يعد الاستثمار في الفلاحة بجيجل في الوقت الراهن أمرا ضروريا حسب المختصين في هذا المجال الحيوي، خصوصا وأن عديد العوامل تساهم في تنمية وترقية الفلاحة بهذه الولاية، كما أن التسهيلات والتدابير التحفيزية التي أقرتها الدولة تساعد وتحفز على الاستثمار وتنمية هذا القطاع لتوفر مؤهلات هذه المنطقة ذات القدرات، وانتشار استعمال البيوت البلاستيكية كوسيلة فعالة لزيادة الإنتاج.
فالزراعة في البيوت البلاستيكية حسب المختصين، لها أهمية كبيرة لتقدّيمها نوعية جيدة وممتازة، حيث إنّ الثمار والمحاصيل تكون أجمل من حيث الشكل، كما أنّها تكون معرّضة للتلوث بشكل أقل من الثمار العادية، الأمر الذي يساعد على بيعها كاملاً خاصة أن هذا النوع من الزراعة يوفر المنتجات الزراعية في كافة أوقات العام.
كما أنها تزيد من كمية الإنتاج أكثر مما يزرع في المناطق المفتوحة، فهي تحد من تعرض النباتات للأحوال الجوية السيئة، مما يؤدي إلى التقليل بشكل كبير من الخسائر الناتجة عن مثل هذه العوامل، إلا أنها تحتاج إلى إدارة وخبرة كافيتين حتى تستوفي أغراضها بالشكل المطلوب.
وبالنظر للطابع المميز للولاية فيحتل قطاع الفلاحة مكانة هامة في الاقتصاد المحلي لجيجل بتعداد 77 ألف فلاح وهو ما يمثل 22 بالمائة من مجموع مناصب الشغل بالولاية، مصنفة في المرتبة الثالثة بعد كل من الإدارة الخدمات والبناء والأشغال العمومية والري ويتوقع خلال السنوات 10 المقبلة بسقي كامل المساحات القابلة للسقي التي تعادل 12 ألف هكتار من الأراضي، وتحتاج 3 أقطاب فلاحية إلى الترقية في مجال زراعة الخضراوات والزيتون وتربية الأبقار الحلوب.
سجلت في السنوات الأخيرة 06 مشاريع استثمارية في القطاع الفلاحي موجهة للزراعة في البيوت البلاستيكية متعددة القباب، التي تسمح برفع الإنتاج إلى معدل 4 آلاف قنطار في الهكتار، حيث تمّ تمويل هذه المشاريع ضمن قرض التحدي من طرف بنك الفلاحة والتنمية الريفية، ومن أجل حث الفلاحين على الانخراط في هذه التقنية الحديثة قامت المصالح الفلاحية بالولاية بتنظيم عدة لقاءات تحسيسية في أوساط الفلاحين، حيث إنها عند استغلالها بالشكل المعمول به في هذا المجال، فستحقق مردودا وفيرا وجودة عالية للمنتوج الفلاحي المتنوع والمتجدد.
وقد بادر متعاملون خلال السنة الماضية، إلى تجسيد 03 مشاريع جديدة لإنجاز بيوت بلاستيكية وذلك في إطار تعميم هذه التقنية الزراعية، وتهدف هذه الاستثمارات «حسب المصالح الفلاحية» والتي على مساحة 7270 متر مربع، إلى زيادة الإنتاج الفلاحي وتلبية الطلب واستهداف تصدير المنتجات الفلاحية.
كما أن امتيازات وخصائص الزراعة في البيوت البلاستيكية دفعت بمستثمرين حسب مصدر من المصالح الفلاحية إلى الانخراط في هذا المجال الجد مريح، بالنظر للمردود الوفير الذي يحقّقه في إنتاج المواد الغذائية الفلاحية، من خلال إنتاج 04 آلاف قنطار في الهكتار الواحد، فضلا عن أن هذه الزراعة تنتج تشكيلات متنوعة من مختلف المحاصيل الزراعية بولاية جيجل النموذجية في الزراعة داخل البيوت البلاستيكية، التي تغطي مساحة تفوق 500 هكتار، خاصة بعد أن أصبح الفلاحون يستعملون التقنيات الحديثة والمتطورة للسقي عن طريق الرش أوالمصغر.
وكان للإنتاج الزراعي المختلف ضمن البيوت البلاستيكية أن بلغ صداه في الشروع في التصدير، حتى وإن كانت كميات متواضعة إلا أن الأمر كان إيجابيا، ويمكن النهوض بهذا الاجراء والسعي الى تثمينه مستقبلا، حيث وصلت كمية الفراولة المنتجة من خلال البيوت الى أكثر من 300 قنطار تم تصديرها الى روسيا خلال سنة 2016 والعملية اعتبرت حينها بالناجحة والمشجعة على تعميم عملية التصدير لمختلف المحاصيل الزراعية والفلاحية نحو مختلف الأسواق الخارجية.
وقد ثمّن حينها، وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري عملية تصدير هذه، وطلب من منتجي الفراولة وغيرها من المواد الفلاحية إلى خلق تكتل يكون قوة فاعلة، للمساعدة على تجاوز عقبات التصدير بالاعتماد على الإنتاج الجماعي القابل للتصدير، مع ضرورة التركيز على النوعية والجودة ووسائل التغليف بمنتجات فلاحية متنوعة بعد النجاح الذي حققته عملية تصدير البطاطا سابقا.
فإنتاج الفراولة بجيجل عن طريق استعمال البيوت البلاستيكية عرف تطورا نوعيا، وانتشارا واسعا، ساهم فيه المناخ الملائم وتوفر المساحات الفلاحية، إضافة إلى توفر اليد العاملة، وتصدرها الإنتاج على المستوى الوطني، جعل المستثمرين والمنتجين، على حدّ سواء، يعملون للحصول على علامة الجودة الخاصة بهذا المنتوج لحمايته، كما أن زراعة الفراولة في جيجل لها دور كبير في اقتصاد الولاية، وهو ما شجّع الشباب للتوجه إلى أنشطة مرتبطة بها كإنشاء المؤسسات الصغيرة المتكفلة بمعالجة التربة وتهيئتها، وقدّر العدد الإجمالي لشتلات الفراولة التي تم بيعها، خلال حملة الموسم الماضي، بـ 23 مليون و700 ألف، بكثافة 2400 شتلة لكل بيت بلاستيكي، فيما يبلغ عدد البيوت البلاستيكية المستعملة في الإنتاج 9875 هيكل يساعد على النمو والتكاثر.
وكما تمّ تصدير شحنة تجريبية من المنتجات الفلاحية انطلاقا من ميناء جن جن، نحو ميناء جنوة بإيطاليا خلال شهر فيفري الماضي، قدرت بـ1 طن من هذا المنتوج، وتأتي هذه الخطوة بعد النجاح الذي عرفته البطاطا المنتجة بولاية الوادي، وأوضح مسؤول بالمصالح الفلاحية بأن منتجات فلاحية أخرى مثل الفلفل الحار والحلو والكوسة تثير اهتمام المصدرين، حيث أوضح عبد الرزاق سلامي الرئيس المدير العام للمؤسسة المينائية لجن جن، بأنه تمّ تخصيص 3 حاويات تحتوي منتجات فلاحية متنوعة لمنتجين من ولايات جيجل وبسكرة والوادي وتيارت، وأن فرع الشركة الوطنية للملاحة البحرية كنان، سيتكفل بعملية نقل البضاعة في أحسن الظروف، ولغرض تحقيق هذا المشروع أعطى والي جيجل السابق تعليمات لمدير الفلاحة بالولاية من أجل إيجاد قطعة أرضية، علاوة على توفير وعاء عقاري لتجميع المنتجات الفلاحية الموجهة للتصدير.
بلدية الأمير عبد القادر رائدة في البيوت البلاستيكية
تمتاز بلدية الأمير عبد القادر بجيجل بكونها ذات طابع فلاحي من خلال امتلاكها لـ2546 بقرة حلوب و123 مربى على التنمية الفلاحية وعلى الترويج لها، وتتميز هذه البلدية ذات الطابع الريفي والمتربعة على 50،52 كلم مربع، والتي يقطنها 39 ألف نسمة موزعين عبر عديد مراكز الحياة الصغيرة والمتوسطة بنشاطات أخرى ذات صلة بالفلاحة، ويتعلّق الأمر بزراعة البيوت البلاستيكية والزيتون والخضروات حسب الغرفة الفلاحية للولاية، ووجود 845 فلاحا من بينهم 40 امرأة حائزين على بطاقات مهنيين، ومن ضمن هذا التعداد يتجمع 174 فلاحا ضمن مستثمرات فلاحية فردية وجماعية، فيما ينشط 216 منهم ضمن زراعة البيوت البلاستيكية و101 في زراعة الزيتون و123 في تربية الأبقار الحلوب و180 في زراعة الخضروات.
وتبقى الرياح أكبر هاجس للفلاحين، حيث تسببت خسائر كبيرة في هذا النمط من الزراعة، على غرار الإضراب الأخير والرياح الهوجاء التي كانت مصحوبة بأمطار غزيرة التي تسببت خسائر مادية معتبرة، سيما على مستوى المزارع المتواجدة على طول المسافة الفاصلة بين بلديات القنار، الطاهير والأمير عبد القادر. وأكد فلاحون من المناطق المذكورة بحصول خسائر فادحة في الأملاك الزراعية بهذه البلديات وتحديدا في البيوت البلاستيكية التي تعرضت المئات منها لخراب شبه تام بعدما مزقت الرياح الهوجاء والتي تجاوزت سرعتها 80 كلم في بعض المناطق الأسقف البلاستيكية لهذه الأخيرة، كما اقتلعت أعمدتها الحديدية، كما دمرت الرياح القوية والأمطار بعض محتويات البيوت البلاستيكية ببعض المناطق وتحديدا ببلدية القنار نشفي التي سجلت أكبر الخسائر، حسب ذات المصادر.