تتوقع المصالح الفلاحية لولايتي جيجل وسكيكدة إنتاج ما يقارب 12 مليون لتر من الزيت خلال الموسم الفلاحي الحالي، في الوقت الذي تواصل فيه أسعار زيت الزيتون ارتفاعها بالمحلات التجارية وذلك في منحى معاكس للتصريحات المتفائلة للقائمين على القطاع الفلاحي والذين توقعوا استقرار الأسعار هذا العام بفعل وفرة الإنتاج.
حملة الجني بلغت مراحلها الأخيرة من خلال جمع نسبة كبيرة من المحصول على مساحة تفوق الـ 5 آلاف هكتار من أصل المساحة الإجمالية التي تتواجد عليها حقول الزيتون والمقدرة بـ 15 ألف هكتار والتي تضم في المجموع أكثر من مليون
شجرة زيتون، وقد فتحت أكثر من 160 معصرة على مستوى الولاية أبوابها لاستقبال محصول الزيتون لهذا العام، تم تجهيز 90 منها بتجهيزات حديثة لاستقبال كميات الزيتون بطاقة تحويل تقدر بـ 8700 قنطار في اليوم، وسط ارتفاع واضح للأسعار التي تجاوزت في بعض المناطق عتبة الـ 750 دينار للتر الواحد وهو ما يمثل زيادة بنحو 5 بالمائة عن أسعار العام الماضي، وتجاوز سعر اللتر الواحد بمعاصر بعض المناطق الـ1000 دينار وهو أعلى سعر يصله زيت الزيتون على مستوى الولاية منذ السنوات الأخيرة، الأمر الذي تسبب في تراجع الإقبال على هذا الأخير للأسعار غير الملائمة.
وتوقعت مديرية المصالح الفلاحية جني ما يقارب 6 ملايين لتر من الزيت، بمعدل 21 قنطارا في الهكتار الواحد هذا العام، غير أن المتابعين للشأن الفلاحي بعاصمة الكورنيش وكذا كبار الفلاحين ومنتجي زيت الزيتون بالولاية يتوقعون من جانبهم تراجع الإنتاج، وذلك لأسباب الخسائر الفادحة التي مست حقول الزيتون بمعظم بلديات الولاية والتي أتلفت قرابة 40 ألف شجرة زيتون، ناهيك عن موجة الجفاف التي ضربت هذه الأخيرة والتي تسببت في إتلاف حبات الزيتون قبل بلوغها مرحلة الجني .
جيجل ولاية نموذجية في تطوير زيت الزيتون البيولوجي
كشفت تحاليل في المخبر أجريت خلال السنوات الأخيرة، عن النوعية الجيدة لزيت الزيتون المنتج بجيجل، خاصة ما تعلق بمعدل الحموضة، فمن أصل 11 معصرة لزيت الزيتون ما بين عصرية وتقليدية مستهدفة، فإن اثنتين فقط يوجد بهما معدل حموضة يتراوح ما بين 3.92 و17.6٪، فيما أعطت المعاصر التسع الأخرى نتائج جد مرضية، وذلك بمعدل حموضة يتراوح ما بين 0.48 و2.73 في المائة.
وهذه التحاليل التي أجريت في المخبر تندرج في إطار تقييم جودة زيت الزيتون المنتج، وتم حينها اقتطاع العينات من طرف المعهد التقني للأشجار المثمرة والكروم لسيدي عيش بولاية بجاية المجاورة وذلك لدى 11 معصرة لزيت الزيتون ببلديات كل من الطاهير والشقفة والعنصر وبني حبيبي وهي تقع كلها بمناطق تشتهر بإنتاج الزيتون عبر ولاية جيجل.
واختيرت ولاية جيجل ضمن الولايات النموذجية (تلمسان، باتنة، تيزي وزو وتيبازة، جيجل )، في إطار تطوير زيت الزيتون البيولوجي وبالتنسيق مع منظمة الأغذية والزراعة FAO و المعهد التقني للأشجار المثمرة والكروم ITAFV ، ولتنفيذ هذا المشروع تم مؤخرا تنظيم ورشات عمل مع منتجي الزيتون وزيت الزيتون على مستوى فرعي الشقفة وقاوس والبلديات المجاورة لهما للتعرف على وجهات النظر لدى منتجي الزيتون حول الزيت البيولوجي ومن ثم تحليلها من طرف خبراء وطنيين ودوليين لوضع إستراتيجية لتطوير زيت الزيتون البيولوجي محليا ووطنيا.
الأسعار بسكيكدة بين 650 دج و1000 دج
تحتل سكيكدة المرتبة الخامسة من حيث إنتاج زيت الزيتون على المستوى الوطني، وتوقعت مديرية المصالح الفلاحية إنتاج أكثر من 06 ملايين لتر خلال الموسم الجاري من الزيت، والإنتاج في مجمله لم يتأثر بالحرائق التي مسّت مساحات كبيرة لأشجار الزيتون خلال الموسم الصيفي الماضي، بل بالعكس تؤكد ذات المصالح أن الإنتاج للموسم الحالي أحسن من إنتاج الموسم الماضي من حيث المردودية.
وتشتهر سكيكدة بزراعة أنواع عديدة من أشجار الزيتون، أهمها الشملال والأزراج ولاروجات والبلانكات، إلى جانب» بويشة» وهي خليط بين الأشجار الأوروبية القديمة والأشجار المستحدثة محليا، وفيما يخص معاصر الزيتون، توجد في ولاية سكيكدة حوالي 75 معصرة، منها 13 معصرة أنجزت في إطار برامج الدعم الفلاحي.
بوادر ارتفاع أسعار الزيت بسكيكدة، ظهرت من أول يوم بداية جني المحصول، حيث بلغت الزيادة 30 بالمائة مقارنة بالموسم الماضي، وارتفع سعر اللتر من زيت الزيتون ذات النوعية والجودة العالية من 650 إلى 1000 دينار جزائري، ويعتبر الزيتون في الكثير من مداشر وقرى الولاية مصدرا حقيقيا للرزق للعديد من العائلات الفقيرة التي تعيش على بيع هذه المادة خاصة العائلات التي بقيت تقطن في الأرياف حتى خلال الأزمة الأمنية، وكانت تملك حقول الزيتون والتي عادة ما تستمر عملية جني الزيتون عندهم لأكثر من شهرين ولكن هذه العائلات، كانت من أكثر المتضررين في هذا العام جراء الحرائق التي عرفتها المنطقة في الآونة الأخيرة التي أتت على عدد معتبر من أشجار الزيتون خاصة في مداشر وقرى الجهة الغربية من الولاية.
فالرجوع إلى الريف في موسم جني الزيتون تسبقها عملية تفقدية واسعة لأصحاب غلة الزيتون، وذلك من أجل انتشال أشجار الزيتون من الأحراش وفتح المسالك المؤدية إليها لتسهيل عملية الوصول إليها، الأمر الذي جعل سعر اللتر يصل إلى 1000 دج بالمصيف القلي، ففي هذه المنطقة السعر لا يرتبط بالجودة أو الوفرة، وإنما للطلب المتزايد على زيت الزيتون، بالمقابل تكاليف إنتاجه كبيرة، للتضاريس الصعبة، التي تمتاز بها المنطقة، ومشقة جني الثمار، ناهيك عن تكاليف النقل، والعصر، أما بدوائر تمالوس، عين قشرة، وسبدي مزغيش، والاود احبابة، فالإنتاج وفير والأسعار مقبولة نوعا ما فهي لا تتجاوز700 دج للتر.