وضع الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا، تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة، الموقع بالجزائر سنة 2015، على رأس أولويات الحكومة الجديدة التي أسندت لوزير الدفاع السابق صومايلو بوباي مايغا.
استهلت دولة مالي سنة 2018، بطاقم حكومي جديد، يقوده صومايلو بوباي مايغا، الذي شغل عدة حقائب وزارية سيادية وحساسة، آخرها وزارة الدفاع، وسيحاول النجاح فيما تعثرت فيه 4 حكومات سابقة اشتغلت تحت قيادة الرئيس ابراهيم بوبكر كيتا.
التعثر المسجل منذ 2015، لا يتعلق بالجانب السياسي والاقتصادي للبلاد، وإنما بملف استراتيجي للبلد ولدول الساحل الإفريقي ككل، والمتمثل في اتفاق السلم والمصالحة الوطنية الموّقع في جوان 2015 بالجزائر العاصمة.
قادت الجزائر الوساطة الدولية للمفاوضات بين الأطراف المالية، وعملت طيلة 8 أشهر متتالية على إعداد الاتفاق، وتتولى حاليا قيادة لجنة دعم ومتابعة تنفيذ الاتفاق على الأرض.
خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء، الأسبوع المنقضي، أمر الرئيس المالي، بتحضير مشروع قانون «للوفاق الوطني»، والمنصوص عليه في اتفاق الجزائر، وهي خطوة جوهرية لتكريس السلم والاستقرار وكذا المصالحة الشاملة بين كافة مكونات الشعب المالي.
يريد كيتا بذلك، التأكيد على أن الوقت قد حان لتنفيذ الاتفاق الاستراتيجي روحا ونصا، بعد أزيد من سنتين من التعثر والمماطلة وما تخللها من مناوشات مسلحة في بعض الأحيان، خاصة بمدينة كيدال.
اختيار الوزير الأول المالي، بوباي مايغا، الجزائر كوجهة خارجية أولى له، منذ تنصيبه أواخر ديسمبر الماضي، على رأس الجهاز التنفيذي، يعكس عودة التحركات المكثفة حول ملف السلم والأمن وإيجاد الأرضية الملائمة لذلك.
تعتبر الجزائر شريكا، لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لمالي ولدول الساحل الإفريقي، نظرا لدورها المركزي في صناعة الأمن والاستقرار وقيادة الوساطات الناجحة والهادفة إلى تكريس الحلول السلمية بما يحفظ الوحدة الوطنية وسيادة الدول ويستجيب لتطلعات الشعوب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
تتصدر الجزائر الموقع الأنسب، لدعم الماليين في تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة الوطنية، بعيدا عن الأجندات الخفية والمصالح الضيقة التي تتخذها بعض الدول غاية ووسيلة في التعامل مع الملف.
لا يقتصر التعاون بين الجزائر ومالي، على ملف السلم والمصالحة، فهو مبني على مقومات إستراتيجية تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وبالأخص الجانب الأمني من خلال تبادل الخبرات وتكوين القوات المسلحة المالية. تعد مالي أول زبائن الجزائر في المعدات العسكرية المنتجة وطنيا، وبالأخص الشحنات والمدرعات المنتجة من قبل مؤسسة مرسيدس بنز بالرويبة.
ينتظر أن تتبع زيارة مايغا للجزائر، بنفس جديد في مسار تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة بمالي، وتعزيز التعاون الأمني الثنائي لمواجهة التهديدات الإرهابية والمرتبطة بالجريمة المنظمة وتهريب البشر.