يخلد الصينيون كونفوشيوس، والمصريون يخلدون كليوباترا والاهرامات، ويخلد الجزائريون شهداءهم الذين خطوا بدمائهم ثورة لن تزول ما دام التاريخ قائما، «اللهب المقدس»، ولاية تيارت تزخر بكنوز فكرية مرت عبر التاريخ فمن عبد الرحمان بن خلدون الى عبد الرحمان بن رستم الى جاك بارك، ولا تزال جينات هؤلاء تمشي في عروق المفكرين والمبدعين، ورغم ان سنة 2017، شهدت مغادرة بعض الذين بصموا في سجل الثقافة، غير ان الإبداع كبطن السيدة ينجب في كل لحظة مولودا، فقد غادرنا احد اعمدة الشعر ورئيس النادي الأدبي المرحوم بن عيسى بن زعمة، والخطاط صاحب الريشة الفنية والخطاط كاشار احمد ابن مدينة حمادية، والمؤرخ والأنثروبولوجي الدكتور عمر محمودي، والمسرحي وكاتب الكلمات المرحوم حمزة قويدر المدعو مادون ووجوه اخرى اختفت في صمت.
شهدت ولاية تيارت خلال سنة 2017، تظاهرات ونشاطات فنية منها الوطنية والمحلية. وقد وقفنا رفقة مدير الثقافة للولاية بن علي عمشة والذي رحب بحفاوة «بجريدة الشعب» وقد تطرقنا رفقته الى اهم المحطات، وقبل ذلك اصرّ مدير الثقافة الى حدث مهم والمتمثل في مناسبة «يناير» التي يوليها مكانة خاصة لكونها من مكونات هويتنا الثقافية والتي كتب عنها كثيرا. والتي اعتبرها عنصرا اساسيا في الهوية الوطنية قد اعد برنامج خاص للمناسبة سنعود اليه عندما تحين المناسبة.
التظاهرات الثقافية تترتب من حيث تسلسل الأهمية وليس الزمنية او تاريخ المناسبة، فأبرز حدث شهدته تيارت هو المهرجان الوطني للاغنية الملتزمة في طبعته الثالثة والذي كنا تطرقنا اليه حينه والذي جرى في شهر سبتمبر وشاركت فيه 15 ولاية وشارك في تقييم اعماله عمالقة كمحمد لعراف ومعطي كمال وسليمان جوادي ويوسفي توفيق وقد توجت، وكانت المناسبة لتكريم ابن الولاية الفنان فغولي حمزة بمناسبة عيد ميلاده. وقبلها الصالون المحلي للفنون التشكيلية الذي كان ابرز المشاركين فيه الفنان التشكيلي السيد وضاي محمد اقدم فنان في هذا الفن بولاية تيارت والذي يبلغ من العمر اكثر من70 سنة ولا يزال ينتج، والذي صرّح لنا بأن ولاية تيارت لا تزال تفتقر الى نشاطات ثقافية ترفع من قيمته الثقافية ولا سيما في الفن التشكيلي والمسرح والسنيما مثمنا دور مدير الثقافة الحالي السيد بن علي بن عمشة وهو رجل ميدان ومثقف ويعرف خبايا الثقافة يجب مساعدته من طرف السلطات والفنانين على حدّ سواء.
ولاية تيارت عرفت كذلك خلال سنة 2017، كذلك تظاهرات في الخط العربي والفن التجريدي والرمزية والمنمنمات والزخرفة والنحت على الخشب والرخام، وتقديم مداخلات اعلامية من طرف الفنان محمد وضاي عن فن الرقام الأصيل.
الساحة الثقافية عرفت تنظيم ملتقى وطني لمكتبات المطالعة بدار الثقافة علي معاشي
الخيمة التقليدية للشعر الشعبي والأغنية البدوية والذي اختير له شعار «قعدة وهمّة» كان من بين التظاهرات التي شهدتها ولاية تيارت وشهد اقبالا كبيرا وشارك فيها اكثر من20 محليا و4 من خارج الولاية والذي احتضنته دار الثقافة علي معاشي.
موسم الاصطياف عرف كذلك تظاهرات وسهرات فنية والذي شارك فيه قرابة 25 فرقة بمجموع 132 فنانا لإحياء الحفلات ونشاط آخر عرفته تيارت وهوعرض ملحمة «الملحمة الخضراء» للمخرج طارق عشبة.
أما التراث حسب مدير الثقافة بن عمشة بن علي، فقد عرف هو الآخر نشاطات متواصلة منذ مجيئه على رأس المديرية منذ شهور، حيث عرف القطاع مرافقة اعوان قطاع الثقافة واطاراتها ومرشديها للمواقع الاثرية لتعريف الزوار ولا سيما الأجانب للمواقع الاثرية المهمة، حيث بلغ عدد الزوار لهذه السنة 3357 تلميذا و514 طالبا جامعيا و47 سائحا اجنبيا و7 وفود تمت المرافقة والتحسيس والتكفل بفرق بحث اكاديمي من جامعات منها جامعة الجزائر 2 واساتذة وطلاب وكذا انجاز بحوث انتروبولوجية. وحسب بن عمشة فانه تمّ ايداع 75 ملفا لطلب للاستفادة من بطاقة فنان على 3 دفعات منذ بداية سنة 2017، وتم ايداعها لدى المجلس الأعلى للفنون والآداب، حيث تمّ استلام 14 وستسلم البقية على دفعات.
بن عمشة الذي عرفت الثقافة قفزة نوعية منذ تعيينه على رأس مديرية الثقافة حسب الفنانين الذين التقينا بهم خارج اسوار المديرية. كما استفادت من الدعم المادي العديد من الجمعيات النشطة كالجمعية النسوية الشبانية للإرادة والمستقبل بتيارت والجمعية الثقافية من الشلالة وجمعية أمل لبلدية مهدية وجمعية ثريا استفادت الجمعيات من موارد مالية تثمينا لنشاطاتها الثرية والدائمة
سنة 2017، شهدت عرض فيلم «دهيهنيز» للمخرج بن عبد الله محمد ومعرض ومعرض للكاتب عدة شنتوف مع بيع بالاهداء للكاتب تحت عنوان الجزائر 50 سنة سينما، كذلك عرفت الساحة الثقافية عرسا تقليديا من تنظيم الجمعية النسوية للدفاع عن حقّ وترقية الفتاة .كما أحيت مديرية الثقافة جميع التظاهرات الخاصة بالمناسبات الدينية والوطنية والتراثية، وأهم حدث ينتظره الجزائريون يقول مدير الثقافة هو برنامج الاحتفال بيناير الذي يعتبر ارث ثقافي من هوية الجزائريون .مدير مكتبة جاك بارك بمدينة فرندة خالد بن عزوز صرح لنا بأن المكتبة استلمت منذ ايام 2500، كتاب لصالح المؤرخين والقراء وزار المكتبة التي بها 43 ألف كتاب منذ ان افتتحت، وزار المكتبة العشرات من داخل الوطن وخارجه لما لها من قيمة ثقافية ولكونها بالقرب من مغارة ابن خلدون .
ولاية تيارت عرفت نشاطات مكثفة لم نسردها نظرا لكثرتها واكتفينا بالأهم.