ندعم الحل السياسي وندعو الفرقاء الليبيين إلى الحوار
أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، عقب لقائه برئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، العديد من المواضيع المشتركة وسبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، كان أهمها اجتماع اللجنة الجزائرية - الفرنسية المشتركة رفيعة المستوى التي ستنعقد، اليوم، بباريس، إلى جانب بعض المستجدات الدولية.
أوضح ماكرون، الذي يقوم بزيارة عمل وصداقة إلى الجزائر، خلال الندوة الصحفية التي عقدها، أمس، بفندق الأوراسي، بحضور وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل، أن اجتماع اللجنة الجزائرية - الفرنسية المشتركة رفيعة المستوى الذي سيرأسه الوزير الأول أحمد أويحيى مرفوقا بوفد وزاري هام مناصفة مع الوزير الأول الفرنسي إدوارد فيليب، ستكون فرصة لعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بحيث ستكون الشراكة الاقتصادية والبحث عن آفاق جديدة للاستثمار محور أشغالها.
أشار الرئيس الفرنسي إلى وجود العديد من المشاريع العالقة التي تنتظر الفرصة المواتية لتجسيدها في قطاعات مختلفة كالصحة، التعليم العالي، التكوين المهني والصناعة، لاسيما في مجال السيارات، على غرار مشروع «بيجو» الذي سيكون هدفا نسعى لتجسيده كـ «رونو»، بالإضافة إلى مشاريع أخرى ستكون ضمن جدول أعمال زيارته المقبلة في سنة الداخلة 2018 في إطار زيارة دولة سيقوم بها إلى الجزائر.
صندوق مشترك فرنسي - جزائري للاستثمار ومدرسة للرقمنة
في نفس السياق الاقتصادي، تحدث ماكرون عن اقتراح إنشاء صندوق فرنسي - جزائري للاستثمار ودعم الشراكة والمستثمرين من أصحاب المؤسسات المتوسطة والصغيرة بين البلدين ومرافقتهم وتذليل كل الصعوبات أمامهم، بما يعزز - بحسبه - الشراكة الاقتصادية ويفتح آفاقا جديدة للاستثمار، مشيرا إلى أنه يشجع المقاولين الفرنسيين على الاستثمار في الجزائر.
في مجال التكوين، كشف ماكرون عن مشروع إنجاز مدرسة مشتركة في مجال الرقمية تهتم بتكوين الشباب الجزائري في هذا المجال، من أجل أخذ مكانتهم وفتح آفاق جديدة لهم بتخريج ما بين 500 إلى ألف شاب كهدف يتطلعون لتحقيقه كل سنة، وكذا الحصول على شهادات مزدوجة.
تسهيلات للحصول على التأشيرة للنخبة ومراقبة الهجرة غير الشرعية
بخصوص موضوع التأشيرة قال الرئيس الفرنسي، إن سياسة بلده فيما يتعلق بهذا الملف تسير نحو تسهيل كل الأمور والإجراءات المتعلقة بالحصول عليها، لاسيما بالنسبة للنخبة من الشخصيات المهمة كالمسؤولين السياسيين، الإداريين العسكريين، المثقفين والصحفيين عبر اعتماد نظام بسيط، مشيرا إلى أن «الفيزا» ليس مشروع حياة، وإنما التكوين هو الحياة.
في المقابل تحدث أن النظام البسيط الذي سيتبع في منح التأشيرة سيسمح في الوقت ذاته بتنظيم الهجرة الشرعية ويمكن من مراقبة أفضل لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
فرنسا تقرر إعادة جماجم المقاومين الجزائريين
فيما تعلق بالذاكرة الوطنية، أعلن الرئيس الفرنسي عن قرار فرنسا إعادة جماجم المقاومين الجزائريين المتواجدة بمتحف الإنسان بباريس، معربا عن موافقته على طلب السلطات العمومية الجزائرية عدة مرات بشأن إعادتها، مشيرا إلى اتخاذه قرارا بالشروع في العملية، خاصة وأن القانون التنفيذي المتعلق بها قد أصبح جاهزا.
في المقابل وفي إطار المصالحة التاريخية، أعرب ماكرون عن أمله في أن تستجيب السلطات الجزائرية لطلب بعض الفرنسيين المولودين بالجزائر والذين يريدون زيارة مسقط رأسهم من خلال منح بعض التسهيلات.
في الشأن الدولي تصدرت مداخلة ماكرون خلال الندوة الصحفية موقف بلاده من قرار ترامب بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، حيث تأسف للقرار معتبرا إياه قرارا أحاديا ولا يهم سوى الشعب الأمريكي ولا يلزم سوى رئيسه، غير أنه يبقى، بحسبه، قرارا يتعارض وحقوق الإنسان والمواثيق الدولية، بما فيها اللوائح الأممية.
وأشار الرئيس الفرنسي، أن بلاده تدعم الحل القائم على الدولتين ومسار السلام بين فلسطين وإسرائيل، معتبرا أن مثل هذا القرار الأحادي الجانب، والذي لا يلزم سوى الولايات الأمريكية المتحدة، من شأنه أن يعصف باستقرار المنطقة.
بخصوص ليبيا، إعترف ماكرون أن التدخل العسكري في ليبيا أزّم الوضع، ما يؤكد، بحسبه، أن هذه السياسة لا تحل الأزمات إذا لم تكن في إطار استراتيجية سياسية، مجددا دعم بلاده للحل الدبلوماسي من خلال جهود الأمم المتحدة التي تهدف إلى التوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة في ليبيا ويجمع الفرقاء على طاولة الحوار من أجل ليبيا مستقرة وذات مؤسسات دائمة.
وأعرب ضيف الجزائر عن أمله في أن تتحقق خلال الأسابيع المقبلة، اتفاقات مؤسساتية وحوار بين مختلف الأطراف السياسية، داعيا لتنظيم انتخابات في إطار احترام الدستور في الأسابيع المقبلة، مجددا اهتمام بلاده باستقرار ليبيا الذي يهم الجزائر أكثر من أي بلد آخر.
مهتمون بتعزيز التعاون الأمني في الساحل الصحراوي ومحاربة الإرهاب
فيما يتعلق بملف الساحل، أكد ماكرون أن بلاده لديها نفس التوجه الجزائري وتدعمه وهي مهتمة بتعزيز تعاونهما الأمني ومكافحة الإرهاب، لاسيما في الساحل الصحراوي، مشيرا إلى أن هذا الموضوع كان محل اهتمام الطرفين في عديد اللقاءات، مجددا إرادته في هذا المسعى، لاسيما ما تعلق بمحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه واقتلاع جذوره.