الإبداع والتفكير صلب المعرفة في ظل ملامح الثورة الصناعية الرابعة
كشف رئيس الجمعية الجزائرية لتكنولوجيا المعلوماتية، أن هجمة رقمية جارفة ستعصف بالمؤسسات التي تتأخر عن الركب التكنولوجي، موضحا أن المؤسسة الاقتصادية الجزائرية تواجه تحديين أساسيين، يتعلق الأول بالجانب التكنولوجي كونها القاعدة الصلبة من حيث القدرة على استعمال أدواتها المختلفة وسريعة التطور بما في ذلك مسألة ترسيخ الثقة في التكنولوجيا وتأمينها ضد القرصنة. وأشار في حديث لـ «الشعب»، أن نطاق الثقة التي تعزز المعاملات يقدر في الداخل بـ60٪ و40٪ بالنسبة للخارج. والتحدي الثاني هو العنصر البشري من حيث القدرة على مقاومة التغيير، أي تغير الفرد من الطابع الفيزيائي إلى الطابع الرقمي، مشيرا إلى أن الإنسان تكتنفه خشية تحد من تطور مجتمع الرقمنة. وتساءل في هذا الإطار حول حجم الثقة في المعاملات بنظام الدفع الالكتروني مقارنة بعدد السكان.
ولتجاوز العراقيل النفسية والتنظيمية دعا إلى اعتماد أدوات قانونية تمكن المتعامل أو المواطن من استرجاع أمواله في حالة ضياعه ضمن نظام الدفع الالكتروني تعزيزا للثقة في الأرضية الرقمية التي لا تزال اقل استغلالا في المعاملات. كما أن هناك بوادر لنجاح الرقمنة في بلادنا مقدما ما حققته ادارة القضاء التي نجحت في تعميم المعلوماتية منذ أن راهنت عليها في 2002 لتتوسع من المركز النموذجي بوهران إلى كافة المصالح التابعة لقطاع مرفق العدالة الذي يعد مثالا ملموسا ونموذجيا يؤكد أن هناك إمكانيات للمرور إلى مجتمع رقمي.
كما أظهرت البطاقة البنكية للدفع الالكتروني إمكانية هذا التحول التكنولوجي من خلال حقيقة المبادلات البنكية وتخلص المصارف من الطوابير لتتفرغ إلى مهامها المالية. واعتبر أن الرقمنة غيرت مركز الاهتمام بحيث تصب الفائدة في صالح الزبون مقدما مثال التعليم الذي تغير فيه مركز الاهتمام من الأستاذ إلى الطالب الذي أصبحت أمام خيارات واسعة للوصول إلى المصادر العلمية بعد أن كان في الماضي مرتبطا بأستاذه مباشرة.
وأكد وجود قدرات وطنية لبناء أرضية وطنية للرقمنة بفضل تحسن تدفق الانترنيت وتراجع انقطاعات الكهرباء وهي مؤشرات ايجابية إلا انه يسجل ضرورة أن يسخر المتعامل اهتماما مكثفا للتكنولوجيات ومواكبة الرقمنة مثلما يعيره من اهتمام للتيار الكهربائي بحيث يزود مصنعه بمولد يضمن التيار. وذكّر بما حصل لشركة «كوداك» العريقة التي اندثرت بين عشية وضحاها اثر دخول الصورة الرقمية إلى السوق بينما كان لديها المشروع موضوعا في الدرج وأهملته.
ودعا المؤسسات إلى مواكبة التحول الرقمي الذي يتسع بسرعة مذهلة مشيرا أن 70 بالمائة من ألفي شركة كبرى أدركت الرقمنة بتعيين متخصص يشرف على إنجاز مشروع التحول ومتابعته بحيث يرتبط عمله مباشرة بالمسؤول الأول علما كما أضاف أن 150 مليون وظيفة (40٪) سوف تختفي لا محالة مستقبلا.وان التوظيف في سنة 2020 يكون للجيل الهاتف الذكي زابينغ المولود ما بعد 1995 الذي عوض جيل y لمواليد 1980. وتؤسس الرقمنة لعهد الثورة الصناعية الرابعة التي تلي تلك الثورات السابقة منذ ثورة البخار والفحم في 1760 وثورة الكهرباء في 1886 ثم عهد الكمبيوتر في 1960 وقريبا في 2060 الثورة الرابعة الرقمية التي من بوادرها دخول الأجهزة الذكية إلى السوق العالمية وخاصة نظام ج5 القادم ذي التدفق المكثف بطاقة 100 ميغا عبر الهاتف. كما يرتقب إنتاج سيارة بدون سائق يمكنها إرسال إشارة في شكل صورة، علما أن شركة «إي بي ام» تنتج ارضية بيانات ثلاثية الأبعاد هي ثمرة الذكاء الصناعي القادر على تقديم توقعات مستقبلية للإنسان ضمن شبكة رقمية للاتصال.
وخلص محدثنا إلى أن الإبداع والتفكير هما صلب المعرفة في ظل كل هذه الملامح للثورة الصناعية الرابعة في وقت تطور فيه مركز البيانات إلى نظام متعدد المراكز يشتغل بمفاتيح لفائدة عدد من الزبائن. ولدى تساؤل حول مستوانا اليوم أجاب مدير عام مؤسسة «ادكس» المتخصصة في الاندماج المعلوماتي والحلول الرقمنة أن الإمكانيات موجودة لمواجهة التحديات لكن شريطة فتح المجال أمام الإعلام الآلي وتحريرها من الرسوم مسجلا أن إدراج ضريبة بنسبة 30 بالمائة في قانون المالية الجديد تشمل عتاد المعلوماتية يعطل التطور. ودعا المهنيين إلى إدراج الإعلام الآلي كمادة أولية في الاقتصاد كون التكنولوجيا مادة تساهم في الرفع من المردودية وتشجع على التصدير أكثر وتقليص الاستيراد كما انه جسر لدخول المجتمع مرحلة الحوكمة.