كانت صبيحة أمس الأحد، موعدا لإطلاق اسم «محمد فوزي» على المعهد الوطني العالي للموسيقى بالعاصمة، في خطوة أولى لتكريم ملحّن النشيد الوطني، تبعته خطوة ثانية بتوشيح روحه بوسام الاستحقاق الوطني.
وإلى جانب وزيريْ الثقافة والمجاهدين، حضرت الحدث مجموعة من المثقفين وعائلتا الشاعر مفدي زكريا والفنان هارون الرشيد، وكذا وفد مصري تقدمه حفيد الفنان محمد فوزي، الذي رأى في إنجاز جدّه حلقة وصل أبدية بين الجزائر ومصر.
لم تحُلْ برودة الطقس والأمطار دون توافد جمع غفير إلى المعهد لحضور هذه المناسبة. وإلى جانب وزير الثقافة الذي أشرف على الحدث، كان من ضمن الحضور وزير المجاهدين الطيب زيتوني، ووالي ولاية العاصمة عبد القادر زوخ، وأمين عام منظمة المجاهدين السعيد عبادو، إلى جانب سليمان الشيخ، زهور ونيسي، محيي الدين عميمور، رابح درياسة، وغيرهم من المثقفين والمبدعين والمسؤولين السابقين، وكذا أوائل الفنانين الذين عزفوا النشيد الوطني، وسجّلوا حضورهم بهذه المناسبة.
واعتبر وزير الثقافة عزالدين ميهوبي قرارَ رئيس الجمهورية نابعا من وفاء وعرفان الشعب الجزائري تجاه محمد فوزي، «هذا الفنان المبدع الذي قدم للجزائر وللعالم أروع لحن لنشيد وطني يُعرف في التاريخ، نشيد «قسما» الذي يزيد عمره عن 60 سنة، ويتوج بإطلاق اسم «محمد فوزي» على المعهد الوطني العالي للموسيقى، وتوشيح روح الراحل بوسام الاستحقاق الوطني».
وقال ميهوبي، إن «قيمة وفاء الجزائريين تجد اليوم طريقها إلى قامة من قامات الإبداع في الوطن العربي»، مشيرا إلى أن الحفل الذي احتضنته أوبرا الجزائر، أمس، «فيه استعادة لهذا الفنان مع جبهة التحرير الوطني التي اختارته لتلحين النشيد، وهو ما لم يتقاض محمد فوزي أي شيء مقابله، بل دفع من جيبه لكي يكون هدية من الشعب المصري للشعب الجزائري، ليجد كل من النص واللحن نفسيهما مدستريْن ويكتب لهما الخلود».
من جهته، عبّر عمرو منير محمد فوزي، حفيد ملحّن النشيد الوطني، عن امتنانه للجزائر بالنيابة عن عائلة الفنان محمد فوزي، واعتذر عن غياب والده بسبب ظروف صحية منعته من السفر، معتبرا أن من حسن طالعه أن كُتب له المجيء إلى الجزائر مكان أبيه. كما تقدم بالشكر إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لوفائه لمحمد فوزي بعد كل هذه السنين، وقال: «هو شرف لنا أن يحمل هذا المعهد اسم محمد فوزي، الذي بتلحينه نشيد الجزائر يكون قد قام بإحدى أهم الإنجازات في تاريخه، وحتى وإن أبدع الكثير ولحّن الكثير، إلا أن هذا الإنجاز مايزال النشيد الوطني لدولة مثل الجزائر، وهكذا يكون في رأيي الشخصي قد خلق وصلة بين مصر والجزائر لا أظن أنها ستنكسر ما دام البلدان موجوديْن».
أما مدير المعهد عبد القادر بوعزارة، فقال في كلمة ألقاها بالمناسبة، إن علاقات الجزائر ومصر يشهد عليها التاريخ النضالي المشرق للبلدين. واستشهد بوعزارة بأبيات من «إلياذة الجزائر» لمفدي زكريا، قائلا إنها كلمات نابعة من قلب رجل عشق الجزائر، وقد طافت هذه الكلمات أرجاء الوطن والعالم.
وأعطى بوعزارة نبذة خاطفة على المسار الذي اتخذه لحن النشيد الوطني، بداية بمحمد توري، ثم التونسي محمد تريكي، وصولا إلى ملحّنه الثالث محمد فوزي، «أحد عمالقة التلحين في القرن العشرين، وملحّن السهل الممتنع»، الذي رسا عليه الخيار النهائي للحن صار رمز الجزائر الثائرة ثم المستقلة. وأشار المتحدّث إلى أن محمد فوزي تكفّل بدفع مستحقات الموسيقيين والمجموعة الصوتية التي أدّت السلام الجزائري من حسابه الخاص، كما أنه تنازل عن مستحقاته.. من جهة أخرى، كان الفنان الفقيد هارون الرشيد هو من أضاف المدخل الإيقاعي للنشيد الوطني، يقول بوعزارة.
وبالمناسبة، أنشد الجوق والكورال المكونان من طلبة المعهد النشيد الوطني، وأتحفا الحضور بأداء مميز لرائعة «بالله يا حمامي»، فيما أبدع الطالب أجراد في عزفه على آلة موندولين جزائرية قُدّمت بعدها هدية لعمرو حفيد الموسيقار محمد فوزي.