مع شروع فرنسا في تعبئة دولية لرصد الموارد المالية، لإطلاق قوة الخمسة ساحل والتي تضمّ 5 ألاف جندي من مالي، النيجر، تشاد، بوركينافسو وموريتانيا، شنّت الجماعات الإرهابية الناشطة في المنطقة هجمات استهدفت جنودا ماليين ومدنيين في بوركينافاسو في الأيام القليلة الماضية.
وفي خضم الزخم الإعلامي الذي رافق تشكيل القوة المذكورة، نقلت وكالة فرانس برس، عن ناطق باسم تحالف لمجموعات إرهابية أنهم «سيعملون على احتلال المناطق التي تنوي قوة الخمسة ساحل العمل بها، وسيتصدون لها بكل قوة».
لقد تحقّقت إذن الدعاية الإعلامية التي يريدها الإرهابيون وبشكل ممنهج، يهدف إلى تحضير منطقة الساحل الإفريقي لما هو أسوأ، وتعزّزت بتحذيرات من عودة إرهابيين من مناطق النزاع في سوريا والعراق، وبقاياهم بالهجمات الأخيرة في مالي باتت الأرضية جاهزة للمرور إلى الخطوة المقبلة.
هذه الخطوة، تقضي بتسريع استقطاب الإرهابيين من مختلف المناطق وبالأخصّ من ليبيا، للتجمع في دولة من دول الساحل، وبالضبط عبر المساحات الشاسعة التي تربط النيجر ومالي، والدليل أن تحركات الجماعات الإرهابية على الحدود الليبية وصولا إلى تونس تضاعفت هذه الأيام.
والواضح هذه المرة، أن فرنسا لا تريد التورّط بشكل مباشرة في المأزق، بعدما وجدت قواتها الناشطة في النيجر ومالي في إطار عملية «برخان» صعوبات جمّة في تأدية مهامها، نظرا للبيئة الصحراوية الوعرة، والتكاليف المالية الباهظة جدا، حيث يتطلّب نقل الجنود وتزويدهم بالمؤونة والمعدات الحربية وسائل لوجيستية عالية التطوّر.
ومن المحتمل أن تسحب عددا من قواتها المتواجدة في قاعدة مطار نيامي، لتسلم مهمة القتال الميداني لقوة الخمسة ساحل.
وبعدما استتب الوضع الأمني نسبيا في المنطقة منذ أواخر 2013، هاهي خطّة تجميع الإرهابيين تحاك من جديد، ليبقى هاجس الأمن والاستقرار الشغل الشاغل لدول المنطقة، مفوتا فرص التنمية والاستثمار التي تنافق بها الدول الغربية في المنتديات القارية والعالمية.
لقد بات الإرهاب بمثابة شركة متعدّدة الجنسيات يتمّ نقل نشاطها من مكان إلى آخر، لتنفيذ أجندات وتحقيق مصالح، على حساب مآسي الشعوب وآمال الشباب التي تسحق بين سندان الفقر ومطرقة الاستغلال.