طباعة هذه الصفحة

تحديات الإقتصاد الجزائري في مواجهة التحولات العالمية ٢٠١٨/ 2025 / 2030 

الصناعة والطاقة، إصلاح النظـام الـمـالـي وتــشــكـيـل المنظـومـة التربـويـة

بقلم الدّكتــــور: عبــد الرّحمـــــان مبتــــــول   خبيــــــر دولــــــي

تخص هذه المساهمة قطاعا حساسا في التنمية في بلادنا، ألا وهو قطاع المناجم والطاقة. يدخل هذا في إطار الإشكالية الشاملة لتجسيد برنامج رئيس الجمهورية المتمثل في إقامة إقتصاد سوق تنافسي وإرساء الديمقراطية من أجل نموإقتصادي دائم، غايته مكافحة البطالة، مع العلم بأن السياسة الإقتصادية والإجتماعية المستقبلية، يجب أن تأخذ بعين الإعتبار التغيرات والتحولات العالمية بهدف التكيف مع هذا العالم الذي يشهد حركية متواصلة ودائمة. ولكن، بدون أهداف إستراتيجية، تأخذ بعين الإعتبار الثورة الإقتصادية العالمية الرابعة 2018/2030، وتسيير راشد، التأثير سوف يكون محدودا.

 

السياسات الفرعية الأخرى
 
بعدما استعرضنا السياسة الصناعية والطاقوية، نواصل طرح التحاليل، مذكرين بأن الهدف الإستراتيجي، هو ضمان تنمية مستدامة تستند على العلم من أجل توفير وتغطية الإحتياجات الإجتماعيةالمتزايدة للجماهير ضمن التكيف مع متطلبات العولمة وإمتصاص البطالة.
 
1. سياسة الزراعة والري:

إنطلاقا من أن إدخال وسائل صناعية للزراعة أصبح مطلبا ضروريا وآنيا وأن تسييرها يجب أن يخضع لطرق عصرية، ونظرا لأن الإستثمار في هذا المجال يتطلب إمكانيات هائلة، فإن جهودا كبيرة لتقويم القطاع بذلت منذ سنوات خاصة في مجال الزراعة بتبني المخطط الزراعي، وعليه، فالإنشغال الأساسي للجزائر يكمن في:
- تجنب كل نظرة تقنية وهمية تمزج بين الموارد البشرية والعتاد الضروري لتنمية الزراعة، مع أن الملكية تبقى العنصر الذي يضمن نجاح كل مشروع مهما كان، لأنه يحفز المستغلين لتلك الملكية، وإدراكها منا بأن ملف الأرض يعد حساسا جدا بالنسبة الأغلبية الجزائريين، فالأمر يتطلب الربط، حسب الحالات، بين خوصصة بعض الأجزاء من قطاع الزراعة والتنازل بشكل نهائي ولفترة معينة عن عقود الملكية.
- وضع مخططات لتفادي أي خلافات أو نزاعات في مجال الملكية.
- إلتزام الملاك المستقبليين للأراضي بعدم البناء على هذه الأراضي وتحويلها إلى أراضي للسكنات.
- تسيير صناعي تنشطه حركة رؤؤس الأموال، بفضل بورصة القيم التي ستعطي أبعاد تتناسب مع بروز شركات رؤؤس الأموال.
- تمكين الشركات المختلطة من الإستثمار المباشر في الجنوب بالتوازي مع عمل القطاع الخاص الوطني.
- محاربة التصحر بإنتهاج سياسة تشجير مكثفة، وكذا تطهير الأراضي الملحية تفاديا لفقدان المزيد من المساحات التي تجتاحها الأملاح.
- تشجيع زراعة الحبوب، وتربية الأنعام لإنتاج اللحوم الحمراء والبيضاء، وإنتاج أغذية الأنعام محليا، وهذا كله بالإعتماد على طرق علمية.
-  العنصر الأساسي والإستراتيجي لسياستنا يكمن في عمل مكثف لتثمين المياه وهو عنصر أساسي للسكان وللوحدات الصناعية والزراعية، وهذا بتشجيع إعادة إستغلال إستغلال المياه المستعملة، وإقامة وحدات تحلية مياه البحر، وتطوير تقنية الصيانة للمحافظة على السدود الموجودة.
- العمل في إطار الصيد البحري بتشجيع الشركات المختلطة.
- تبني سياسة جديدة في التخزين لتجنب الضياع الدوري وكذا سياسة جديدة للتصدير وللتغليف حيث أن بعض المواد تعرف ضغوطات موسمية.
 في هذا الإطار، نشجع إنشاء وحدات زراعية صناعية في إطار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مقارنة مع متطلبات ومعايير النوعية للإتحاد الأوروبي الذي يرتبط بالجزائر عبر إتفاق التبادل الحر.
  2.سياسة تربوية وبحث وتنمية:
- تطوير مخابر البحث الأساسي التي تشكل أحد إنشغالات الدلة بسبب تطورها البطيء.
يتجسد هذا من خلال علاقة وثيقة بين المتعاملين الإقتصاديين ومكاتب الدراسات المتخصصة والجامعات.
- تشجيع الإتصالات الدائمة بين الجامعات الكبرى ومعاهد البحث في العالم بواسطة عقود تعاون لتحريك وبث ديناميكية في هياكل التعليم والبحث عندنا على كل المستويات لتسهيل نقل العلم والتقنية.
  3.السكن:
- هياكل قاعدية وسياسة تهيئة الإقليم وحماية البيئة، مع ما سجلناه من نقص في السكنات والهياكل القاعدية بالرغم من الجهود المبذولة من قبل الدولة خاصة في السنوات الأخيرة. يعتبر قطاع السكن من الأولويات لأنه محركا للإقتصاد ومولد لمناصب الشغل.
- إحترام معايير البناء حسب المقاييس الدولية، والأخذ بعين الإعتبار، الإجراءات المضادة للزلازل.
 - تحريك وتحفيز قطاع السكن من خلال لا مركزية واقعية وكذا الهياكل المالية الداعمة لرفع الحواجز البيروقراطية التي هي سبب تأخر البناءات وعمليات إعادة التقييم المالي للمساكن وبالتالي، غلائها.
 - البدء في العمل قدما في تشجيع إنشاء وحدات مندمجة بالغرفة الوطنية للتجارة للبيع غير المحدود للمحاجر للمقاولين المنتجين للثروة والسماح بالإستثمار في إنتاج الحصى
ووحدات الخزف الصحي والزجاج والرخام وكل ما له علاقة بالبناء.
- رفع كل القيود عن بيع الأراضي.
 - إحترام البنود الخاصة بالديون غير المسددة، مع الأخذ بعين الإعتبار خصوصية الولايات. إستعمال الطرق العصرية، وإعطاء الطابع الصناعي لقطاع البناء.
- لحماية الموفرين، يجب وضع عقد صارم غير قابل للمراجعة بين الهيئات المالية.
- بالنسبة للفئات المعوزة، يجب تعميم صيغة الكراء مع تكفل الهياكل الإجتماعية المعنية بالفارق في ثمن الكراء بشكل عام.
 - باالتعاون مع وزارة النقل، تطوير وتنمية الهياكل القاعدية بالموانئ، والمطارات بتسيير حسب المعايير الدولية لتسهيل حركة الأشخاص والبضائع.
 - فك العزلة عن المناطق المحرومة بإقامة الطرق بين الشمال والجنوب والشرق والغرب.
 - الإنطلاق في سياسة تهيئة للإقليم من أجل فضاء أكثر توازنا وأكثر تضامنا.
- سياسة تعمير مضبوطة تأخذ بعسن الإعتبار الحداثة والعصرنة، وكذا تاريخنا.
 - حماية البيئة وإطار الحياة.
 - الأخذ بعين الإعتبار في تكلفة مشروع التلوث الذي يكلف الكثير إجتماعيا، عملية الحث والدعوة إلى نشاطات غير ملوثة.
 4. النقل:
ولأن النقل يشكل الرئة في كل إقتصاد ويسمح للأشخاص والأملاك بأن تتحرك وإنطلاقا
من هذه الملاحظة، نعتبر أن العمل خلال الفترة : 2018/2025 سيكون كالتالي:
 - تشجيع الإستثمار سواء بالشراكة أو الخوصصة لقطاع النقل البري للبضائع والأشخاص بفضل الشركات ذات الأسهم.
 - تشجيع الشركات المختلفة للقطاع الخاص الوطني في مجال النقل البري والبحري.
 - كراء قطاع الخدمات في مجال الهياكل القاعدية بالموانئ والمطارات.
- تسيير جيد للحاويات بأساليب عصرية.
 - سياسة جديدة للأسعار تضمن المردودية والإستثمار.
  7. الصحة والحماية الإجتماعية:
نظرا لإرتباط القطاع بالقطاعات الأخرى من ري، وزراعة، وجماعات محلية، نقترح ما يلي:
 - سياسة للوقاية في كل المجالات مع تكوين ملائم.
 - ضبط العرض والطلب لتفادي نزيف العملة الصعبة بسبب العلاج في الخارج.
 - ترشيد تسيير الهياكل الصحية مع حماية الفئاة المحرومة.
- لامركزية هياكل العلاج والمستشفيات.
 - نجنيد كل الإحتياطي الوطني من أجل بناء العيادات ومراكز العلاج المتخصصة.
- علاقات واضحة في مجال التعويض على الأدوية.
- تطوير مخابر التحاليل.
- توفير الدواء بشكل جيد وتفادي البخل في تزويد المواطن به.
- تحسين ظروف العمل للأطباء والسلك شبه الطبي.
5. السياحة:
نظرا لخصائص الجزائر السياحية، نرى بأنه لا بد من:
- تشجيع الشراكة، وخوصصة القطاع الذي لا يتناسب تسييره مع طرق بيروقراطية.
- توفير كل الشروط لتشجيع السياح، المحليين والأجانب، على زيارة بلادنا.
 - 6. الإتصالات وتقنيات الإعلام:
يجب تعميم التكنولوجيات الجديدة للتكيف مع العالم. فالإعلام الآلي والأنترنيت.
يجب أن تعمم على كل المؤسسات، والإدارات والتربية والخدمات الجماعية وستمنح الفرصة للمزيد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في هذا المجال تماشيا مع متطلبات الإقتصاد.
 - 7. الرياضة والثقافة والتسلية:
عدة أعمال ستتم من أجل تنشيط الشباب وتشجيع الرياضات الجماعية والعمل على إنتقاء الفرق والنخب بدءا من المدرسة وفي كل الولايات.
- تشجيع خاص للثقافة في مختلف مجالاتها من موسيقى، ومسرح، وتراث ثقافي بكل الولايات والبلديات.
- تشجيع وسائل الإعلام من جرائد وإذاعة وتلفزيون في إطار الفضاء الإتصالي العالمي وإزالة كل إحتكار ورفع مستوى النقاش ليتناول قضايا المجتمع المختلفة.
 
 استنتاج
 
تخص هذه المساهمة قطاعا حساسا في التنمية في بلادنا، ألا وهو قطاع المناجم والطاقة. يدخل هذا في إطار الإشكالية الشاملة لتجسيد برنامج رئيس الجمهورية المتمثل في إقامة إقتصاد سوق تنافسي وإرساء الديمقراطية من أجل نمو إقتصادي دائم، غايته مكافحة البطالة، مع العلم بأن السياسة الإقتصادية والإجتماعية المستقبلية، يجب أن تأخذ بعين الإعتبار التغيرات والتحولات العالمية بهدف التكيف مع هذا العالم الذي يشهد حركية متواصلة ودائمة.
ولكن، بدون أهداف إستراتيجية، تأخذ بعين الإعتبار الثورة الإقتصادية العالمية الرابعة 2018/2030، وتسيير راشد، التأثير سوف يكون محدودا.
وفي ختام مساهمتي المتواضعة، لا بد أن أذكر بأن الجزائر تملك قدرات طبيعية وبشرية قوية تمكنها من تخطي الأزمة الراهنة بكل ثقة إذا ما أحسنت إستغلالها بالطريقة الأنجع. الحكم الراشد والتسيير العقلاني مطلوبان اليوم أكثر من أي وقت مضى.. أتمنى كل التوفيق وكل الإزدهار لوطننا الغالي.

الجزء  الثاني والأخير