مدلسي:آلية من آليات الحكامة وإعلاء صوت الدبلوماسية
أحيت الجزائر امس الذكرى الأربعين للدبلوماسية البرلمانية للمجلس الشعبي الوطني، ولعل ما يميز الذكرى إدراج الدبلوماسية البرلمانية من قبل رئيس الجمهورية في دستور 2016، ولانه كان احد مهندسي الدبلوماسية الرسمية في الجزائر، وأعاد الجزائر الى المحافل الدولية، قام رئيسا الغرفتين البرلمانيتين عبد القادر بن صالح والسعيد بوحجة بتكريم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تسلمه نيابة عنه رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي.
احتضن امس قصر المؤتمرات عبد اللطيف رحال، احتفالية كبيرة نظمتها لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية على مستوى المجلس الشعبي الوطني، بمناسبة احياء الذكرى الأربعين للدبلوماسية البرلمانية للغرفة السفلى، والتي تميزت بحضور مستشار رئيس الجمهورية محمد بوغازي، الى جانب الوزراء وكذا برلمانيين عن الغرفتين.
وفي كلمة ألقاها بالمناسبة، أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني السعيد بوحجة، الأهمية التي توليها الغرفة للدبلوماسية البرلمانية، لافتا الى ان إدراجها ضمن التعديلات المتضمنة في دستور 2016، تقع على عاتق المجلس «مسؤولية كبرى لتطوير آليات العمل وتعزيز التموقع، والتحرك من خلال استراتيجية أكثر حيوية وفعالية»، ما يكرس تواجدا أكبر في مختلف الأطر البرلمانية.
ولعل أبرز الرسائل التي حرص بوحجة على تمريرها، ان الدبلوماسية الجزائرية التي يعترف العالم بأدائها،»أدرج عملها في سياق المبادئ والمثل وليس وفق اجندات ضيقة»، كونها «متشبعة بقيم ثورتنا المجيدة في التحرر الوطني والسيادة، والانعتاق الإنساني، وقيم التعايش السلمي بين الدول، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، واحترام إرادة الشعوب واختياراتها»، كما يعترفون بفعاليتها في حل النزاعات بالطرق السلمية والسياسية وإرساء شروط صناعة الاستقرار في الجوار.
وأشار الى ان الوقفة البرلمانية المنظمة بعد 40 سنة من العطاء الدبلوماسي للمجلس الشعبي الوطني، محطة «نسترجع من خلالها مسارالوجود في الاتحادات والجمعيات البرلمانية الإقليمية والجهوية والدولية»، وأيضاً على المستوى الثنائي -أضاف يقول بوحجة - «الداعم والمعزز بخيارات وأولويات السياسة الخارجية، والدفاع عن المصالح العليا للدولة الجزائرية، بعد ان تعززت مكانتها ضمن أولويات السلطة التشريعية نتيجة دسترتها في 2016، تتويجا لما بادر به الرئيس بوتفليقة في اطار مشروعه الإصلاحي السياسي الشامل، الديمقراطي والتشاركي، والمعزز لاستقرار وبناء الدولة الوطنية».
وتشكل الدبلوماسية البرلمانية وفق ما اكد ذات المسؤول، «دعما متواصلا ومفعلا للدبلوماسية الرسمية، تنفيذا للسياسة الخارجية الجزائرية التي يوجهها رئيس الجمهورية، ذات مبدأ وتكيف ومصداقية وخبرة وعزيمة وفعالية»، وهي مكملة لعمل الدبلوماسية الرسمية، وتساهم في تحقيق المصالح العليا للدولة، وذكر مسيرة وتجربة عبد القادر بن صالح على سبيل المثال.
كما ذكر بالمناسبة، بان الدبلوماسية الوطنية تحتكم لمعالم ومرتكزات سياسة الجزائر الخارجية التي كرسها بيان الفاتح نوفمبر الخالد، تجعل من القضية الفلسطينية وقضية الصحراء الغربية، وإحلال السلم في كل من مالي وليبيا من أولوياتها، المثمنة بالأداء البرلماني من اجل حق الشعوب في تقرير مصيرها،، في الدفاع عن الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والدعوة لتطبيق لوائح مجلس الأمن الدولي ذات الصلة والشرعية الدولية، وبعث مسار السلام المتوقف منذ مدة طويلة، لتجنيب المنطقة الحساسة التهديدات الخطيرة على أمنها واستقرارها، كما سجل تضامن الجزائر مع الشعب الصحراوي وهياكله السياسية، من اجل حريته واستقلاله وحقه في تقرير المصير.
من جهته، رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي لم يفوت المناسبة ليتوقف الى إقرار التعديلات الدستورية الأخيرة لمفهوم الدبلوماسية البرلمانية، في إطار ما أسماه المراجع التي بادر بها رئيس الجمهورية، مؤكدا ان التمثيل الدستوري يعكس الى حد بعيد الجهود المبذولة من قبل البرلمان بغرفتيه في هذا المجال.
ولم يفوت الفرصة، ليجزم بان الدبلوماسية البرلمانية آلية من آليات الحكامة وإعلاء صوت الدبلوماسية على المستوى الإقليمي والدبلوماسي»، لافتا الى ان العالم اليوم يفرض تضامنا وتكثيف التواصل حول القضايا الهامة المشتركة، خاصة تعزيز الأمن والسلم، كما توقف عند نص المادة الدستورية التي توكد ان رئيس الجمهورية يقرر السياسة الخارجية ويختص في إبرام الاتفاقيات، لافتا الى ان وحدة البلاد وانسجام مواقفنا على المستوى الدولي تلزمنا جميعا بفتح مناقشة حول السياسة الخارجية وهو ما تنص عليه المادة 148 من الدستور.وسجل مدلسي ارتياحه، بخصوص الفضاءات الدبلوماسية الجديدة، متوقفا عند تعزيز التعاون البرلماني المراقبة الدستورية، على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي، لافتا الى ان الجزائر عاصمة العدالة، كونها تحتضن المقر الدائم للمحكمة الافريقية، كما اعلن بالمناسبة عن احتضان الجزائر اشغال المؤتمر العالمي للقضاء الدستوري.
مساهل: الدبلوماسية البرلمانية مكملة للرسمية
وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل، قال في كلمة قرأها نيابة عنه الأمين العام للوزارة، «تستوقفنا المناسبة للتنويه بالإنجازات المعتبرة التي استطاعت الدبلوماسية الجزائرية تحقيقها خلال مسيرة بدأت إبان الثورة التحريرية المجيدة، وقد أثبتت صحة تقاربها في التعامل مع الأزمات المعقدة بفضل حكمة رئيس الجمهورية.
كما ذكر بإشارة المجتمع الدولي لمقاربة الجزائر المتبعة في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، مثمنا الدبلوماسية البرلمانية التي باتت ترافق الدبلوماسية الرسمية، مؤكدا ان لها اثر ملموس في تنفيذ السياسة الخارجية، والدفع بالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتصبح عنصرا مكملا للدبلوماسية الرسمية للتكفل بالمخاطر والتهديدات ابرزها الإرهاب والجريمة المنظمة.ونبه مساهل الى الدور المميز للدبلوماسية الجزائرية، على المستوى المغاربي والمتوسطي والإفريقي والعربي نتيجة العلاقات، مثمنا الإصلاحات الدستورية التي أقرها رئيس الجمهورية، التي كرست دمقرطة العمل الدبلوماسي البرلماني، وخلص الى القول بان السياق الاستراتيجي تكرسه تحولات عميقة تفرض علينا عملا متواصلا من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي.
بدوره رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية بالمجلس الشعبي الوطني عبد الحميد سي عفيف، اكد ان المجلس ومنذ نشأته أدرك أهمية دوره السياسي على الصعيد الدولي، وكان لزاما عليه ان يواكب الحركية الكبيرة التي ميزت الدبلوماسية البرلمانية المتألقة بقيادة شخص عبد العزيز بوتفليقة، كما استطاع ان يضع قواعد وأسس دبلوماسية برلمانية جزائرية حقيقية.
للإشارة، تم عرض شريط تلفزيوني، عرج على أهم المحطات التاريخية للدبلوماسية البرلمانية والرسمية، كما تم تنظيم معرض صور على الهامش طاف به المشاركون في الاحتفالية قبل انطلاقها، من جهة اخرى سيتم تنصيب أكثر من 50 فوج صداقة مستقبلا حسب بوحجة.