طباعة هذه الصفحة

بن عمر بن جانا الخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية لـ «الشعب»:

فرنسا متحمسة لقوة الـ5ساحل لتخفيف خسائر برخان

حاوره: حمزة محصول

منطقة الساحل خط الدفاع الأول لتأمين أوروبا

أوضح الخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية بن عمر بن جانا، أن عملية برخان ستتخذ من قوة الـ5ساحل الجاري تفعيلها، آلية حمائية حتى لا تكون لها خسائر في الحرب على الإرهاب بالمنطقة، ويرى في الوقت ذاته نجاح القوة الإفريقية مرتبط بنجاعة أدائها لمهام متنقلة في محيط جغرافي واسع.
«الشعب»: بعد قمة لرؤساء دول الميدان وأعضاء من الاتحاد الأوروبي بفرنسا منتصف ديسمبر، تحتضن باريس في 15 جانفي الجاري اجتماعا آخر حول قوة الـ5ساحل بمشاركة الدول المانحة ووزراء الدفاع، بما تفسر التعبئة الكبيرة التي تقوم بها فرنسا لهذه القوة العسكرية؟
بن عمر بن جانا: الأمر لا يتعلق فقط باهتمام فرنسي غير مسبوق، فالنسبة لفرنسا التي تقود أوروبا حاليا إن صحّ التعبير، يشكل الساحل الإفريقي خط الدفاع الأول ضد الحركات الإرهابية والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة اتجاه أوروبا.
وترى باريس أن إنشاء قوة الـ5 ساحل، إضافة إلى مبادرة الـ5+5 التي تجمع دول الضفتين الجنوبية والشمالية للمتوسط، سيشكل حصنا منيعا ضد المخاطر الإرهابية.
وهناك ملاحظة أساسية، تتمثل في تزامن التعبئة الكبيرة للقوة الجديدة في الساحل الإفريقي، مع عودة الإرهابيين الذين كانوا ينشطون في سوريا والعراق إلى إفريقيا، وهو الأمر التي تحدثت عنه الجزائر في الندوة الأخيرة للسلم والأمن بوهران.
ولا يخفى على أحد أن الساحل الإفريقي يبقى منطقة رمادية مليئة بالتهديدات الأمنية، لذلك ترى فيها فرنسا عمقا استراتيجيا يستدعي تحركات مكثفة على كافة الأصعدة.
 ألا تعتقدون بوجود رغبة فرنسية في خلق درع أمامي لحماية عملية برخان الناشطة في المنطقة بخلق قوة الـ5ساحل، لخفض التكلفة البشرية والمادية للتواجد العسكري الفرنسي في المنطقة؟
 منذ التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي سنة 2013، قلت أن عملية سيرفال والتي أعقبت ببرخان، لن تنجح، لسبب بسيط هو أن الجماعات الإرهابية «متشظية» وتنتشر في مجموعات قليلة العدد عبر محيط جغرافي واسع للغاية، ما يجعل القوات النظامية التي تحاربها غير قادرة مواجهتها بشكل مباشر.
ومن المستحيل أن تنجح قوة برخان في التصدي لتنظيم إرهابي يعمل من خلال تجزئة عناصره عبر مجموعات مكونة من 5 إلى 6 أفراد، والدليل أن الاعتداءات الإرهابية ارتفعت سنة 2016 بنسبة 150 بالمائة.
وبرخان سوف تعتمد على قوة الـ5ساحل كقوات رديفة لها حتى تتجنّب خسائر في صفوفها، وستساهم أيضا في إقحام دول الميدان في مكافحة الإرهاب بشكل فعال وحثيث من أجل حماية أراضيها وسيادتها الوطنية.
من الناحية العملياتية، هل تنجح قوة من 5000 عنصر لا تحوز على الإمكانيات العسكرية المتطورة في مكافحة الإرهاب على مساحة جغرافية تفوق مساحة فرنسا واسبانيا مجتمعتين؟
 من المنظور العسكري، قوة الـ5ساحل، ستكون عبارة عن قوات عملياتية متنقلة تسند لها مهام متحركة تلاحق بموجبها الجماعات الإرهابية، بمعنى أدق ليس لها مهام دفاعية ثابتة وإنما تتحرك في المناطق التي يتواجد بها الخطر الإرهابي.
وستكون هذه القوة عبارة عن «لواء»، تحت قيادة موحدة، تتلقى الأوامر للقيام بعمليات قتالية في حدود الدول الـ5.
وستكون مدعومة بشكل غير مباشر، من قبل الجيوش التي ترابط على حدودها الجغرافية والتي تؤدي مهام دفاعية ثابتة.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اختار زيارة القاعدة الرئيسية لبرخان في غاو شمال مالي في أول خرجة له نحو إفريقيا، كما تناول عشاء عيد الميلاد مع جنود فرنسيين في نيامي بالنيجر، كيف تعلق على ذلك؟
 ماكرون رئيس نشط وطموح للغاية، ويعمل على زيادة قوة ونفوذ بلاده في الخارج، ومعروف أنه دون إفريقيا لن تكون فرنسا دولة عظمى، وبالتالي فما قام به الرئيس الفرنسي تجاه عملية برخان يؤكد  الأهمية التي يوليها لمنطقة الساحل باعتبارها عمقا استراتيجيا لبلاده، وعزمه على حماية المصالح الحيوية في المنطقة.