توسّعت حوادث المرور المسجلة يوميا بطرق بومرداس بشكل مخيف وتحولت إلى حديث الساعة وقضية مسّت الجميع بسبب حجم الخسائر المادية والبشرية التي تتسبب فيها آلة الموت عبرها، ورغم مختلف الإجراءات الردعية والقانونية المتخذة للحدّ منها وكبح جماح المتهورين من السائقين والحملات الإعلامية والتحسيسية بالتنسيق مع الجمعيات، قطاع التربية والفاعلين إلا أن الظاهرة مستمرة ولم تنفع معها التدابير المتخذة..
على مسافة تصل إلى 1774 كلم، تمتد شبكة الطرق بولاية بومرداس ما بين الوطنية، الولائية والبلدية وهي تتراوح في حالتها ما بين المقبولة والمتدهورة وحتى الخطيرة على سير المركبات بسبب كثيرة المطبات والحفر، خاصة بالنسبة للطرقات الولائية والبلدية التي تفتقد لأشغال التهيئة في بعض المقاطع الناجمة عن الانزلاقات وكثيرا ما كانت سببا لحوادث مرور مؤسفة، لكن من خلال الإشكالية المطروحة في هذا الملف لم تعد حالة الطرق السيئة هي الوحيدة التي قد تكون مصدرا لحوادث المرور، بل أن القضية المطروحة هي تحوّل بعض المحاور من الطرق الجيدة وحتى الحديثة الانجاز إلى مصرح يومي للحوادث المميتة حتى أخذت باقتدار تسمية النقاط السوداء في مصطلح وسائل الإعلام وأمن الطرقات وحتى الجمعيات المهتمة بمكافحة الظاهرة والتقليل منها.
من هذا المنطلق، يمكن الإشارة بالقول واستنادا إلى الإحصائيات المقدمة من طرف مصلحة أمن الطرق للمجموعة الاقليمية للدرك الوطني بولاية بومرداس، فإن شبكة الطرق بالولاية تتوزع بها حوالي عشر نقاط سوداء أربع منها في مقطع الطريق السيار شرق غرب ببلدية الاربعطاش على مسافة 32 كلم فقط ابتداء من المخرج الغربي لنفق بوزقزة في اتجاه العاصمة وتشمل نقطة جسر أولاد والي، حي أولاد منصور، حوش بيرة ودوار البلاعدية، حيث يتمّ تسجيل سنويا عشرات الحوادث في هذا المقطع قدرتها مصالح الدرك الوطني بنسبة 30 بالمائة من عدد الحوادث المسجلة بالولاية و35 بالمائة من مجموع الوفيات التي خلفتها حوادث المرور.
كما تتوزع عدة نقاط سوداء أخرى عبر الطرق الوطنية الرئيسية التي تعبّر الولاية منها منحدر بن عجال بإقليم بلدية بودواو ومنحدر بورنان المعروف بمنطقة اللوز بالثنية على مستوى الطريق الوطني رقم 5، منحدر واد الليم بحي الصغيرات بالطريق الوطني رقم 24 الساحلي الرابط بين عاصمة الولاية ودلس، إضافة إلى نقطة سوداء أخرى خطيرة تسجل يوميا حوادث مرور تتواجد على مستوى الطريق الوطني رقم 12 الرابط بين العاصمة وتيزي وزوبقرية شندر بإقليم بلدية الناصرية.
وقد ربط مختصون وتقنيون في السلامة المرورية أسباب كثرة الحوادث في هذه المقاطع السوداء إلى الطبيعة الجغرافية كالمنحدرات الخطيرة التي تنتهي بمنعرجات بزاوية دائرية، مع تحميل السائقين مسؤولية كبيرة فيما يجري من مجازر يومية بسبب السرعة خاصة بالنسبة لسائقي الشاحنات الثقيلة الذين لا يلتزمون بقانون المرور وتعمد الحمولة الزائدة عن القانون والتهرب من إخضاع الحمولات إلى معيار الميزان لتجنب مختلف المخاطر المحتملة وحماية أرواح المواطنين الأبرياء، وهو ما يستدعي تضافر جهود جميع المتدخلين خاصة مصالح الأشغال العمومية لتجاوز هذه الأزمة التي تتسبّب في عشرات الوفيات سنويا وتكبد الاقتصاد الوطني مليارات الدينارات مع التركيز أكثر على ضرورة تعزيز المنظومة التقنية وشروط السلامة المرورية بالطرق ومعالجة مسببات الحوادث بالمقاطع السوداء للتقليل من حجم الخسائر البشرية والمادية.