لم تخف قيادات الكيان الصهيوني -على مختلف درجات المسؤولية- فرحتها بدونالد ترامب مرشحا ثم رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، وتنوعت التصريحات الرسمية وغير الرسمية المرحبة بمجيئه الذي ترى فيه تل أبيب «منقذا» سيفسح المجال أمامها لتكريس سياساتها العنصرية والتهويدية لفلسطين المحتلة.
والواقع أن غبطة بني صهيون بمقدم ترامب إلى البيت الابيض، لم يكن إحساسا مبالغا فيه أو دون مقابل، بل على العكس تماما حيث قابلته عطايا ترامب الكثيرة لاسرائيل التي بلغت درجة كسره للمحظور، وخرقه للشرعية الدولية وإعلانه الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الغاصب وعزمه نقل سفارة بلاده إليها.
منذ أن بدأ حملته الانتخابية، لم يتوقف دونالد ترامب عن إشغال الرأي العام الأميركي والعالمي بقراراته الصادمة، متحررا بقدر كبير من قيود وضوابط الدبلوماسية والرصانة السياسية المعتادة لساكن المكتب البيضاوي في البيت الأبيض. وكانت القدس واحدا من الملفات التي صدم الرئيس الأميركي بها العالم، وأثار ضجة سياسية واسعة في العالمين الإسلامي والمسيحي.
ففي 6 ديسمبر 2017 خطا ترامب الخطوة التي أحجم عنها أسلافه من الرؤساء الأميركيين، وهي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، بما يخالف القرارات الدولية واتفاقيات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، ومتطلبات عملية التسوية السياسية للصراع العربي الإسرائيلي.
وبذلك ختم الرئيس الأميركي عام 2017 وعامه الأول في منصبه بتأليب الشارعين العربي والإسلامي، وسخط الغالبية الساحقة من دول العالم، من خلال مسه القضية الأهم في القضية الفلسطينية، لما للقدس من رمزية وقداسة لدى المسلمين والمسيحيين، وهم قرابة نصف سكان العالم.
وبينما إهتزت الشوارع منددة بقرار ترامب، أحالت السلطة الفلسطينية القضية إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 21 ديسمبر الماضي، ليؤكد المجتمع الدولي وقوفه بقوة ضد قرار الرئيس الأميركي، فصوتت 128 دولة لصالح المشروع الفلسطيني، مما اعتبر صفعة سياسية لترامب وتوجهاته. إلا أن القرار الأممي يبقى غير ذي جدوى عملية، رغم دلالته السياسية، وكونه وثيقة دولية مهمة في مسيرة الصراع العربي الإسرائيلي.
خنق «الاونروا»ماليا
قالت وزارة الخارجية الأمريكية، أمس الجمعة، إن الولايات المتحدة لن تصرف مساعدات غذائية قيمتها 45 مليون دولار تعهّدت الشهر الماضي بتقديمها للفلسطينيين، في إطار الجهود التي تقودها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وكانت الوزارة قالت، الثلاثاء الماضي، إن واشنطن ستعلّق مبلغاً منفصلاً قيمته 65 مليون دولار كانت تعتزم تقديمه للوكالة التي تخدم الفلسطينيين، قائلة إن على «أونروا» إجراء إصلاحات، لم تحددها.
ونفت المتحدثة باسم الخارجية، هيذر ناورت، أن يكون تعليق المبلغ هدفه معاقبة الفلسطينيين الذين انتقدوا بشدة اعتراف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالقدس المحتلة عاصمة لـ «إسرائيل»، الشهر الماضي.
ويأتي تقليص أمريكا للدعم بعد تهديدات أطلقها ترامب بوقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، معتبراً أن الفلسطينيين لا يريدون الحديث عن السلام، حسب قوله.
وتقدم وكالة الأونروا خدماتها لأكثر من 5.9 ملايين لاجئ فلسطيني مسجّل لديها، ولها 711 مدرسة و 143 عيادة، وتقدّم خدمات اجتماعية وإغاثية وإقراضية لتوفير الحماية للاجئين الفلسطينيين والحفاظ على كرامتهم وحقوقهم.