عمل بجدية كبيرة ويعد من الأقلام المميّزة التي مرت على جريدة «الشعب»، وطبع إسمه بشكل مركّز في القسم الرياضي لهذه «المدرسة» انه الإعلامي عبد القادر جبلون الذي ببساطته وتواضعه أعطى الكثير لهذه المهنة من خلال كتاباته وقدم نصائح قيّمة لجيل من الصحافيين الرياضيين. ويحرص جبلون على الموضوعية وتجنب الإثارة في تناول المواضيع.. بطريقة احترافية تقدم خدمة للقارئ وكذا المجال الذي يكتب فيه الصحافي.
التقينا في الماضي عندما كان قلمي «فتيا» خلال بعض المهام الاعلامية مع عبد القادر جبلون، وحقا تعلمت الى جانبه العديد من « التصرفات الايجابية» التي أفادتني في مسيرتي .. كما أن العديد من الصحافيين يكنون له الاحترام الكبير.. وبالتالي، فانه كان من المنطقي أن أتذكره في هذه المناسبة التي تحتفل فيها الجريدة بعيد ميلادها الـ55...
فكان الاتصال به بنفس «التواضع والبساطة» التي عرف بها أثناء «شغله» في مهنة المتاعب.. على النحو التالي: «ألو، عمي عبد القادر كيف أحوالك؟».. بخير الحمد لله، وأنت لابأس، شكرا على أنك تذكرتني».. وقلت: «نحن بصدد تحضير ملحق حول الذكرى الـ55 لميلاد الجريدة وفضلت أن تكون ضمن الوجوه التي سنسلط الضوء عليها» .. ورد «سآتي إليك في الجريدة في الوقت الذي تحدده».
كان على وعده وأكثر ـ إن صح التعبير - حيث جاء قبل نصف ساعة من الموعد المحدد بسعادة كبيرة و هو يتخطى المدخل الرئيسي للجريدة التي عمل فيها لسنوات طويلة.
و كغير العادة أردت في هذا المقام أن تكون الكلمات الأخيرة التي ختمنا به جلستنا مع «عمي جبلون» في بداية هذا العمل، كونها تلخص و تعطي معنى مركزا ومؤثرا حول مسيرة هذا الصحافي الرياضي المميّز مع المهنة وجريدة «الشعب» بصفة خاصة، حيث قال: «أنا سعيد جدا أنني عدت اليوم إلى بيتي بعد عمر مضى تقريبا 30 سنة.. هذا بيتي الأول قبل منزلي حيث قضيت أطول مدة من شبابي في العمل مع زملائي في التحريرأو الملاعب والقاعات الرياضية مقارنة بالوقت الذي قضيته مع أولادي حيث لم أحضر لميلاد أي واحد من أولادي نظرا لارتباطات مهنية.. أنا مرتاح لأنني قدمت كل ما عندي لهذه المهنة بالفرح والسرور»...
بعد تجربة بـ»النصر» التحق بجريدة «الشعب» عام 1975
ومنطق الأشياء يقودنا طبعا للحديث عن بدايات عبد القادر جبلون فقال: «بدأت مسيرتي مع الصحافة في عام 1971 بجريدة «النصر» حيث كنت مراسلا من العاصمة، أقوم بتغطية كل المجالات، إلى أن أصبحت رئيسا للمكتب في عام 1973.. وبعد إلحاح بعض الزملاء ونصائحهم المتكررة التحقت بجريدة «الشعب» العريقة في عام 1975 ضمن القسم الرياضي حيث عملت مع مجموعة من الصحافيين و شكلنا أسرة واحدة في جو عملي مميّز.. وكان المدير أنذاك هو الهادي بن يخلف ورئيس التحرير محمد زهاني».. ويحتفظ جبلون بذكريات انطلاقة مسيرته بدقة كبيرة .
وبعد مسيرة دامت أكثر من 10 سنوات، تم انشاء جريدة «المساء» عام 1986، لكن دائما في مؤسسة «الشعب» حيث ساهم جبلون في انشاء هذه الجريدة المسائية وعمل بها كرئيس للقسم الرياضي، لكنه لم يمكث بها طويلا وتحول إلى الجريدة المختصة في الرياضة «المنتخب».
وعن الظروف التي كان يعمل فيها خلال السبعينيات من القرن الماضي، يقول جبلون: «كانت الإمكانيات بسيطة مقارنة بتلك الموجودة حاليا حيث كنا نعتمد على التغطيات اليومية للأحداث وإجراء حوارات.. وكثيرا ما نستعمل الهاتف لجلب الأخبار.. كما أن اعتمادنا على الوكالات لمتابعة الأخبار المحلية والدولية».. والأشياء التي يتذكرها كثيرا في تلك الفترة يقول «عمي عبد القادر»: «قمت بتغطية أغلب الأحداث والمقابلات في ملعب 5 جويلية، والذي أصبح بمثابة بيتي الثاني.. إلى جانب اهتمامي بدورة الجزائر للدراجات والتي غطيت فعالياتها في عدة مناسبات»..
ذكريات جميلة من «ملحمة خيخون»
وإلى جانب الأحداث الرياضية الوطنية، فقد ساهم جبلون بكتاباته ومراسلاته في مواعيد دولية عديدة
شاركت فيها الجزائر حيث كان من ضمن الإعلاميين الذين قاموا بتغطية «ملحمة خيخون» في أول مشاركة للمنتخب الجزائري في مونديال كرة القدم حيث يعتبرها محطة مميّزة في مساره الاعلامي.. كما أن «حصيلته» تتضمن (الألعب المتوسطية عام 1975 بالجزائر، الألعاب الافريقية سنة 1978 بالجزائر ، كأس افريقيا لكرة القدم 1986 بمصر، الألعاب المتوسطية باللاذقية ـ سوريا - عام 1987، عملية القرعة لمونديال المكسيك عام 1986، والألعاب المتوسطية بفرنسا 1993...
بعد معاناة مع «التلكس».. الهاتف كان حلا مناسبا
ومن خلال الحديث عن تغطية الأحداث الرياضية الدولية، فان مسألة ارسال المواضيع تكون دائما ضمن «خانة الفضول» فقال جبلون: «لابد أن أوضح أن الإمكانيات لم تكن متوفرة آنذاك، والأمور متعبة للغاية حيث كنت أرسل المواضيع عبر التلكس وأكتبها بـ«الحرف اللاتيني».. وأقولها بصراحة «كنت نسلك راسي» رغم أنني لم أكن أتقن الفرنسية بشكل كبير.. المهم هو إيصال المراسلات لرئيس القسم الرياضي.. وبهذه المناسبة يمكنني أن أفتح قوسا لأقول أنه في تلك الفترة تعطى أهمية كبيرة للترجمة حيث أن الصحفي عندما يلتحق بالجريدة يركز على ترجمة البرقيات وصياغة الخبر من تلك البرقيات لمدة 6 أشهر تقريبا .. و هو تدريب مهم في عمل الاعلامي.. وتطورت الأمور بشكل ايجابي وكانت تجربتنا الأولى بالهاتف خلال مونديال اسبانيا، أين ارتحنا نوعا ما بفضل توفر هذه الوسيلة الاتصالية».
ويمكن القول أن ضيفنا واصل عمله إلى غاية بدايات «زمن الفاكس» الذي قلل أكثر من متاعب الإعلاميين خلال تغطية الأحداث الرياضية الدولية، أين يكون للوقت قيمة كبيرة لإرسال المواضيع في الوقت المناسب..
وخلال رحلته الطويلة مع الاعلام التقى بالعديد من الشخصيات التي يتذكرها، لا سيما بيليه، كرويف، طارق ذياب.. إلى جانب كل النجوم الجزائرية في مختلف الرياضات، حيث أنه يحتفظ بفخر كبير بذكريات لا تنسى، ويقول: «قمت باعداد أول تحقيق بشكل شامل عن فريق مولودية الجزائر (عميد الأندية الجزائرية) حيث حاورت أغلب الشخصيات التي أنشأت هذا الفريق العريق منهم عوف وجازولي.. حتى أن بعض المقاطع من كتاباتي تم ادراجها في بعض الكتب المدرسية..».
في حين أن ضيف «الشعب» أجرى العديد من الحوارات في المجال الثقافي مع كل من محمد الاخضر السائحي، بلقاسم خمار، الطاهر وطار.. بالنظر لثقافته الواسعة و مبادراته العديدة.
الصفحة القانونية.. بالموازاة مع العمل في القسم الرياضي
كما كانت له تجربة فريدة من نوعها بجريدة «الشعب» والمتمثلة في إعداده لـ صفحة «قانونية»، ويقول في هذا الشأن: «بما أنني خريج كلية الحقوق قمت بإعداد هذه الصفحة لسنوات طويلة وكان مدير الجريدة أنذاك «بوعروج» مرحبا معترفا أنها الفكرة كانت مميّزة بنشر استشارات قانونية مفيدة للقراء ولاقت نجاحا كبيرا.. وكانت الصفحة أسبوعية، يضيف جبلون «وأقدمها بالتوازي مع عملي في القسم الرياضي بدون أي عناء.. ولابد أن أذكر هنا أن الصفحة بالحجم الكبير، وفي أغلب الأحيان أجري حوارات في نفس الموضوع وأطلب تخصيص صفحتين من أجل اعطاء الموضوع حقه كما يقال».
وغادر جبلون مهنة الصحافة في عام 1996 من جريدة «المنتخب» التي اختفت ويتذكر هذه التجربة بفخر كبير، حين يقول: «عرفت «المنتخب» نجاحا كبيرا حيث وصلنا إلى 200 ألف نسخة، وبنسبة مرتجعات ضعيفة جدا حيث كانت مرجعا لآلاف القراء الذين يتابعون الأحداث الرياضية».
وما زال هذا الاعلامي الكبير يتابع باهتمام كل الأحداث، لا سيما الرياضية منها مسايرا التكنولوجيا وتطوراتها، حيث قال: «منذ خمسة أشهر فتحت حسابا على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» وأقوم في العديد من الأحيان بالمشاركة بتعاليق حول هذه الأحداث والأمور المختلفة، وأنا جد سعيد كوني وصلت إلى رقم 3000 متابع لصفحتي»...