....عباس تيليوة أحد أكبر مصوري جريدة «الشعب» ليس من حيث السنّ ولكن من حيث التجربة والأحداث الّتي عايشها طيلة مدّة عمله بالجريدة، فمن تصوير إعلان الدولة الفلسطينية في نوفمبر 1988 ،إلى تغطية كأس العالم 1990 بإيطاليا ،إلى مرحلة الإرهاب والنشاطات الرسمية يعتبر من القلائل الذين عملوا مع 03 رؤساء للجمهورية، «الشاذلي بن جديد»، والرئيس «اليامين زروال»، والرئيس «عبد العزيز بوتفليقة».
تيليوة الّذي مر على التحاقه ب»أمّ الجرائد» 32 سنة من مواليد 12 نوفمبر 1960 بالعاصمة ينحدر من منطقة «أزفون» بين سواحل وجبال تيزي وزو، موطن الفحم وقوافل الشهداء، حيث ما يزال يشهد مسجد»الشيخ محمد أوعمر» الذي سمي على جده رحمه الله على أصالة وعراقة أسرة «تيليوة» ،أزفون بلاد الفنانين فلا يكاد أن يكون هناك فنان في الجزائر إلا وأصوله من أزفون على غرار «رويشد»،و»بوجمعة العنقيس»و»الحاج محمد العنقى» وعليه فعباس تيليوة لم يتفاجأ لكونه مصور صحفي فالمثل الشعبي يقول «قل لي أنت من أين أقول لك من تكون».
عباس هو الثالث بين 4 ذكور و4 إناث درس في ابتدائية «حصن الإمبراطور ب»السكالة»- الأبيار- حيث ترعرع، وقد ذكره الراحل الهاشمي قروابي في الكثير من أغانيه في قوله « من حيدرة للأبيار والسكالة تعقل ودور» وهو الحي الذي يعتبر تاريخيا، وأكمل عباس تيليوة دراسته في متوسطة «السيدة الإفريقية» بحي باب الواد الشهير، ويذكر تيليوة أنه تلقى تربية إسلامية وأمازيغية وعربية على يد والديه، حيث تعلّم الصرامة وحسن الخلق وهو ما اعتبرهما أكبر وأحسن رأسمال تحصل عليه في الحياة، كما حيّا كلّ الأساتذة الّذين تتلمذ على يدهم مؤكّدا بأنه رغم عدم التحاقه بالجامعة إلا أنّه عرف قيمة أساتذته وكان يستمع إليهم كثيرا.
طفولة عباس تيليوة تنوّعت بين المسجد، و»الحومة «كما يقول، كما أكّد أنّه كان شغوفا بملاعب كرة القدم ومناصرة فريق نادي مولودية الجزائر، اقتداء بالأب الذي مازال يعشق المولودية إلى يومنا هذا، بينما وجد عباس تيليوة نفسه مضطرا للرجوع إلى أصوله ومناصرة فريق شبيبة القبائل، بعد التحوّلات الكبيرة التي عرفتها المولودية والكوارث التي عاشتها طيلة فترة التسعينات وما بعدها. وأكّد بأنّه لم يندم على خياره هذا ومازال إلى يومنا يحترم تاريخ المولودية.
وكشف عباس أنّه لعب لفريق شبيبة الأبيار في صنف الأصاغر في نفس التشكيلة، مع اللاعبين الدوليين السابقين جمال مناد، وناصر بويش في سنوات (1975/1976) وتوقف بعدها عن ممارسة الكرة حتى يتفرغ لدراسته.
وقبل التحاقه بالجريدة- «الشعب»- في 04 ديسمبر1985 كان قد بدأ مهنة التصوير عند أحد الخواص بشارع عبان رمضان بالعاصمة، حيث تعلّم أبجديات المهنة عند المصور الراحل» عمر برقوق» حيث كان مصورا للكثير من الفنانين على غرار الراحلين «قروابي»، و»دحمان الحراشي»، و»رويشد» و»سيد علي كويرات» رحمهم الله وآخرين كذلك، ودامت فترة التربّص والعمل 06 سنوات من 1979 إلى 1985 حيث شاء القدر أن أعمل بجريدة «الشعب» .
ويروي عباس أن مشروع إطلاق جريدتي «المساء» و»أوريزون» حفزه للالتحاق بالعمل الصحفي كمصور، حيث خضعت لتجارب بجريدة «الشعب» في عهد المدير العام الراحل «كمال عياش» ،وترسمت بعد 03 أشهر من التحاقي بالجريدة أي في مارس 1986، وكان أوّل حدث صورته هو ربورتاج عن «كماشات السيارات» التي توضع لمعاقبة من لا يركن في مكان قانوني ومنها بدأت رحلة التصوير في الصحافة.
وينقل المتحدث عن شروعه في العمل مع 05 مصوّرين «صالح بوصلاح»،و»مختار عليوان»،والراحل «عبد الحميد عليوش»، والراحل «حميدة غزالي» حيث كانت علاقات العمل جيّدة وتم تشكيل فريق متكامل، سهر على تقديم الأحسن للجريدة. وحول ظروف العمل فقد كانت جيّدة وجو العمل مناسب في ظل الاحترام الكبير الذي كنا نلقاه من مختلف الدوائر التي كنا نعمل معها، ورغم أنّ مهنة التصوير أو فنّ التصوير كان شاقا من خلال وسائل العمل التقليدية بالمقارنة مع ما هو متوفر اليوم، تبقى لمسة الأبيض والأسود والغرفة المظلمة والضغط محفزات سمحت لنا بالتعامل مع مختلف الوضعيات الصعبة والضغوطات المختلفة وهو ما منحنا الثقة اللازمة.
تيليوة كان المصور الشخصي للمطرب العالمي «تاكفاريناس»
يجهل الكثيرين أنّ مصوّر جريدة «الشعب» عباس تيليوة كان المصور الشخصي للمطرب العالمي»أحسن زرماني»المعروف ب»تاكفاريناس» وهذا بين سنوات (1986/1993) حيث أنجز له الكثير من الصّور الخاصة بحفلاته، واعتبر تيليوة التجربة بالمهة والمفيدة، خاصة وأنه اقتحم عالم الصحافة.
تيليوة الذي أكد أنه تشرف بأخذ صور الكثير من الأحداث التاريخية وعديد الشخصيات حيث كان مصورا للحدث التاريخي «إعلان قيام دولة فلسطين المستقلة في الجزائر في نوفمبر 1988» و»كأس العالم بإيطاليا في 1990» حيث كان أحد المصوّرين العرب القلائل الذين صوّروا النجم العالمي الأرجنتيني «دييغو مارادونا» وجيل «كانيجيا» وبروشاغا» وغيرهم، ومنتخب الكاميرون مع روجي ميلا و»توماس انكونو»،و»ماكاناكي» الذي تألق بشكل ملفت للانتباه في تلك الدورة.
وقام عباس تيليوة بتصوير مقابلة انجلترا ومصر، ومنتخب الإمارات العربية المتحدة الذي قدم مردودا جيّدا.
ومن المحطات، الانتخابات الرئاسية لسنة 1988 التي فاز بها الرئيس الشاذلي بن جديد واليامين زروال في نوفمبر 1995، كما قام مصور جريدة «الشعب» بتصوير شخصيات تاريخية ويتذكر جيّدا تصويره لعودة المنفيين الراحل «آيت أحمد» في 15 ديسمبر 1989 وغطى عودة الصحفي «كمال جوزي»، وكذا عودة المنفي الراحل «أحمد بن بلة» في 15 سبتمبر 1990، وكذا عودة المنفي الراحل «محمد بوضياف» في 16 جانفي 1992.
وحضر عباس تيليوة عدة أحاديث صحفية مع زملاء المهنة مع الراحل «بن يوسف بن خدة» أول رئيس للجزائر، و»محمد الصالح يحياوي»،رئيس الحكومة الأسبق «بلعيد عبد السلام»،الراحل «قاصدي مرباح»،الراحل «أبو بكر بلقايد» ومن ميزات تلك الشخصيات أنّها كانت تفضل المحاورة في بيتها الخاص بعيدا عن بروتوكولات السياسية والمناصب.
وعمل عباس تيليوة في العشرية السوداء وقام بتأريخ ما حدث من خلال تصوير عديد القنابل الناتجة عن تفجيرات إرهابية بالعاصمة وضواحيها، واعتبرها من أصعب الفترات التي مرت عليه في حياته، حيث رغم ظروف العمل الصعبة وكثرة التهديدات واغتيال الكثير من زملاء المهنة من الصحافيين حيث لم يثنه ذلك من التوقف عن تقديم العطاء، حتى جاءت سنة 1997 المشؤومة حيث تم تسريحه من العمل رفقة العديد من الزملاء مؤكّدا بأن المعايير التي تم تسريحه بشأنها لم يبتلعها إلى غاية يومنا، وهي مرحلة لم يستطع نسيانها بسبب ما جعلته يعاني وانعكس عليه ذلك سلبا ليلتحق بعدها بجريدة «الأصيل» وهي التجربة التي لم تدم سوى 8 أشهر، حيث أجبرته الضغوطات ومتاعب العمل على السعي للعودة لجريدة «الشعب» وكان له ذلك في سنة 2000 بعد مساع وشكاوى حثيثة قام بها على أعلى مستويات الدولة.
ولم تنتهي المتاعب بالنظر لطول المدة التي أعقبت ترسيمه مرة أخرى ليعاود تيليوة تجربته من جديد مع جريدة «الشعب» التي يتمنى أن يخرج منها متقاعدا وفي صحة جيّدة بعد أن نالت منه السنين وخاصة وسائل النقل والمواصلات التي اعتبرها زميلنا، أكبر مدمّر للقدرات الإبداعية للعمال والمهنيين.
تيليوة الذي يعشق قروابي والحاج العنقى والحاج مريزق ، ويتابع أفلام المفتش الطاهر، ومتابعة تاريخ الجزائر، وتصوير فريق اتحاد الحراش بسبب الصحفي شويعل، ومتابعة فريق شبيبة القبائل، الذي يكنّ له الجميع الاحترام ويعتبرونه فردا من أفراد أسرتهم خاصة وأنّه قام بتصوير أعراسهم وأفراحهم، كما يفتخر عباس تيليوة بأنّه عمل مع كبار الصحافيين في الجزائر على غرار سعد بوعقبة، وعبد القادر بوطيبة، وعبد الجليل جلالي وعبد الرزاق دكار الذي كان وراء مكافأته بالذهاب لتصوير منافسات كأس العالم عرفانا بالمجهودات التي قدمها تيليوة، والصحفي القدير جمال الدين صالحي، والحبيب بن علي.