لا يمكن أن نبالغ إذا قلنا أن جريدة «الشعب» كانت الرائدة وبانتظام في طرح ملاحق أسبوعية، تسلط الضوء وبالكثير من التفاصيل على مستجدات القضايا في عالم الرياضة والثقافة والاقتصاد وكذا على صعيد الدبلوماسية الدولية، من أجل امتصاص تعطش القارئ، وكي تحمله إلى اكتشاف عمق القضايا والإطلاع على الحقائق بالمعلومات والتحاليل الموضوعية، ومازالت هذه الجريدة العريقة التي يرتبط تاريخها بكفاح الجزائريين، مواكبة من بعد ذلك معركة التنمية ومساندة لقضايا التحرر في العالم، ولاشك أن ملاحق جريدة «الشعب» يمكن وصفها بالعلامة الفارقة في عالم الصحافة المكتوبة، وتعد الجريدة الوحيدة في الجزائر الناطقة باللغة العربية، حيث تضرب مواعيد أسبوعية لقرائها الأوفياء، من أجل الإطلاع على المزيد من الأخبار والمعلومات والتحاليل في ملحقات تعنى بجميع المجالات الحيوية، من اقتصاد وثقافة وكذا رياضة وقضايا محلية إلى العالم الدبلوماسي. ويضاف إلى ذلك تجربة الصفحات الخاصة التي تهتم بالشباب والمرأة والصحة لتصل إلى جميع الفئات والشرائح.
صحيح أن جريدة «الشعب» التي كانت القلعة الإعلامية الجزائرية في غياب أي منافس، وتربعت على عرش ذلك على مدار عدة عقود من تاريخ الجزائر المستقلة، يعود لها الفضل في خلق تقاليد طرح ملحق غني بالمعلومات بشكل دوري، ولعل البداية كانت في عقد السبعينات مع تجربة الملحق الثقافي، التي أشرف عليها الأديب الكبير الراحل الطاهر وطار، وتمكن هذا الملحق أن يجمع حوله المبدعين والكتاب وأصحاب المواهب، بل وشجع على صقل الأقلام التي صارت ساطعة في عالم الكتابة والأدب.
الاستشراف والتحليل الهادئ العميق
وإن كانت جريدة «الشعب» مرة أخرى قد بادرت بإطلاق تجربة جد نموذجية أثلجت صدور الأدباء والمثقفين، والمتمثلة في ملحق ثقافي مستقل صدر في جريدة نصف شهرية بمناسبة الجزائر عاصمة للثقافة العربية عام 2008 وطيلة سنة كاملة احتفت مع قرائها الجزائريين والعرب بفعاليات هذه المناسبة، وبالفعل واكب هذا الملحق الثقافي الذي حمل اسم «المشهد الثقافي»، حركية الفعل والحدث الثقافي بشكل متواصل ومن دون انقطاع، وفتح المجال أمام المبدعين والكتاب ليتحدثوا عن كل كبيرة وصغيرة في الحياة الثقافية، ويمكن القول أن هذا الملحق نقل للقارئ الجزائري كل ما تحقق في هذه السنة، ولم يكتف بذلك بل شجع المواهب الإبداعية من خلال تسليط الضوء على إنجازاتها، والتطرق إلى احتراقها وقدرتها على العطاء.
و بقي الملحق الثقافي حيا في جريدة «الشعب » يصدر في قلب صفحاتها بانتظام كل أسبوع، ويعد ذلك تحد من طرف الأقلام التي تسهر على مواصلة العمل الجدي في الملحق، وكذا إعداد الصفحات الثقافية اليومية، ولا يقل الملحق الاقتصادي أهمية، كونه الملحق الوحيد الذي يصدر على صفحات الجرائد الناطقة باللغة العربية، ويفتح المجال لآراء خبراء نوعيين في أكثر من ملف اقتصادي ذا طابع وطني أو دولي، مع تقديم القراءات الاستراشفية والتحاليل الهادئة والشاملة وذات البعد العميق.
ويواكب الملحق الاقتصادي التحديات والرهانات التنموية، ويفتح النقاشات المستفيضة، بهدف تسليط الضوء على المسائل التي يمكن فيها إشراك الجميع، لإثارة العديد من الآراء وطرح الكثير من المقترحات القابلة للتجسيد على أرض الواقع، وإلى جانب رصد التجارب النموذجية الناجحة في المجال الاقتصادي، ولعل الجهود التي تبذلها الجزائر اليوم من أجل تحقيق نهضة تنموية وإقلاع اقتصادي برتم سريع، تحتاج إلى مواكبة الأقلام الصحفية، على اعتبار أن الملحق الاقتصادي يطرح الملفات والقضايا بموضوعية، وإذا تطلب الأمر فإنها لا تتأخر عن النقد البناء أو تحديد النقائص.
إنصاف القضايا العادلة
ومن بين الملفات التي تسهر جريدة «الشعب » على تحضيرها ونشرها للقارئ، نذكر ملف هام يتمثل في الملف الدبلوماسي الذي يعنى بالقضايا الدولية، وللإشارة فإنه مع مرور السنوات حمل هذا الملحق العديد من الأسماء، من بينها «حصاد السياسة الدولية» «و»الملف الدولي» واليوم استقرت تسميته في اسم «الشعب الدبلوماسي»، ويصدر هذا الملحق في حلة جد جذابة سواء من حيث الشكل وخاصة في المضمون، حيث يجمع عبر صفحاته الأربع بين جميع الألوان الصحفية من حوارات وأعمدة ومقالات تحليلية بأقلام ذات خبرة طويلة ومتمرسة في قراءتها للأحداث الدولية، ويمكن القول أن الشعب الدبلوماسي يقوم باستقراء الحدث بنظرة بعيدة المدى، ولعل الصوت الدبلوماسي لجريدة «الشعب » واكب منذ أزيد من خمسة عقود حركات التحرر في العالم، وواصل المجاهدون الذين صنعوا الحرية وشاركوا في تحقيق الاستقلال، مهمة الدفاع عن القضايا التحررية العادلة في العالم على صفحات جريدة «الشعب»، وحافظت على ذلك التقليد بشكل دوري ومن دون انقطاع ولازالت إلى يومنا هذا، تنصف بأقلامها مختلف القضايا العادلة في الوطن العربي وعبر العالم.
في قلب الحدث الرياضي
ويهتم الملحق الرياضي بشريحة واسعة من محبي الرياضة، حيث يخصص بدوره ملفا أسبوعيا عن مختلف الرياضات، وينقل الأخبار من مصدرها ويجري الحوارات، ويرصد الانتصارات والإخفاقات ويقدمها بعين المحللين والخبراء المختصين، وإلى جانب ذلك يمكن القول أن الملحق الرياضي لجريدة «الشعب » أو «الشعب الرياضي»، يركز بشكل كبير على كرة القدم والفريق الوطني، وكذا الأحداث الكبرى التي تشارك فيها المنتخبات الجزائرية، حيث يحرص على نقل النتائج ومعها فرحة الانتصار أو العكس، من قلب الحدث الرياضي أي من الملاعب والقاعات الرياضية داخل أو خارج الوطن.
ولا يخفى أن الملحق الرياضي يتنقل مع الفريق الوطني لكرة القدم على وجه الخصوص ومختلف الفرق الرياضية الأخرى، في المواعيد الدولية القارية أو العالمية من بينها كأس أمم إفريقيا وكذلك كاس العالم.
التخصص خطوة نحو الاحترافية
ويبقى «الشعب المحلي» يجسد حقيقة الإعلام الجواري بأتم معنى الكلمة، كونه يثير مختلف قضايا التنمية المحلية، وفوق ذلك ينقل انشغالات ومعاناة المواطنين في قلب المدن الكبرى أو عبر القرى والمناطق النائية على حد سواء، وكثيرا ما ساعد الإعلام الجواري الذي عكفت جريدة «الشعب » ومنذ أزيد من 15عاما على تجسيده لمساعدة المواطنين البسطاء في استرجاع حقوقهم، واستفادتهم من السكن والكهرباء والغاز والماء وما إلى غير ذلك، ولعل خير شاهد على ذلك أولئك المواطنين الذين كانوا ضحايا فيضانات بابا الوادي وحرموا بالخطأ من الاستفادة من سكنات، وبعد رفع تظلمهم لجريدة «الشعب » ونشر صرختهم عبر صفحاتها، تم إنصافهم واسترجعوا حقهم واستفادوا من سكنات.
ولعل فتح صفحات خاصة تعنى بشؤون المرأة والشباب والطفل والصحة لاستقطاب فئات مختلفة وشرائح متنوعة، من المفروض أن تشجع الصحافي الحقيقي على التكوين الجيد والسير نحو التخصص في مجال معيين طيلة العديد من السنوات، من أجل بلوغ مستوى عالي من الاحترافية.
ويأتي احتفال «جريدة الشعب» التي مازالت صامدة في وجه مختلف التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية وتلك التي طرأت على سوق الإعلام بعيد إنشائها ال55، ليعيد للذاكرة المسار الطويل والأجيال المتعاقبة على، «الجريدة الذاكرة»..بالفعل يمكن وصفها بذلك، لأنها تختزن كما معتبرا من الأحداث ومن تاريخ الجزائر المستقلة بين طيات صفحاتها أرشيفها وفي ذاكرة من مر عبر قاعة تحريرها، خاصة من أقلام جادة وأصحاب التحاليل الموضوعية، الذين احترقوا بالأمس وجعلوا منها قلعة إعلامية حقيقية باحترافيتهم العالية وولعهم بهذه المهنة الشيقة فلم يبخلوا بعطائهم المستمر والصادق.