنترنت نقلا عن منظمة اليونسكو في نوفمبر 2017، أن التجارة العالمية للسلع والخدمات الإبداعية حققت رقما قياسيا يبلغ 624 مليار دولار أمريكي في عام 2011، وازدادت أكثر من الضعف بين عامي 2002 و2011، وأكّدت اليونيسكو أنّ الاقتصاد الإبداعي أوجد الوظائف ويسهم في الرخاء الشامل للمجتمعات وفي تعزيز احترام الأفراد لذاتهم وفي تحسين نوعية حياتهم، وبالتالي في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وشدّدت على «ضرورة أن يقر المجتمع الدولي بأهمية وقوة القطاع الثقافي والابداعي بوصفهما محركين أساسيين للتنمية».
أما عن الجزائر فقد حاولت القيام بنهضة في مجال الصناعات الثقافية في سنوات السبعينات من خلال ازدهار الإنتاج السينمائي والمسرحي بفعل الاستثمار في المؤسسات الثقافية، وإرسال العديد من المخرجين والفنانين إلى الخارج للتكوين وخاصة إلى الاتحاد السوفياتي، ودول أوروبا الشرقية وحتى فرنسا، وهو ما جعل السينما الجزائرية تدخل العالمية وكانت أول دولة عربية تتمكن من التتويج بالسعفة الذهبية في مهرجان «كان »الفرنسي في 1974 من خلال فيلم «وقائع سنين الجمر للأخضر حمينة»، كما نالت العديد من الأفلام الأخرى تتويجات عالمية كفيلم «معركة الجزائر»، كما برز الكثير من الأدباء على غرار كاتب ياسين ومولود معمري، مالك حداد وآسيا جبار، وفنانين دخلوا العالمية على غرار إيدير، والرّاحلين عنّا الهاشمي قروابي، الحاج محمد العنقى، دحمان الحراشي وأحمد وهبي والكثير من الذين صالوا وجالوا في كبرى المحافل العالمية، والذين بصموا على الفن والتراث الجزائري بأحرف من ذهب وكانوا وراء التعريف به، وحتى إقناع اليونسكو بتسحيل الكثير من الفنون الجزائرية كتراث عالمي يجب حمايته.
وبين التشريعات والواقع تبقى الصّناعات الثّقافية والإعلام الثقافي في الجزائر بحاجة إلى اهتمام أكبر خاصة على مستوى المضامين التي تنتجها مختلف المؤسسات المهتمة بالصناعات الثقافية. كما أنّ الهيمنة الثقافية الغربية ولجوء معظم الجزائريين للصناعات الثقافية الغربية، وبروز موجة هجرة جماعية للفنانين الجزائريين نحو الخارج، وخاصة فرنسا من أجل تطوير أدائهم وحماية حقوقهم يبقى التفكير في إرساء دعامة صناعة ثقافية متكاملة أمر مهم للغاية مع ضرورة تطوير التشريعات والقوانين التي تمنح التسهيلات والتحفيزات لقطاع يمكن أن يساهم كثيرا في الحفاظ على الهوية والتعريف بها وتعزيز التنمية المستدامة.
ويربط الكثيرون تطور الصناعات الثقافية بالكثير من العوامل وأهمها الكثافة السكانية، ذلك أن وسائل الإعلام الجماهيري ذات تكلفة باهظة، وتشغيل تلك الوسائل بفاعلية يحتاج إلى كثافة سكانية يمكنها أن «تستهلك» نتاج الوسائل الإعلامية، وقاعدة علمية وثقافية في المجتمع بحيث يكون بإمكانها إنتاج المعلومات وتوزيعها واستهلاكها.
الصّحافة والإعلام...
ضرورة التّفكير في التّصدير والاستثمار؟
أثرت الفوضى التي عاشتها الجزائر بعد الاستقلال على بروز الصحافة أو الإعلام كصناعة ثقافية يمكن أن تقدّم قيما مضافة للمجتمع والثقافة والاقتصاد وتطوير مستوى معيشة الجزائريين من خلال صناعة مضامين تراعي تطورات وانشغالات المجتمع، وتميزت الفترة بين 1962 و1965 بانعدام قوانين خاصة بالصحافة مع إصدار بعض المراسيم التشريعية الخاصة بمختلف المؤسسات الإعلامية والثقافية على غرار الإذاعة والتلفزيون والمسرح ووكالة الأنباء الجزائرية، وبدلا من أن تجعلها مؤسسات للتنوير وخلق الثروة أممتها وأخذتها على عاتقها كعبء تصرف عليه الملايير لحرمانها من القيام بدورها على أكمل وجه.
وبعد سنوات من الاستقلال تواصلت معاناة قطاعات الثقافة والإعلام ولم يتم تحريك المشهد الثقافي، وقد استفادت الساحة الإعلامية الجزائرية من بعض الحرية في إصدار الصحف في ظل غياب سياسة، وقانون جزائري واضح في تسيير الصحافة المكتوبة، وعليه فالساحة الإعلامية بين سنة 1962 و1963 قد شهدت صدور 11 صحيفة منها 6 يوميات (الشعب 1962،الجمهورية 1963، النصر 1963، وكانت قوية خاصة في عدد السحب الإجمالي، حيث وصلت إلى 300 ألف نسخة تقريبا كلها باللغة الفرنسية».
وتمّت بذلك جزأرة الصّحافة ولم تلغ الملكية الخاصة، غير أن الدولة آنذآك كانت تفكر في الكيفية التي تمكنها من الهيمنة على الصحافة المكتوبة حتى تصبح تابعة للسلطة، مثلما فعلته مع الإذاعة والتلفزيون بإصدار المرسوم (1 أوت 1963) الذي يعتبرها مؤسسة عمومية تابعة للدولة ذات طابع تجاري وصناعي، وأعطيت لها صلاحيات الاحتكار في النشر الإذاعي والتلفزي.
أما مرسوم 8 جانفي 1963 فيعتبر وكالة الأنباء مؤسسة عمومية تابعة للدولة ولها طابع تجاري وصناعي، وأعطى لها مرسوم آخر مؤرخ في 30 سبتمبر 1964 صلاحية احتكار النشر.
وتميزت المضامين الإعلامية بالجانب الدعائي، حيث ركّز على سلسلة التأميمات ونشاط الرئيس والحكومة بينما أهملت مختلف القضايا الاجتماعية والثقافية، وهو ما جعل الكثيرين يطالبون بضرورة تنظيم قطاعي الصحافة والإعلام، وقد كان لوزير الإعلام آنذاك محمد الصديق بن يحيى (1966 / 1970) المتوفى في حادث طائرة رهيب في 3 جوان 1982 بين الحدود التركية الإيرانية اثر إسقاط طائرته دور كبير في «استحداث أول قانون للمؤسسات الصحفية في 1967 بعد مشاورات واسعة مع بعض المثقفين ككاتب ياسين، ومولود معمري، كما صدر قانون أخر سنة 1968 متعلق بتنظيم مهنة الصحفي».
وعلى العموم تميّزت النّصوص التّشريعية في مرحلة الستينات والسبعينات بالتناقض والغموض في ظل تردّد السّلطة السياسية في فتح مجال الحريات خاصة الإعلامية لتخوفها من كشف عيوبها وتجاوزاتها.
و»عرفت نفس الفترة التي انتعش فيها قطاع الإعلام توحيد الشبكة التلفزيونية في 1970، وتنظيم ملتقى حول الثقافة في 1968 لإخراجها من الركود والتخلف، وقد توّجت تلك النهضة بتنظيم المهرجان الإفريقي في 1968، وكانت نفس الشخصية وراء مشروعين كبيرين هما إنشاء مركز الفنون التصويرية بالرغاية، الذي شرع في إنجازه عام 1973 وتمّ تدشينه في 1979 أما المشروع الثاني فيتمثّل في إنشاء دار للصحافة».
وتواصلت الأمور على ما هي عليه حتى صدور دستور 1976، الذي أغرق الصحافة المكتوبة الوطنية، حيث «ربط المفاهيم المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية بالنظام والتوجه الاشتراكي، كما أنه استمد جل مواده من ميثاق 1976الذي اعتبر الإعلام من مكونات السيادة الوطنية».
وتوّجت مسيرة الصحافة الوطنية بعد الاستقلال بأول قانون شامل وجامع لأسرة الإعلام في 6 فبراير 1982، وتضمن 3 فصول و128 مادة، وقد شمل القانون في مبادئه العامة وفي المادة الأولى «الإعلام قطاع من قطاعات السيادة الوطنية»، وهي نية صريحة من السلطات لإبقاء الإعلام حكرا على الدولة وعدم فتحه على الخواص.
وأصدرت السلطات أول دستور تعددي في 23 / 02 / 1989، نصّ على التعددية السياسية، وحرية إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي في المادة 40، كما تضمّنت المادة 39 «حريات التعبير وإنشاء الجمعيات والاجتماع مضمونة للمواطن».
وانبثق عن الدستور أول قانون تعددي للإعلام 90 - 07، والذي تم اعتباره شهادة ميلاد الصحافة المكتوبة «الخاصة» أو «المستقلة» أو «التي يقال عنها مستقلة»، وكان انطلاقة جديدة في تاريخ الصحافة المكتوبة الجزائرية، فأصبح إصدار الصحف حرا من غير قيود والمشرع الجزائري بهذه النظرة والتعامل رسم تراجع الدولة عن احتكار ميدان إصدار الصحف، فلم يعد ذلك حكرا عليها كما كان الأمر في قانون 82 / 01 المؤرخ في 06 فيفري 1982.
وتواصلت عملية تحيين وتطوير التشريعات الخاصة بالإعلام، حيث أصدرت السلطات قانون إعلام 12 / 05 كواحد من 5 قوانين إصلاحات مستعجلة،ونص في المادة 2 على ضرورة احترام الهوية الوطنية والتراث والقيم الاجتماعية والعمل على ترقية الثقافة الوطنية.
ودخل رسميا القانون الخاص بالنشاط السمعي البصري الذي صادق عليه البرلمان نهاية شهر جانفي 2014 حيز التنفيذ في 26 مارس 2014 بعد صدوره في العدد 16 من الجريدة الرسمية، لتصبح القنوات التلفزيونية الخاصة، والتي كان عددها 10 قنوات والتي تبث من الخارج مطالبة بمطابقة نشاطها مع التشريع الخاص الذي ينظم نشاط السمعي البصري. ويتخوّف الكثيرون من أن تصبح القنوات التلفزيونية عبئا جديدا على الاقتصاد الوطني من خلال لجوئها لاستيراد الأفلام والمسلسلات لتقديم مضامين في مستوى تطلعات المشاهدين خاصة في ظل المنافسة الشرسة للقنوات الفضائية العربية والغربية.
وانتقل عدد العناوين الصحفية من 6 يوميات قبل سنة 1990 إلى حوالي 143 يومية، وارتفع عدد القراء من مليون قارئ إلى 13 مليون قارئ. وتطور عدد الصحافيين من 1500 صحافي إلى أزيد من 000 4 صحفي والمطابع من 3 إلى 14 مطبعة منها شركة الطباعة بالجزائر .
الإشهار والتوزيع..
ما عدا الاستثمارات العمومية القطاع الخاص شبه غائب
يعتبر الإشهار والتوزيع من أهم المجالات التي يمكن أن تمنح الصناعات الثقافية رواجا وانتشارا واسعا من خلال قدرتها على إيصال الصناعات الثقافية إلى أوسع نطاق، وإيجاد الفضاءات اللازمة لعرض تلك الصناعات.
وفي ظل ضخامة الاستثمارات في هذا الجانب ودور الإشهار والتوزيع المهمين عملت السلطات على السيطرة عليهما أمام عجز الخواص والمؤسسات على الاستثمار في هذا الجانب، وهو ما يفسّر نقص الترويج وتوزيع مختلف الصناعات الثقافية المتعلقة بالكتاب والمسرح والسينما ووسائل الإعلام خاصة المكتوبة، فعدد المكتبات ودور السينما والمسارح محدود. وحتى المعارض تشرف عليها السلطات ما يجعل الرقابة تنتشر، ومنه قتل الإبداع والتضييق على كل ما من شانه إحراج السلطات، كما أن الإشهار الذي عرف هزات عنيفة أهمها تجميد قانون الإشهار في 1999 بمجلس الأمة حتى يبقى كل شيء محتكرا، وكانت الجزائر تستورد الأفلام من الغرب والهند ومصر، ولم تفعل الشيء الكثير للنهوض بالصناعات الثقافية.
وبدأت التجربة الجزائرية مع الأمر المؤرخ في27 جانفي 1966 بإنشاء الشركة الوطنية للنشر والتوزيع (سناد)، وأسندت لهذه الشركة الوطنية صلاحية احتكار ميدان النشر والتوزيع، التصدير والاستيراد بجميع المطبوعات، وهذا الاحتكار مخول بقرار وزاري، وتميزت هذه المرحلة بنوع من الفوضى. كما لم تكن هناك نظرة شاملة للنشاط الإعلامي، ولم تعرف الساحة الإعلامية بعد هذا التاريخ صدور أية صحيفة خاصة، وبالتالي هيمنة الحكومة على جميع الصحف وأمام غلق الساحة الاعلامية، استغلت الصحافة الأجنبية وخاصة الفرنسية الفرصة للطبع والتوزيع بقوة هنا في الجزائر قبل أن يتقرر منعها بعد انحيازها لإسرائيل في الحرب ضد العرب في 1967، وقد كان هذا القرار فرصة لتصفية الصحافة الأجنبية (100 صحيفة كانت تنشر وتوزع في الجزائر)، والحد من تأثيرها أمام زيادة الإقبال عليها وإضعافها للصحافة الجزائرية، كما وجدت السلطات فرصة لوقف تحويل العملة الصعبة للخارج.
وأحكمت السلطة قبضتها على سوق الإشهار فيما بعد بإصدار «مرسوم خاص يتضمن إنشاء الوكالة الوطنية للنشر والإشهار سنة 1967، إضافة إلى نشر النص الملحق، والذي يتضمن القانون الأساسي للشركة الوطنية للنشر والإشهار ويحتوي على 28 مادة. وبموجب هذا الأمر أنشئت الوكالة الوطنية للنشر والإشهار كمؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وتحت وصاية وزير الأنباء آنذاك.
وأسندت لها مهمة دراسة وتطوير الإشهار بكل الوسائل وبجميع الطرق البصرية والسمعية (كالإعلانات والأفلام والخرائط والنشرات...الخ) مع نشر المجلات والمؤلفات والأفلام الناطقة ذات الطابع الإشهاري أو التمويل، نشر كل ماهو مرتبط أو ذو علاقة بالإشهار أو يستعمل لذلك الغرض، نشر الإشهار بجميع الوسائل والدعامات المتاحة.
المسرح..
علولة ومجوبي يرفضان الموت
اعتبرت السلطات عند الاستقلال المسرح مصلحة عمومية وطنية فالفنيون الذين يعملون به ملحقون بالوظيف العمومي، أما الممثلون فهم أجيرون يطبق عليهم القانون الخاص، ورغم أن المسرح قد لعب دورا كبيرا في الثورة التحريرية من خلال توعية الشعب الجزائري بأمهات القضايا والترويج للقضية الوطنية في المحافل الدولية، وتأثّر الفن الرابع بالأوضاع التي كانت تعيشها الجزائر في فترة الاستعمار، حيث كانت النصوص منعدمة تقريبا ما جعل الاقتباس والترجمة، واللجوء للتراث أهم مصادر مؤلفات النصوص،وبالرغم من خلو الثقافة الجزائرية من الفن الدرامي، فإنّ الحركية المسرحية اتّسمت بطابع خاص في شكلها ومحتواها.
وقد كانت الإدارة الفرنسية تراقب بحذر كل ما يقدّمه الفنانين وتمنع الأعمال التي تشتم فيها رائحة النقد السياسي.
وفي 1970 وجدت الجزائر نفسها أمام مسرح
احترافي على رأسه المسرح الوطني الجزائري، ومسرح الهواة واعتبر المسرح الوطني مؤسسة عمومية لها طابع تجاري وصناعي.
حاول البقاء حيا بفضل المساعي الخاصة وتميزت سياسة وزارة الثقافة في هذا المجال باللامركزية بخصوص الأول - المحترف - وذلك بإنشاء مسارح جهوية في كل من وهران وقسنطينة. وعلى العموم فإن المسرح الجزائري لم يعط نصوصا ومواهب تفرض نفسها لا من حيث النوعية، ولا من حيث الكمية ومن جهة ثانية لم يتمكن من منافسة السينما والكتاب.
وتبقى أرواح الرّاحلين تعلو مسارح العاصمة ووهران وعنابة وقسنطينة وسيدي بلعباش ترفض الاستسلام، وتشكّل قدوة للأجيال الجديدة.
السّينما....الماضي أحسن من الحاضر
مرّت السينما الجزائرية بالعديد من المراحل التي يمكن أن نختصرها في ماضيها الذهبي حيث كانت الأفلام الجزائرية - وبالرغم من نقص الإمكانيات - فوق منصّات التتويج من خلال نيلها للعديد من الجوائز.
وقامت الحكومة الجزائرية المؤقّتة بإنشاء قسم خاص بالسينما لجيش التحرير الوطني من أجل الحفاظ على أسرار الأفلام والأشرطة الوثائقية التي كانت تحوّل ليوغسلافيا لتحويلها إلى مادة سينمائية، كما أسندت للحكومة المؤقّتة مهمّة حفظ الأرشيف السينمائي للبلاد. وشهدت سنوات 1956 إلى 1962 إصدار العديد من الأفلام القصيرة التي تناولت جوانب الثورة التحريرية مثل فيلم «اللاّجئون»، الذي أنجز في تونس، كما أصدر المخرج الألماني «ريني فوتيي» فيلما قصيرا «الجزائر تحترق»، وساهم نفس المخرج بمساعدة «جمال شندرلي» و»محمد لخضر حمينة» في إنجاز فيلم «جزائرنا».
وبالنظر لأهمية السينما ومكانتها في البناء الاجتماعي، قامت الدولة بعد الاستقلال بتنظيم القطاع من خلال إنشاء العديد من الهيئات والتشريعات. وعرفت سنة 1962 ميلاد الشركة الخاصة «قصبة فيلم» الخاصة بإنتاج وتوزيع الأفلام السينماتوغرافية، وأنشأت أستوديو للتصوير السمعي البصري يعمل بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة.
وأصدرت الدولة في 9 جويلية 1963 مرسوما رقم 36 - 15 ينص على إنشاء مركزا للبث الشعبي، وقبلها عرفت الساحة الإعلامية والسينمائية ميلاد ديوان الأحداث الجزائرية، وأحدثت السلطات في 1964 المركز الوطني للسينما الجزائرية والمعهد الوطني للسينما،وتدعّمت الساحة السينمائية بالديوان الوطني لتجارة وصناعة الإنتاج السينمائي في 1967، وغيرها من المؤسسات التي كانت وراء بروز السينما الجزائرية.
وتعرف السينما الجزائرية تراجعا كبيرا على مستوى الإنتاج من خلال شح الأفلام، وغياب التتويج في مختلف المحافل العالمية في صورة تؤكد وضعية الثقافة الصعبة في بلادنا والإقبال المفرط على الفضائيات، وانتشار القرصنة والأقراص المضغوطة التي تتيح للأفراد مشاهدة آخر الأفلام، وحتى قبل عرضها في الكثير من دور السينما.
وشهدت الجزائر ازدهارا في الصناعة السينمائية في سنوات الستينات والسبعينات، وتخلّفت في الحاضر بفعل المنافسة الشّرسة وغياب حركية ثقافية تعكس تطلّعات وآمال المجتمع.
وقد برزت في السّنوات الأخيرة بعض المحاولات من مخرجين جزائريّين حاولوا من خلالها استقطاب الرأي العام الوطني ومختلف النقاد ووسائل الإعلام، إلا أنها سرعان ما تلاشت بفعل غياب الاستمرارية، مثلما أحدثه فيلم «الخارجون عن القانون» للمخرج الجزائري رشيد بوشارب من حراك وجدل مهّد لعودة بروز الانتاج السينمائي.
وجاء بروز فيلم رشيد بوشارب الذي أثار زوبعة في فرنسا مع المصادقة على مشروع قانون يتعلق بالسينما 11 - 03، الذي تضمّن العديد من التحفيزات لإعادة بعث الاستثمار في مجال السينما يعود بقوة، وحتى تسترجع الساحة الثقافية والاجتماعية مكانة السينما للمساهمة في التنشئة الاجتماعية ومنح الشباب مجالات للترفيه.
ويهدف القانون المتعلق بالنشاط السينمائي إلى تطوير إنتاج الأفلام الفنية والتربوية والتجارية سواء كانت خيالية أو وثائقية مع ترقية ثقافة راسخة من القيم الوطنية، ومتفتّحة على العالم وترقية روح التضامن والعدالة والتسامح والسلم والتحضير مع المساهمة في نشر الثقافة الجزائرية عبر العالم، وترقيتها وتشجيع النمو الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، وتثمين ثروتنا التاريخية ومآثر المقاومة الوطنية عبر التاريخ، وتعكس هذه القيم ذات الأبعاد السياسية والثقافية لحماية المنتجات السينمائية من العنف والتطرف وزرع الحقد والكراهية، وكل الظواهر السلبية التي جعلت من عديد الأفلام مجالات للإساءة للأخر والتهجم على الديانات والتجريح في مشاعر وقيم والدول.
ولتجسيد هذه المبادئ وحماية السينما من السلبيات، تحدّثت المادة الرابعة عن خضوع إنتاج وتوزيع واستغلال البث والتصوير إلى رخصة مسبقة يسلمها الوزير المكلف بالثقافة، كما اشترطت المادة الخامسة من القانون إخضاع إنتاج الأفلام المتعلقة بالثورة التحريرية ورموزها لموافقة مسبقة من الحكومة، وهذا في ظل حساسية الأفلام التاريخية التي يجب دراستها مسبقا، ومعالجة السيناريو لما قد يتضمنه من أمور تسيء لتاريخ الجزائر وذاكرة الأمة.
وتعرف الصناعات الثقافية بما فيها السينما في وقتنا الحالي تنافسا كبيرا واجتهادا كبيرا لتمرير العديد من الرسائل والمضامين التي تؤثر على توجهات الجمهور، ومنه بناء رأي في صالح قضايا معينة وضد أخرى، وعليه فالسينما التي لا تقل خطورتها عن مختلف وسائل الإعلام فقد قررت السلطات تنصيب لجان مشاهدة الأفلام على مستوى وزارة الثقافة لمراقبة الأفلام قبل عرضها على الجمهور.
وسجّلت الجزائر اسمها بأحرف من ذهب في مهرجان «كان» السينمائي، حيث نال فيلم «وقائع سنين الجمر» السعفة الذهبية في 1975 لمخرجه محمد الأخضر حمينة، والذي تناول تسلسل الأحداث من 1939 إلى نوفمبر 1945 ليؤكّد للعالم بأنّ ثورة الجزائر ليست صدفة بل كانت ثمرة لعمل وتضحيات كبيرة تعود حتى إلى 1830.
ولم تتوقّف السينما الجزائرية عند هذا الحد بل نالت الكثير من الجوائز، أهمها جائزة سينما الشباب في مهرجان موسكو 1965 عن فيلم «واحد من شباب السلام» للمخرج جاك شاربي، وجائزة من مهرجان كان في 1966 وجائزة أحسن سيناريو والجائزة الكبرى من اتحاد الكتاب السوفياتيين في 1967، وجائزة «الغزال الذهبي» في مهرجان طنجة بالمغرب لفيلم «ريح الأوراس» للمخرج والسيناريست «محمد الأخضر حمينة»، وجائزة الأسد الذهبي لمهرجان البندقية (إيطاليا) في 1966 والجائزة الكبرى للنقاد في 1966 لفيلم «معركة الجزائر» للمخرج الايطالي جيلو» بونتيكرفو».
وعجزت السينما بعد نجاحات أفلام «عمر قاتلاتو الرجلة» لمرزاق علواش وسلسلة أفلام «المفتش الطاهر»، «حسان طيرو» و»حسان الطاكسي» للمرحوم رويشد عن إنتاج أفلام في مستوى التحولات التي عاشتها الجزائر، وبقيت الإبداعات مقتصرة على بعض الأفلام التاريخية على غرار أفلام زبانة ومصطفى بن بولعيد الذي أخرجه أحمد راشدي الذي أنتج في 2009.
الكـتاب..
من الغياب إلى المناسباتية
يعتبر الكتاب من أهم الصناعات الثقافية التي تعكس تقدم وتطور الدول، ويشكّل معيارا هاما في الفصل بين التخلف والتقدم، ومرّ الكتاب في الجزائر بالعديد من المراحل التي لم تختلف كثيرا عمّا مرت به الصحافة والسينما، وغيرها من الصناعات الثقافية الأخرى.
وافتقد الكتاب بعد الاستقلال لإستراتيجية النشر والتوزيع بعد احتكار هذا المجال من قبل السلطات عبر منح كل تلك الصلاحيات للمؤسسة الوطنية للنشر والإشهار.
ولم يتطور توزيع الكتاب في بلادنا مثلما كان عليه الأمر مع السلطات الاستعمارية، حيث إلى غاية 1966 رغم زيادة عدد السكان ورغم انتشار التعليم في القرى والأرياف، ولكن رغم تواجد 607 بلدية في 1978 بالجزائر، ولكنها لم تكن تملك مكتبة واحدة.
وكانت المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار تملك 33 مكتبة منتشرة عبر 12 ولاية و18 أخرى لم تكن بها مكتبات ليفتح المجال أمام الخواص فيما بعد لإنجاز مكتبات، حيث بلغت في بداية الثمانينات 613 مكتبة.
وبرزت ظاهرة استيراد الكتب الأجنبية، حيث خصّصت السلطات بين 1977 و1980 أكثر من 122 مليون دج منها 50 بالمائة لاستيراد كتب أجنبية.
وفي ميدان النشر فإنّ الاهتمام تركّز في أول الأمر على طبع الكتاب المدرسي، وقد أسّس في 1962 المعهد الوطني البيداغوجي وكان يطبع 15 مليون نسخة، وفي سنة 1973 أسّس ديوان المطبوعات الجامعية، وتمكّن في 1979 من طبع 120 ألف مجلد، وممّا يلاحظ أن إنتاج المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار كان ضعيفا، ففي سنة 1976 لم تنشر أي كتاب بالعربية ماعدا 5 كتب بالفرنسية، وسنة 1977 نشرت 10 كتب بالعربية و15 بالفرنسية، وفي 1978 نشرت 9 بالعربية و1918 بالفرنسية ولم تبلغ الكتب بالعربية حتى 1984 حوالي 200 كتاب. وأسباب ذلك الضعف تعود بالدرجة الأولى الى انتشار الأمية وضعف الانتاج الفكري بالمقارنة مع التركيز على الإذاعة والتلفزيون، الذي وصل إلى كل البيوت الجزائرية وحتى الصحافة المكتوبة بالعربية لم تتجاوز عدد سحب جريدة المجاهد الناطقة بالفرنسية.
ومن أجل إعطاء ديناميكية أكثر لسوق الكتاب والنشر، تمّت المصادقة على القانون المتعلق بأنشطة وسوق الكتاب في 2015، وهذا من أجل «بعث» و»تطوير» الصناعة الوطنية للكتاب والإبداع الأدبي و»تقريب» الكتاب من القراء، و»سد الثغرات» و»فتح آفاق جديدة» قصد»تحسين» واقع الكتاب في الجزائر.
وتضمّن القانون وضع تعاريف لـ 17 عنصرا متعلقا بالقانون على غرار الكتاب، الكتاب الديني، الكتاب المدرسي، الكتاب الرقمي، الكتاب المرقمن، بائع الكتاب والمطالعة العمومية وغيرها.
ونصّت المادة 9 معدلة على أن «تمارس الأنشطة الخاصة بنشر الكتاب وطبعه وتسويقه في إطار احترام الدين الإسلامي والديانات الأخرى، الدستور وقوانين الجمهورية، السيادة الوطنية والوحدة الوطنية، الهوية الوطنية والقيم الثقافية للمجتمع، متطلبات الأمن والدفاع الوطني، متطلبات النظام العام كرامة الإنسان والحريات الفردية والجماعية».
كما تنص ذات المادة على أنه «يجب ألاّ يتضمن الكتاب تمجيدا للاستعمار والإرهاب والجريمة والعنصرية، يجب ألا يتضمن الكتاب الموجه للأطفال والمراهقين أي كتابة أو أي رسم من شأنهما المساس بصحتهم النفسية أو بحساسيتهم». و»يعاقب بغرامة من خمسمائة ألف دينار (٠٠٠ . ٥٠٠ دج) إلى مليون دينار (٠٠٠ ، ١٠٠٠ دج) كل من خالف أحكام المواد 9، 15 و25 من هذا القانون ومصادرة الكتب محل المخالفة»، وفق المادة 56 معدلة.
وتفتح المادة 16 معدلة المجال أمام الخواص في مجال الكتاب المدرسي، وتنص أنه «تتكفّل الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية بنشر الكتاب المدرسي وطبعه وتسويقه»، مع إمكانية «فتح هذه النشاطات للأشخاص الطبيعيين والمعنويين».
وأضافت المادة 43 معدلة «الكتاب العلمي والتقني» و»الكتاب باللغة الأمازيغية» ليستفيد من إجراءات الترقية والدعم على غرار «الكتاب المنشور في الجزائر، الترجمة، كتاب الطفل والنشاطات المرتبطة به والكتاب المكيف لذوي الاحتياجات الخاصة». ويخضع قانون أنشطة وسوق الكتاب «تنظيم التظاهرات حول الكتاب الموجه للجمهور لترخيص مسبق تمنحه الوزارة المكلفة بالثقافة»، وفق المادة 45.
ويأخذ بعض الملاحظين على القانون الجديد «غموضه» في بعض المواد، خاصة ما تعلق بالمادة 4 التي «تعتبر الأنشطة المتعلقة بالكتاب أنشطة صناعية وتجارية ذات طابع ثقافي وتربوي»، حيث يصبح الكتاب المعرفي أو العلمي البحثي المتخصص خارج هذا الإطار.
ويعتقد آخرون أنّ القانون «لم يمنح الموزع والمكتبي باعتبارهما جزءين فاعلين في سلسلة الكتاب الاهتمام الواجب»، في حين يسجل «غياب المؤلف الذي لم تهتم المواد بوضعه ودوره وحقوقه». وبقي الكتاب في الجزائر رهين المناسباتية، حيث يعرف اهتماما في الصالون الدولي للكتاب، لكن سرعان ما يختفي رغم تطور صناعته وامتلاكه قدرات كبيرة ليكون صناعة ثقافية على رأس الصادرات.
حقوق المؤلّف والحقوق المجاورة: ..
تحيين التّشريعات لم يوقف القرصنة
تعتبر قوانين حقوق التأليف والحقوق المجاورة من أهم التشريعات للنهوض بالصناعات الثقافية، فهجرة الفنانين والمؤلفين لطبع وحماية حقوق مؤلفاتهم في الخارج له ما يبرّره في ظل عدم قدرة العديد من الدول ومنها الجزائر على التصدي لظاهرة القرصنة على الصناعات الثقافية واستغلالها بطريقة فوضوية، وحاولت الجزائر تدارك التأخر في هذا المجال من خلال مسار انضمامها للمنظمة العالمية للتجارة التي تتعامل بصرامة كبيرة في هذا المجال، وهو ما دفع بالجزائر إلى تحيين تشريعاتها بإصدر قانونين في 1997 و2003، وهي التشريعات التي جاءت بعد 30 سنة عن إنشاء الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
وعرفت الجزائر بعد الاستقلال إصدار أول أمر يتعلق بتنظيم حق المؤلف تحت رقم 73 / 14 تناول شروط حماية حقوق المؤلف ومحتواه، وتم بموجبه إنشاء الديوان الوطني لحقوق المؤلف.
وأشار دستور 1976 إلى ضرورة حماية نتاج الفكر واعتبره حقا مضمونة، وذلك في المادة 54 التي نصت على أن حرية الإنتاج الفكري والفني والعلمي للمؤلف مضمونه في إطار القانون.
واستمرّت الأوضاع على ما هي عليه إلى غاية سنة 1997 تاريخ صدور الأمر 79 / 10 المؤرخ في 06 مارس 1997 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وجديد هذا القانون هو إضافة طائفة المؤلفين حقوق أخرى، وهي الحقوق المجاورة وهي متعلقة بفناني الأداء ومنتجي المصنفات السمعية البصرية وهيئات البث الإذاعي، كما مدّد هذا الأمر في الحماية المقرّرة للمصنّفات من 25 سنة إلى 50 سنة.
وحدّدت المادة الأولى من الأمر الهدف من القانون، حيث أشارت إلى: «يهدف هذه الأمر إلى التعريف بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وكذا المصنفات الأدبية و / أو الفنية المحمية وتحديد العقوبات الناجمة عن المساس بتلك الحقوق».
وتعزّز مجال حماية حقوق المؤلف في 2003 بأمر جديد تحت رقم 03 / 05 متعلق بحقوق المؤلف والحقوق والمجاورة، حيث أضاف هذا الأمر إلى المصنفات المحمية كل المصنفات التي أفرزها التطور التكنولوجي.
ولكن بقي دور الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة محتشما في ظل تطور القرصنة وكثرة انتهاكات حقوق المؤلفين، ما جعل الكثيرين يلجأون للخارج لضمان حقوقهم، ويعتبر هذا الجانب أكبر حجر عثرة أمام الاستثمارات الأجنبية في الجزائر.
خلال رصد واقع التشريعات التي تحكم الصناعات الثقافية من الإعلام إلى السينما والكتاب والمسرح والتوزيع وحقوق المؤلف، نلاحظ أن الجزائر افتقدت لإستراتيجية واضحة في مجال وضع تشريعات موضوعية تراعي مصالح المجتمع وتعمل على تطوير الجانب الفكري وتنمية الإنسان، فالأمية التي بقيت منتشرة والتركيز على تطوير السمعي البصري وتوظيفه في الجانب الدعائي للسلطة،كما أن عدم استقرار الساحة السياسية وانتشار الصراعات أفشل محاولات تدارك النقص والعجز.
وتدفع الصّناعات الثّقافية اليوم ثمن التأخر في تشجيع الإبداع وتحفيز المثقفين وتوظيفهم في التعريف والترويج للموروث الثقافي الوطني من خلال توظيف الكم الهائل من وسائل الإعلام ووسائل الاتصال الأخرى على غرار الكتاب والمسرح والسينما، وقعنا في فخ الاستيراد شأن الاقتصاد وكل شيء.
وما يلاحظ على التشريعات التي كانت موضوع الدراسة هو عدم استقرارها وكثرة التغييرات التي طرأت عليها، خاصة بعد 1990 وإفراغها من محتواها وتفضيل التشريع بالمراسيم والأوامر كانعكاس للأزمة الأمنية والسياسية التي عاشتها الجزائر فيما يعرف بـ « العشرية السوداء».
ويظهر من خلال التشريعات كذلك عدم الاقتناع بها وإصدارها فقط من أجل إرضاء الخارج وتلميع صورة الجزائرأمامه وفقا للاتفاقيات الدولية التي أمضينا عليها بينما يبقى تطبيقها صعبا للغاية في ظل عدم وجود بيئة وظروف ملائمة للنهوض بالصناعات الثقافية، وما سيصعب الأمر هو التطور الهائل لهذه الصناعات في العالم، وخاصة بالغرب الذي بسط هيمنته لتحقيق ما يسمى العولمة الثّقافية، حيث استولت ثقافيا على الشّعوب وفرضت قيمها عليها.