طباعة هذه الصفحة

كلمة العدد

المطلوب تحرّك أممي جادّ

فضيلة دفوس
16 جانفي 2018

شمس الحقيقة لا يخفيها غربال الأكاذيب، ولا يحجبها التطاول على الشرعية الدولية مهما طال الزمن ومهما كانت قوة المتواطئين، فالإقليم الصحراوي هو أرض محتلّة تنطبق عليها قرارات تصفية الاستعمار الصادرة قبل نحو ستة عقود عن المنظمة الأممية نفسها، التي نراها تتماطل وتتجاهل عن قصد أو عن قلة حيلة فرض لوائحها وتمكين الصحراويين من حقّّهم  الشرعي في تقرير المصير والاستقلال.

الأكيد، أن ما بني على باطل فهو باطل، لهذا فالأحكام القضائية  التي تبحث الانتهاكات المغربية لحقوق الشعب الصحراوي  تصدر كلّها لصالح هذا الأخير، آخرها الحكم الذي انبثق عن  محكمة العدل الأوروبية قبل أسبوع، والذي قضى ببطلان اتفاقية الصيد البحري المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لأنها تنطبق على مياه إقليمية لأرض خاضعة للاحتلال.
 
المدّعي العام الأوروبي ملكيور واتيليت، لم يكتف بإقرار بطلان الاتفاقية، بل صفع بحكمه المغرب، حيث أكّد بأن وجوده في الصّحراء الغربية هو مجرّد احتلال عسكري لا شرعي، واستغلاله لثروات مياهها الاقليمية هو نهب واضح لمقدّرات الشعب الصحراوي المحروم دون وجه حقّ من فرصة تقرير المصير.
واتيليت وهو يدين بحكمه  المغرب لأنه أبرم اتفاقية الصيد البحري على أساس ضمّ الصحراء الغربية لأراضيه عنوة من جانب واحد وخارج الشرعية، وجّه سهامه أيضا للاتحاد الأوروبي الذي يشارك محتلاّ اغتصاب حقّ شعب مظلوم في الاستمتاع بثرواته وقبل ذلك بأرضه.
والواقع أن اللّوم الأكبر لا يقع على المغرب فقط، فلولا التواطؤ الأوروبي والغربي عموما، لما تجرّأ منذ البداية على مدّ سيطرته إلى الإقليم الصحراوي، ولما واصل خرقه للشرعية ورفضه لتنفيذ استفتاء تقرير المصير، لهذا فمعركة الصّحراويين ليست مع الاحتلال المغربي فقط، بل هي مع مجموعة كبيرة من الدول الفاعلة على الساحة الدولية وهنا تكمن عقدة حلّ القضية الصحراوية.
التواطؤ الأوروبي لا تحجبه حواجب، فهو واضح وبشكل مستفزّ، إذ أبرم الاتحاد الأوروبي والمغرب اتفاقية شراكة في عام 1996 و»اتفاقية الصيد» في عام 2006 واتفاق تحرير بشأن المنتجات الزراعية والمنتجات الزراعية المصنعة والأسماك والمنتجات السمكية في عام 2012، تشمل الأراضي الصحراوية المحتلة ومياهها الإقليمية، وبعيدا عن الرّسميات هناك تعاون مع العديد من الشركات لنهب الثروات الصحراوية الباطنية.
 ورغم أن محكمة العدل الأوروبية قضت في 21 ديسمبر 2016، بأن اتفاق الشراكة المبرم بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لا ينطبق على الصحراء الغربية، فإن التنفيذ على أرض الواقع غائب، ما دامت لا توجد هنالك آليات تفرض تطبيق الأحكام واحترامها.
وتسعى المفوضية الأوروبية إلى تجديد الاتفاق مشيدة بـ»عائد استثماري جيد»، فما بين 2014 و2018، تمكّنت سفن الصيد الصناعي المسموح بها بموجب الاتفاق، من صيد 83 ألف طن من السمك سنويا، بقيمة بلغت نحو80 مليون يورو، حصل المغرب على نصفها.
ومن خلال هذه الأرقام وأخرى تبقى في طيّ الكتمان، يتجلّى واضحا بأن الأرض الصحراوية باتت كنزا لا ينضب بالنسبة للمغرب وأوروبا، والحلّ في وقف هذا الاستنزاف، لا تحقّقه الأحكام الصّادرة عن المحاكم على أهميتها ، بل يتطلّب تحرّكا أمميا فاعلا وحازما لإنهاء الاحتلال وإعادة الحق إلى أصحابه، فبغير ذلك سيظل لصوص الثروة ينهبون خيرات الشعب الصحراوي الذي تنام أرضه على ثروات هائلة، في حين أنه يعيش على ما تجود به أيدي المحسنين.