تعدّ ولاية جيجل واجهة وطنية حقيقة لصناعة الجلود، المعروفة بالمدبغة العمومية بمنطقة الحدادة، وخنيفر مسعود الخاصة بالميلية، مكّنت السوق المحلية والوطنية من الجلد، بل إنها ساهمت في تصديرها إلى مختلف دول العالم لجودتها والإنتاج الكبير، مما جعلها عاصمة الجلود دون منازع، ومن المتوقع أن تأخذ صناعة الجلود مكانا هاما في النسيج الاقتصادي الجزائري، لما توفرها من آفاق للتصدير وتوظيف اليد العاملة المحلية.
فقد تمكنت مدبغة «خنيفر مسعود» بالميلية في إنتاج أجود أنواع الجلود وتحويلها، حيث نالت في الكثير من المرات جوائز محليا ووطنيا، لا سيما وأنها المؤسسة الأولى ذات الطابع الخاص الرائدة وطنيا في مجال إنتاج الجلود وتصديرها وإحرازها طاقة إنتاجية عالية.
المدبغة تقع بالميلية على مستوى الطريق الرابط بين جيجل وولاية قسنطينة، تبعد عن عاصمة ولاية جيجل بحوالي 60 كلم، وقد ساعدها موقعها الاستراتيجي والبعيد عن التجمعات السكنية الكبرى التي من شأنها أن تتأثر بمفرزات وفضلات المدبغة، على تحقيق إنتاج يومي ضخم، تنتج المدبغة كل أنواع الجلود، جلد الغنم والبقر، وكذا جلد المعز، والتي تحصل عليها من مختلف المذابح المحلية والموزعة عبر التراب الوطني، فتقوم بمعالجتها عبر مراحل إنتاجية، تشغل ما يقارب 150 عامل.
وتعتبر مدبغة خنيفر مسعود من الاستثمارات الخاصة الرائدة في صناعة الجلود، بطاقة إنتاجية يومية تصل إلى 12 طن من جلد البقر، و06 الألف قطعة من جلد الغنم والمعز، ويؤكد مسعود خنيفر مدير المدبغة «أن المادة الأولية جزائرية 100 بالمائة، واليد العاملة محلية، وتنتج المدبغة كل أنواع الجلود، الموجهة لصناعة الأحدية، الألبسة، وغيرها»، موضحا «أن العمال والإطارات التي ألتحقت بالمدبغة تلقت تكوينا من قبل إطارات المؤسسة لمباشرة العمل، والاندماج الكلي بالمؤسسة»، وأضاف مدير المدبغة «أن نسبة 90 بالمائة من منتوجات هده الوحدة توجّه للتصدير خصوصا مع اعتماد الجمارك الجزائرية لجملة من التسهيلات»، وهو الأمر الذي أكده حاج إسماعيل المدير التجاري للمدبغة «تعتبر الوحدة نموذجية في التصدير المنتوجات الجلدية، حيث تقوم بتصدير الجلود للعديد من دول العالم، كإيطاليا، إسبانيا، البرتغال وغيرها من دول العالم».
من جهتها، احتلت مدبغة جيجل، مكانها الخاص في الاقتصاد الوطني، باعتبارها مؤسسة عمومية اقتصادية مختصة في معالجة جلد البقر فقط، تأسست سنة 1967، واستقلت بذاتها سنة 1998، واستطاعت أن تسدّ الكثير من الثغرات في الاقتصاد المحلي، فعدد عمال المؤسسة يصل إلى 145 عامل، بمعدل إنتاج سنوي يصل الى 8 ملايين قدم مربع، وبرأس مال 350 مليون دينار سنويا، حسب تصريح محمد حنصاوي الرئيس المدير العام للمدبغة. ولم تكتف بتغطية السوق المحلي والوطنية من الجلد المدبوغ بل ساهمت بشكل كبير في التصدير نحو الخارج خلال السنوات الماضية، ورغم العراقيل والمشاكل التي اعترضت المؤسسة، أبرزها نقص المادة الأولية، واحتكارها من بعض الخواص، إلا أنه هناك مشاريع في الأفق لرفع الإنتاج، كما يقول المسؤول الأول عن المدبغة. وفي نفس السياق، أكد رئيس الدائرة التقنية بالمدبغة «أن المؤسسة هي الأولى على المستوى الوطني، من حيث الكمية والنوعية، التي تخضع للمقاييس والمعايير الدولية»، وتعمل المدبغة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من حيث الصناعات التحويلية الجلدية بدل استيرادها، وهو رهان المؤسسة، حيث يعد هذا المصنع الأول في الجزائر من حيث النوعية والكمية المنتجة، ناهيك عن عدد مناصب العمل الذي يوفرها. أما عن منتجاتها فهي تسوقها لبعض الخواص المتخصصين في الصناعات الجلدية كالأحذية، المحافظ والألبسة الجلدية وكذلك للهيئات العمومية على غرار الحماية المدنية ووزارة الدفاع الوطني.