طباعة هذه الصفحة

خبراء في يوم دراسي لمجلس المنافسة

المنافسة النزيهة تحمي القدرة الشرائية ومناصب الشغل

سعيد بن عياد

منح المجلس صلاحيات ردعية لحماية حقوق كل الأطراف

أثار دور المنافسة في حماية القدرة الشرائية والمحافظة على مناصب الشغل وتنميتها نقاشا مستفيضا خلال اليوم الدراسي الذي نظمه أمس مجلس المنافسة بمشاركة خبراء ومختصين محليين ومن الخارج إلى جانب هيئات ومنظمات أرباب العمل ومؤسسات وجمعيات تعنى بالمستهلك. ويرمي هذا اللقاء الذي يندرج ضمن البرنامج المسطر من مجلس المنافسة منذ إعادة تنصيبه في جانفي 2013 لترقية دور المنافسة في السوق على كافة المستويات إلى إظهار فوائد والآثار التي تترتب عن المنافسة النزيهة بالنسبة للاقتصاد والمؤسسة والمستهلك في نفس الوقت، مع البحث في إشكالية تأثير المنافسة على النمو وخلق فرص التشغيل وانعكاسها على القدرة الشرائية للمستهلك.
وأوضح رئيس مجلس المنافسة عمارة زيتوني أن تحديد موضوع هذا اليوم الدراسي ليس ارتجاليا وإنما له علاقة بالوضع الاقتصادي الراهن المتسم بصعوبات مالية نتيجة انهيار أسعار المحروقات والحرص على المحافظة على مناصب العمل وحماية القدرة الشرائية، مشيرا في تصريح لـ»الشعب» أن هناك علاقة مباشرة بين المنافسة والسوق، الأمر الذي تناوله خبراء منظمات دولية متخصصة مثل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (كنوسيد) حيث تبين بشكل واضح ارتباط المنافسة بالنمو الذي يتصدى بدوره للفقر وأكد هذا خبراء البنك العالمي من خلال دراسات أيدتها نتائج أبحاث منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي التي تضم 35 دولة متطورة وشاركت الجزائر من خلال مجلس المنافسة في منتدياتها السنوية للمرة الثالثة.
ونفى رئيس مجلس المنافسة الذي يكتسي طابعا استشاريا أن تكون المنافسة في السوق كابحة للتشغيل أو قاتلة له وإنما هي في الحقيقة ضمن معاييرها الدولية محفزا لتوفير فرص عمل ولذلك دعا إلى وضع قواعد من جانب السلطات العمومية من شانها أن تحقق تكافؤ الفرص بين المؤسسات والمتعاملين لبعث التنافس مبرزا دور مجلس المنافسة في السهر على تطبيق تلك القواعد باعتباره دركي السوق أو الضابط الرئيس للسوق كما يدعى في أمريكا. ويتولى مجلس المنافسة بالتعاون مع 8 هيئات ضبط قطاعية التنسيق في متابعة مؤشرات السوق من جانب تامين مناخ ايجابي للمنافسة كما هو الحال في قطاعات الهاتف والمياه والمحروقات والكهرباء المفتوحة على المنافسة. ويرتقب أن يكشف المجلس في منتصف السنة القادمة عن تقرير يتضمن حصيلة نشاطاته خلال السنة الجارية حيث أكد زيتوني أن مصالح المجلس المختصة تقوم بضبط التقرير الذي يقدم إلى البرلمان والحكومة حول مهامه الاستشارية وشبه القضائية وجهوده في المرافقة القبلية للسوق. وفضل زيتوني عدم الإفصاح عن خلاصة ما يتضمنه مشروع التقرير إلى حين اجل الكشف عنه في اجله مؤكدا انه يشير إلى ملفات عالجها مجلسه ضمن اختصاصه ويقدم بشأنها استشارات مفيدة لتعزيز المنافسة وتنميتها كثقافة اقتصادية يقتنع بها كافة المتعاملين.
وذكر في كلمته الافتتاحية بالمركز القانوني الذي تحظى به المنافسة من خلال المادة 43 من الدستور الحالي المعدل في 2016 والتي تكرس 5 مبادئ تخص المنافسة مثل منع المنافسة غير النزيهة ومنع الاحتكار وعدم التمييز بين المؤسسات العمومية والخاصة في مجال دعم الدولة وضبط السوق وأخيرا حقوق المستهلك. غير انه اعتبر أن الأمر 03-03 المؤرخ في 19/ 07 / 2003 المعدل والمتمم الخاص بالمنافسة الذي ألغى الأمر 95 / 06 المؤرخ في 25 / 01 / 1995 ولديه نفس الهدف يتطلب إدخال تعديلات على أحكامه من اجل تنفيذ المبادئ المتعلقة بالمنافسة المتضمنة في الدستور وتصحيح جوانب الاختلال والنقائص المحددة في الأمر بعد أربع سنوات من تطبيقه، ذلك أن مهام الضبط الموكلة للمجلس والهيئات القطاعية تقوم بها بعض الدوائر الوزارية ذات الطابع الاقتصادي وهو التحدي الذي يواجه المنافسة حتى تستعيد معناها وتحقق آثارها الايجابية على الاقتصاد والمستهلك مؤسسة كان أو مواطنا.
وتناول النقاش حول المحاضرات التي ألقيت في جلستين صباحية ومسائية مواضيع المنافسة وتطوير تقنيات الإعلام والاتصال نشطها محمد شريف بلميهوب- دور المنافسة في خلق فرص التشغيل للخبير اندريا غاغالياردي متخصص في الاندماج الاقتصادي ضمن برنامج اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي - المنافسة والرفاه الاجتماعي نشطها رفيق رابيا محام وباحث جامعي - الاقتصاد المنوازي والخطر على مناصب الشغل ألقاها محمد صايب ميسات رئيس قسم التنمية البشرية والاقتصاد الاجتماعي بمركز البحث في الاقتصاد المطبق من اجل التنمية (كرياد). وتواصلت جلسة المساء بتنشيط مواضيع حلو التشغيل والمنافسة كغاية اجتماعية. وتبين أن الضبط عنصر جوهري لجعل المنافسة تحمي القدرة الشرائية وان المنافسة غير النزيهة تدمرها خاصة وان حماية المستهلك مدرج في أحكام الدستور وهو من يظهر جوانب الاختلالات في السوق ومن ثمة لا ينبغي جعله هدفا للمنافسة التي تكون من اجل الكسب المشروع على كافة المستويات.
وإذا كانت المنافسة القوية قد أنهت مهنا وأزالت مناصب عمل في قطاعات فانه أنشأت أخرى وبكثرة في قطاعات ناشئة مثل قطاع المعلوماتية التي تفرض يد عالمة مؤهلة مما يضع التكوين خاصة الجامعي على المحك في الرفع من مستويات الابتكار مون المورد البشري هو حجر الزاوية لمواجهة توسع التكنولوجيات والأتمتة ليس للحد منها وإنما لإنتاج الحلول لتطويها وفقا لنمو الطلب الذي تحفزه المنافسة. وبرز الاقتصاد الموازي في النقاش بين محذر من تناميه ومن يعتبره شر لا بدمنه وضرورة جذبه إلى المساحة الرسمية من خلال إجراءات محفزة ولينة. ويقدر حسب صايب ميسات بـ27٪ من حجم الاقتصاد في الجزائر يستخدم حوالي 4 ملايين شخص في مختلف القطاعات، مشيرا إلى أن هناك دراسة يجري انجازها كعينة على مستوى تلمسان لقياس تأثيره على الاقتصاد الوطني وخاصة ما يتعلق بالآثار السلبية للأنشطة التي تدخل في نطاق التهريب على الحدود. وفي الوقت الذي تبرز فيه تكتلات لمؤسسات تندمج في مجمعات تهيمن على اكسر من 40٪ من نشاطها في السوق فان مجلس المنافسة لم يتلق آي إخطارات منذ 2016 علما أن ليس للهيئة وسائل للردع القانوني ما يثير تساؤلات حول جدوى العمل الذي يقوم به وقد يكون أكثر نجاعة لو توكل للمجلس صلاحيات ردعية ضمن معايير الشفافية، في وقت تتجه فيه السوق إلى مواجهة منافسة شرسة تقتضي الرفع من درجة الضبط وفقا لمعادلة تحمي حقوق كل الأطراف (مؤسسات ومستهلكين وسلطات عمومية) ترتكز على معيار المصلحة العامة.