طباعة هذه الصفحة

2017 سنة تألّق فيها المسرح الجهوي لمعسكر وغابت عنها أعراس الثقافة

الأزمة المالية.. المتهم البريء

معسكر: ام الخير سلاطني

تراجعت الحركية الثقافية بمعسكر خلال السنة التي تشارف على القضاء، ولم تكن المحطات التي مرت بها بذات الأثر الذي أحدثته في الجمهور المعسكري خلال السنوات الماضية، سنة أخرى غاب عنها المهرجان الوطني لفن البدوي ومهرجان فنّ القناوي وتظاهرات الأسابيع الثقافية وصالونات الفنون التشكيلية وغيرها من التظاهرات الثقافية التي كان يستمتع بحلولها الجمهور المتعطش والتواق للوصل الموسمي بهويته وتقاليده المتجذرة.

 كما ظلّت أهم المشاريع التي استفاد منها قطاع الثقافة بولاية معسكر المستلمة قبل 2016، ولسنة أخرى مجرد هياكل أو تحف فنية بلا روح وظلّ استغلالها مؤجل إلى أجل غير مسمى، كل ذلك يشير إلى شلل نسبي في الحركية الثقافية تلقى أسبابه على الأزمة المالية الاقتصادية، هذه الأزمة التي أرخت بظلالها على قطاع الثقافة بولاية ثرية بإرثها التاريخي وموروثها الثقافي ونخبة لا يستهان بها من المثقفين الذين يسعون لمقاومة الأزمة الاقتصادية وتحدي الظروف المالية، وإلا كيف يفسر تألق المسرح الجهوي لمعسكر في ظل هذه الأزمة المالية الخانقة للفعل الثقافي؟
عندما يقاوم المسرح ويتحدى الأزمة المالية
ببساطة القول وصريح الكلام يجيب عن تساؤلنا مدير المسرح الجهوي لمعسكر أحمد خوصة مختصرا قوله في عبارة «إنها الإرادة القوية والعزيمة، فالمسرح يجب أن يعيش»، وأوضح أحمد خوصة أن أسرة المسرح الجهوي لمعسكر من إداريين وفنانين، تغلبت على جميع الظروف الصعبة المحيطة بالعمل المسرحي باعتباره أحد روافد الثقافة، من بين تلك الظروف تقليص ميزانية المؤسسة إلى ثلاث أضعاف من قيمتها في سنوات البحبوحة المالية، زيادة على غياب المقر واضطرار أسرة المسرح إلى التنقل هنا وهناك لإجراء تدريباتها على الأعمال المسرحية استعدادا لخوض المنافسات في التظاهرات التي أقيمت داخل وخارج الوطن وخرج منها المسرح الجهوي لمعسكر بنتائج مشرفة بل تجعله محطّ مثل يهتدى به في تحدي الأزمة المالية والظروف الصعبة المحيطة به، إلى ذلك يدفعنا القول إن توجيه الاتهام للأزمة المالية كسبب لفتور الحركية الثقافية مجرد خلفية مقنعة لتبرير بعض المواقف التي يغيب عنها وسم الإرادة و العزيمة، وفي خضم حديثنا مع مدير المسرح الجهوي لمعسكر عن الطريقة السحرية الناجحة التي جعلت مسرح معسكر يتحدى وينتج ويتألق بـ»إرادة وعزيمة» دون اعتبار للظروف المالية المحيطة به، يجيب أحمد خوصة أن حسن التسيير والتدبير مكّن المسير من خوض معركته والنجاح، لدرجة أنه لم يتوقف عند انتاجات قديمة مازالت تحصد نتائج مشرفة بل يستعد بعد تألقه في الأردن والجزائر لعرض آخر انتاجاته المسرحية في الدورة 12 للمهرجان الوطني للمسرح المحترف بعنوان «آسف ..لن أعتذر».
عموما، لم تكن الأزمة المالية ذريعة تتحجّج بها النخبة المثقفة بولاية معسكر لتبرير غيابها من المشهد الثقافي مثلما هو الحال بالنسبة لأعراس معسكر الثقافية ممثلة في عدة طبعات من مهرجان الفن البدوي والشعر الملحون والتي يستدعي إقامتها والإعداد لها تمويلا ماليا مكلفا، حيث ظلّ وما يزال حضور النخبة المثقفة في المشهد الثقافي قائما وإن كان يقتصر فقط على عاصمة الولاية، من خلال ما تقيمه أسبوعيا النوادي الأدبية والثقافية كنادي البيان الناشط تحت لواء دار الثقافة أبي رأس الناصري وتحت إشراف مديرية الثقافة للولاية من محاضرات وأيام دراسية متنوعة المضامين تستقطب اهتمام النخبة المثقفة وشعراء وأدباء المنطقة، في مشهد ينفي جليا أن تكون قلة الإمكانيات وشحّ الميزانية من العوامل التي ترخي عضلات الثقافة و تشلها.