مشروع تشريع جديد ينظم مسار الباحث الجامعي والتخصصات والتكوين
قررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي غلق مخابر البحث التي أثبتت التقييمات سلبية تقاريرها، حيث وبعد سنوات ارتأت الوصاية تمويل مخابر البحث الناجحة فقط، والتي أثبتت تقارير تقييمها أن نتائج أبحاثها ايجابية، حيث من أصل 1207 مخبر تم تقييمها، تبين أن أكثر من 300 مخبر غير ناجع علميا.
تأتي خطوات الوزارة بعد أن قررت الدولة منح 20 مليار دج سنويا كميزانية للبحث العلمي من 2017 إلى 2022 أي 100 مليار دج للسنوات الخمسة القادمة في سياق ترقية مكانة البحث العلمي لإيجاد حلول لمختلف الإشكاليات الإستراتيجية.
وتسعى السلطات من خلال مخابر البحث العلمي والمؤسسات البحثية الحصول على حلول لتحقيق الأمن الغذائي والأمن الطاقوي، والرقي بالخدمات الصحية لمستوى تطلعات المواطن.
يحدث هذا في ظل استكمال قانون البحث العلمي الثالث الذي سيدخل حيز الخدمة عن قريب والذي يتضمن العديد من الإجراءات والتسهيلات فيما يخص البحث العلمي وأهمها تمويل مشاريع البحث لطلبة دكتوراه «أل.أم.دي» منذ السنة الأولى حيث ستمنح لهم العقود الجديدة راتبا ب 50 ألف دج في السنتين الأولى والثانية وترتفع إلى 100 ألف دج في السنة الثالثة و150 الف دج في السنة الرابعة، ولكن شريطة أن يكون مشروع البحث مهما وقابلا للتجسيد ويقدم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
وستعمل الوزارة على تشجيع إنشاء مراكز ووحدات بحث علمي على مستوى المؤسسات الاقتصادية ومختلف الشركات الأخرى على غرار «سوناطراك»و»سونلغاز» و»ايني بلعباس» التي تستكمل وضع قانون أساسي للإطارات الباحثة على مستواها من أجل تمكينها من المساهمة في تطوير المؤسسات الاقتصادية ومواكبة مختلف التحولات العالمية التي باتت تفرض منافسة قوية لا يجب تجاهلها.
وكشف حفيظ أوراغ المدير العام للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي أمس أن 70 بالمائة من التقارير حول انجازات ونتائج المخابر العلمية ايجابية،وخاصة المتعلقة بالعلوم الدقيقة حيث لم نسجل مثلا إلا 5 بالمائة من تقارير سلبية حول مخابر البحث في الكيمياء و16 بالمائة بالنسبة لعلوم الطبيعة والحياة، و13 بالمائة بالنسبة لمخابر الفيزياء، بينما كل الإشكال في مخابر بحث العلوم الإنسانية التي سجلت فيها الوزارة 54 بالمائة من نسبة التقارير السلبية وهو ما سيجعل الوزارة تقطع التمويل عنها بالنظر لعدم تمكنها من تقديم قيمة مضافة للمعرفة والبحث العلمي والاقتصاد الوطني رغم الوقت الكبير الذي تم منحه لها للتأقلم والانتقال لمجال الإنتاج العلمي والمعرفي.
وتضم الجزائر حاليا 1440 مخبر بحث تضم 53 الف باحث منهم 34 ألف أستاذ باحث و18 ألف طالب دكتوراه، وتشكل مخابر العلوم الإنسانية 36 بالمائة، وبالمقارنة مع فرنسا تعرف الجزائر تأخرا حيث تتوفر باريس على 249 ألف باحث منهم 148 ألف على مستوى المؤسسات بينما لا تتوفر المؤسسات الجزائرية إلا على 300 باحث.
وما يميز مخابر البحث الجزائرية هو توفر 50 بالمائة من ترسانة الباحثين على شهادة الدكتوراه في الوقت الذي تحصي فيه الجزائر 59 ألف مسجل على مستوى الدكتوراه، وتتفوق مخابر البحث في العلوم الدقيقة في حضور الباحثين الحاصلين على شهادة الدكتوراه بأكثر من 60 بالمائة، وهو ما يعكس تفوقهم في الإنتاج المعرفي حيث تفوقوا على المعايير العالمية في النشر العلمي حيث يقومون بنشر 3 مقالات في 4 سنوات بينما تتوقف المعايير العالمية عند مقالين في 4 سنوات وهو ما يؤكد كفاءة الباحثين الجزائريين.
وانتقلت الجزائر في مؤشرات البحث العلمي بالنسبة لعدد السكان من 105 باحث لكل مليون ساكن في سنة 2000 الى 492 باحث لكل مليون ساكن في 2015 بينما المعدل العالمي المقبول 1080 باحث لكل مليون ساكن،وتحتل سويسرا المرتبة الأولى في هذا المجال حيث توفر 17 دكتورا لكل 1000 ساكن،والجزائر 0.22 باحث لكل 1000 ساكن، وفرنسا 3 باحثين لكل 1000 ساكن،وألمانيا 7 دكاترة لكل ألف ساكن.
750 مشروع بحث لمخابر الامتياز حتى 2022
ستعتمد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على معايير جديدة عالمية خاصة بمخابر البحث العلمي حيث ستكون هناك مخابر بحث عادية وأخرى تسمى مخابر امتياز ستتعامل معها الوزارة بمبدأ التمويل مقابل تقديم القيمة المضافة وهذا لتفادي كثرة المخابر،دون تقديم نتائج ايجابية فرفع تمويل البحث العلمي من 4 ملايير دينار سنويا الى 20 مليار دج سنويا يجب أن يكون عاملا لتشجيع الجودة وبراءات الاختراع والنشر الدولي وغيرها من العوامل التي تحسن من تواجد الجزائر في مقدمات الدول ودخول معركة انتاج المعرفة، ومساعدة الاقتصاد الوطني على رفع نسبة المردودية والمنافسة وتحسين احسن الظروف للباحثين للمساهمة في تقديم الحلول والبدائل لمعركة الانتاج.
وستكون مخابر البحث العلمي مطالبة بانجاز وتجسيد 750 مشروع في الخماسي المقبل أي بمعدل 150 مشروعا كل سنة مع التركيز على التطوير التكنولوجي ل 230 مشروعا لتدارك الفجوة الرقمية وتحسين ترتيب الجزائر في هذا المجال حيث نحتل الصف 113 عالميا من اصل 128 دولة في مجال الابتكارات العلمية، ولتشخيص السباب والوضعية أطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في دراسة تهدف لمعرفة مدى الانتشار والاستعمال التكنولوجي في المؤسسات الجزائرية تقنيا وبشريا من خلال احصاء عدد المهندسين والتقنيين وكذا تواجدهم في المؤسسات.
ويدخل هذا الانتقال في النظرة للبحث العلمي بعد تمكن الجزائر من تسجيل 237 براءة اختراع في 2017 حيث اثبتت هذه المؤشرات قدرة المخابر على تطوير اقتصاد المعرفة الذي سجلت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مداخيل بـ100 مليار سنتيم، حوالي 80 بالمائة من مخابر البحث العلمي، وأقل من 20 بالمائة من مساهمة الجامعات الجزائرية،وهو ما يمكن أن يتضاعف مستقبلا اذا طورنا مخابر البحث العلمي وأضفنا الدعم للناجحة منها.
اعتراف عالمي بنسب نمو البحث العلمي في الجزائر
سجلت الجزائر تقدما باهرا في مجال البحث العلمي حسب التصنيفات العالمية المختلفة حيث جعلت الجزائر في الصف الثاني من حيث تطور نسبة نمو نشر المقالات العلمية في المجلات الدولية بعد ايران،وقال أوراغ أن هذا الأمر يجب ان يتم الوقوف عنده ليس من باب أننا أحسن من الولايات المتحدة الأمريكية ولكن هم وصلوا الى مرحلة التشبع وإنتاجهم العلمي أكثر منا لكنه مستقر منذ سنوات بينما الجزائر قامت بمجهودات كبيرة طيلة 15 سنة الأخيرة للرقي بهذه الأمور واليوم نجني ثمار تلك الاستثمارات الضخمة في مجال البحث العلمي.
وقال في نفس السياق أن مجالات البحث العالمية سجلت حضور جزائريين كأكثر الباحثين تميزا في السنة الجارية 2017 ومنهم الأستاذ تونسي باحث بجامعة سيدي بلعباس بينما لم تسجل أي باحث آخر من المنطقة العربية سوى واحد من مصر واستثناءا السعودية ب 19 باحثا ولكنهم من جنسيات أجنبية تتعاون مع الجامعات السعودية.
وثمن تصنيف شعبة الهندسة في علوم البحار الجزائري ضمن المرتبة 24 عالميا في جودة التكوين بينما نحتل الصف 31 عالميا في الميكانيك و35 عالميا في البناء مع تواجدنا في الصف الأول افريقيا في الكثير من المجالات خاصة العلمية.
وحول تصنيف مختلف الجامعات الجزائرية فدعا أوراغ إلى ضرورة معرفة خلفيات تصنيف الجامعات فهناك صنفان من الجامعات الحكومية والتابعة للخواص وهذه الأخيرة التي تكون مرتبطة بعقود مع كبرى المؤسسات الاقتصادية تجعلها في مراتب متقدمة بينما تتأخر تلك التابعة للحكومات ولا تتعجبوا من جامعة سيدي بلعباس تحتل الصف 617 عالميا متقدمة عن جامعات أمريكية لكون الأخرى كذلك حكومية، وعلى العموم فالجامعات الجزائرية متقدمة إفريقيا وتحتل المرتبة 56 من أصل 233 دولة.
وتشكل الجزائر 0.2٪ من الإنتاج المعرفي التكنولوجي في العالم و0.02٪ بالنسبة للإنتاج المعرفي في العلوم الانسانية وتسيطر الولايات المتحدة الأمريكية على 33٪ من الإنتاج العلمي والمعرفي في مجال العلوم الإنسانية، وربع الإنتاج العلمي في الطب والمساهمات في مجال الطب تعود للولايات المتحدة الأمريكية.