أصبحت المعلومة الاقتصادية عاملا مهما في تمكين الخبراء من استشراف توجهات الاقتصاديات الحديثة، حيث أكد المشاركون في منتدى “الشعب” حول اليقظة الاقتصادية وتحليل مشروع قانون المالية لـ2018، أن بعض الإحصائيات وبعد تمحيصها ومطابقتها مع الواقع، تؤكد أنها تفتقد للبعد الاستشرافي وهي ذات أبعاد سياسية أكثر منها اقتصادية.
من بين الإحصائيات التي تحتاج إلى مراجعة، نسبة التضخم؛ هذه الآفة أو الظاهرة التي تمس مالية أي بلد وتجعل من ورقة 1000 دج لا تفي بالغرض ولا تشبع أدنى حاجيات الزبائن من المواد الأساسية.
وأشار بشير مصيطفى الخبير الاقتصادي، ان السنة الجارية 2017 تم الحديث عن نسبة تضخم بـ6.1٪، بينما تتوقع السلطات نسبة 5.5٪ في سنة 2018 وهذا أمر متناقض تماما. فالمنطق الاقتصادي يتحدث عن تزايد التضخم في حال طبع نقود جديدة واللجوء للفكرة الألمانية، التي تتحدث عن التمويل غير التقليدي وهو طبع مزيد من النقود وتوجيهها للاستثمار حتى نخلق الثروة وبعد سنوات نستطيع إعادة امتصاص فائض العملة من خلال الرفع من نسب النمو والإنتاج في مختلف المجالات والذي يترتب عنه ضرائب وعائدات مالية جديد.
ودعا الخبراء إلى أهمية بناء الاقتصاد أو استشرافه من خلال تسطير استراتيجيات اقتصادية لسنوات قادمة ولو لأربع سنوات. لكن يبقى أهم أمر هو بناء تلك التوقعات على معطيات حقيقة، نابعة من الواقع، لتفادي المفاجآت غير السارة.
ويبقى الرفع من قيمة التحويلات الاجتماعية وارتفاعها في عز سياسة التقشف، أمرا يدعو للحيرة، رغم الأهداف السامية التي تقف وراء تلك التحويلات وهي مساعدة الطبقات المحرومة على الحفاظ على قدرتها الشرائية. لكن هذا، بحسب مصيطفى، أمرا ظاهريا، لأن حوالي 48٪ من نسبة التحويلات الاجتماعية تذهب لغير مستحقيها وحتى آثارها تبقى غير ظاهرة لأنها تصطدم بمفارقة اقتصادية واجتماعية.
ويعرف الاقتصاد الوطني تضاربا كبيرا في الإحصائيات والأرقام، حتى أن الكثير من المستثمرين لا يعرفون أية إحصائيات يجب الأخذ بها، خاصة وأن البنك العالمي وصندوق النقد الدولي يقومان بدورهما بإصدار تقارير وإحصائيات حول مختلف اقتصاديات العالم ومنها الجزائر. وبين ما تنشره وبين ما ننشره بعض الفوارق التي يجب أن نراعي انعكاساتها على مختلف المستثمرين العالميين الذي يشددون ويطالبون بإحصائيات وتشريعات ثابتة ومستقرة.