الحسم في معضلة العقار في 2018 للتفرغ لخلق الثروة
يرتقب أن تكشف الإجراءات الصارمة المزمع تجسيدها على أرض الواقع بخصوص سريان الاستفادة من العقار الصناعي بشكل سريع عن عدد المستثمرين الحقيقيين الذين سوف يتموقعون بشكل فعلي عبر 50 حظيرة اقتصادية والعديد من مناطق نشاط ينتظر تهيئتها في مختلف ولايات الوطن لتشجيع كل المهتمين بالمشاريع على تجسيدها والمساهمة في المعركة التنموية، ولاشكّ أن طي ملف العقار الصناعي سيعطي انبعاثا قويا لتوسع النسيج الصناعي، فيما لا يقل عن 13 فرعا اقتصاديا قبل أن يرتفع إلى أكثر من ذلك خلال السنوات القليلة المقبلة.
يعدّ العقّار الصناعي ورقة حقيقية تكتسي أهمية، من أجل ذلك يعوّل عليه كثيرا إلى جانب توفر مناخ الأعمال المحفز في استقطاب الاستثمار وجذب أكبر عدد من المهتمين بهدف إنشاء مؤسسات استثمارية سواء كانوا مستثمرين محليين أو أجانب، في ما لا يقل عن 13 فرعا اقتصادي يضمّ كل من صناعة الحديد والتعدين والكهرباء والصناعة الكهرومنزلية والكيمياء الصناعية والميكانيك ويشمل أيضا قطاع السيارات والصيدلة وصناعة الطائرات وبناء السفن وإصلاحها، وبالإضافة إلى التكنولوجيا المتطورة، ويضاف إلى كل ذلك صناعة الأغذية والنسيج والألبسة والجلود والخشب وصناعة الأثاث، وكل هذه القطاعات ينتظر منها الكثير على صعيد خلق الثروة واستحداث مناصب الشغل وتحقيق الحركية الاقتصادية المنشودة.
أقطاب للصناعات الغذائية
وباعتراف الأجانب وبالنظر إلى التزايد في الإقبال على الاستثمار وإنشاء المشاريع الجديدة على وجه الخصوص في قطاعي الصناعة والسياحة، فإن مناخ الاستثمار شهد الكثير من التطور خلال السنوات الماضية، ولعلّ كل من قانون الاستثمار وكذا قانون توجيه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ساهم بشكل محسوس في تحقيق هذه الجاذبية المهمة التي ينتظر منها الكثير على صعيد توسيع انتشار النسيج الصناعي، وبالتالي الاستغلال الحقيقي والأنجع للعقار الصناعي، والذي يحتاج على توازن على مستوى الولايات، علما أنه كل ولاية لديها طابع خاص بها، فنجد ولايات ذات طابع فلاحي وهذا ما يسمح بإقامة أقطاب صناعية تفتح المجال للصناعات الغذائية لأن تنمو وتزدهر والتي يمكن أن تجد كل من السوق العربية والإفريقية فضاء للتموقع والانتشار.
والجدير بالإشارة، فإن المنطقة الغربية للوطن، تتسمّ في الوقت الحالي بحركية اقتصادية لافتة، كونها تضم مركبات هامة على الصعيد الإفريقي والعربي، نذكر من بينها مصنع النسيج والجلود الذي يوشك على أن يكون جاهزا، ويرتقب أن يلبي طلبات السوق الوطنية ويتوجه بجزء من الإنتاج نحو التصدير إلى أسواق خارجية، إلى جانب مشاريع تركيب السيارات التي في البداية ستعمل على تخفيف الاستيراد قبل أن تتجّه نحو التصدير، ومختلف ولايات الوطن على قدم وساق من أجل تحريك الحظائر الصناعية التي يبلغ عددها 50 حظيرة اقتصادية، بالإضافة إلى المئات من مناطق نشاط تخصّص لاستحداث الثروة وخلق الآلاف من مناصب الشغل، لذا يمكن اعتبار أن البنى التحتية التي تمّ تشيدها خلال العشريتين الماضيتين والحظائر الصناعية، كنقاط قوة من شأنها أن تدعم تطور الاقتصاد الوطني للقفز إلى مصاف الاقتصاديات الناشئة، والتحرر من قبضة التبعية لإيرادات النفط.
إجراءات فعّالة وغرامات ضخمة
ولعلّ الجهود المبذولة من أجل دفع عجلة التنمية سيبدأ من الاستغلال الحقيقي للحظائر الاقتصادية، التي سوف يتمّ توزيعها بإجراءات صارمة، لأنها سوف تمنح بعقود غير قابلة للتنازل، وتصدر بشأنها دفاتر شروط دقيقة، حتى يقبل المستثمر الحقيقي ويتراجع المستثمر المزيف، لأن من يستفيد من العقار ولا ينشأ مشروعه الاستثماري الاقتصادي سوف تفرض عليه غرامات مالية ضخمة، وهذه الخطوة من شأنها أن تغربل نوعية المستثمرين الذين سيشاركون في تنمية الاقتصاد الوطني وخلق الثروة.
وإن كان العقار الصناعي من العوامل الجوهرية التي تساعد بفعالية في ترقية الاستثمار ومضاعفة الإنتاج ذا جودة وبأسعار تنافسية، إلا أن التمويل ضروري كذلك حتى يتمكّن المستثمر من الانفتاح على التكنولوجيا وعصرنة تسييره ومواكبة مستجدات الآلة الإنتاجية ودراسة الأسواق وتكوين العمال، ويمكن القول، إن القروض تسير جنبا إلى جنب مع العقار، وبعد توفير هذان العنصرين، يمكن الانتقال إلى الحديث عن توفير الوسائل اللوجيستية أو وسائل النقل والتخزين والحفظ.. وما إلى غير ذلك.
يذكر أنه يجري عبر مختلف ولايات الوطن مواصلة جهود تطهير أراضي العقار الصناعي وكذا استرجاع المساحات والمباني غير مستغلة من أجل منحها للمستثمرين الجادين، في وقت الجزائر مطالبة بالرفع من عدد المؤسسات الاقتصادية التي يتمّ إنشائها سنويا، لأن الأرقام تشير إلى أنه يتمّ استحداث نحو 60 ألف مؤسسة اقتصادية سنويا تشكل منها المؤسسات الناشطة في الصناعة التحويلية ما يناهز ألف 9 بالمائة فقط، وإن كان مخطط عمل الحكومة يتضمن دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي بإمكانها أن تنتج الثروة، وينصّ المخطط على توفير مناخ أعمال مغري من أجل تقديم كل التسهيلات للراغبين في إنشاء مشاريعهم الاقتصادية.
سوق شرسة لا ترحم
يتوقّع أن يحسم بشكل كبير في العقار الصناعي خلال عام 2018، لأن الاقتصاد الوطني الذي بات يسير نحو التطور بشكل فعل وإرادة قوية، لا يمكنه أن ينتظر أكثر من ذلك، ولا يمكنه كذلك الاستمرار في السير بعد إقلاعه بخطوات بطيئة، لأن الريتم غير متسارع لن يسمح له من مواكبة تطورات الآلة الإنتاجية وما تعرفه الأسواق الخارجية من مستجدات وتطور رهيب، لأن التنافسية والتكنولوجيا والشراكة لتحويل آخر التقنيات المبتكرة في الإنتاج أو التسيير، ينبغي أن تكون حاضرة داخل المؤسسة الإنتاجية الجزائرية وفي مخبر البحث ويطلع عليها الإطار والمهندس وكذا المسير من خلال التكوين والرسكلة والتأهيل. وإن كان بعض الخبراء يعتقدون أن توسع النسيج الصناعي مرهون بتهيئة 50 حظيرة اقتصادية، لكن كذلك من الضروري وضع خارطة تنظم المشاريع وتوزعها، حتى لا يتمّ تكرار العشرات من المشاريع في منطقة صناعية واحدة، كون الاقتصاد الوطني يتطلّع منذ سنوات نحو التنوع خارج قطاع المحروقات، ولأن السوق باتت أكثر من أي وقت مضى شرسة لا ترحم.