بعد تأكيد مسؤولين في الادارة الأمريكية، أنّ الرئيس ترامب مصمم علي أن ينفذ وعده الانتخابي، ويعلن عن اعترافه بالقدس كعاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها في مايو القادم، ويظهر أن ما بعد اعلانه سيكون تداعيات عديدة تتجاوز حدود فلسطين والمنطقة، لأن للقدس اهمية عربية واسلامية ودولية.
اعتراف ترامب، يفسر بأنه انقلاب علي قرار التقسيم 1947، باعتبار القدس وحدة سياسية منفصلة تخضع لنظام خاص تتولي ادارته الأمم المتحدة، والتي اعتبرت ضم إسرائيل للقدس في 1980، واعتبارها عاصمة موحّدة لإسرائيل، إجراء مخالف للقانون الدولي ولكافة القرارات الدولية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية عامة وبوضع القدس القانوني خاصة. وفي نفس العام صدر القرار الدولي 478. والذي نص على عدم الاعتراف بأي أعمال إسرائيلية تغير طاب وضع القدس، داعيا الي سحب كل البعثات الدبلوماسية من المدينة المقدسة، وكما أنّ البند السابع من الاتفاق الانتقالي عام 1995 نص بالحرف الواحد أنّه «لن يقوم أي طرف باتخاذ خطوات من شأنها استباق نتائج مفاوضات الحل النهائي، التي حدّدت القدس والحدود والمستوطنات واللاّجئين والأمن والمياه»، ويظهر بوضوح أنّ القرار الأممي 2334 والذي لم تعارضه الادارة الأمريكية في 2016 م، نص بوضوح على أن جميع الاجراءات التشريعية والادارية التي اتّخذتها إسرائيل، والتي ترمي لتغيير وضع المدينة المقدس (القدس) ليس له شرعية قانونية وتشكّل انتهاك صارخ للقانون الدولي وعقبة أمام تحقيق السلام.
يشير تقرير لـ «وول ستريت جورنال» إلى أن إدارة ترامب بدأت بالفعل إبلاغ السفارات الأمريكية في العالم نيّتها الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل. وفي نفس السياق تتحدّث الصّحافة العبرية أن جهات في البنتاغون وفي وزارة الخارجية الأمريكية قد حذرت الرئيس ترامب من ابعاد الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل كونه سيتسبّب في الغضب الفلسطيني، وعدم الاستقرار الأمني والتورط القانوني وتهديد السفارات والمصالح الأمريكية في العالم. إذن فإنّ قرار ترامب وإعلانه بما يخص القدس، سوف يكون له تداعيات واسعة شعبية وسياسية ودبلوماسية ولا يمكن توقع ماذا بعد ذلك، وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنّ للقرار تداعيات وخيمة على المنطقة على العالم كله.
مخاطر قرارات ترامب على المنطقة وانعكاساتها على القضية الفلسطينيّة
وفلسطينيا قام الرئيس محمود عباس بإجراء اتصالات عاجلة وموسّعة مع جميع الأشقاء العرب والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والدول الأفريقية واللاتينية وآسيا، ويوجد وفد رفيع المستوي في واشنطن لتوضيح مخاطر القرار الأمريكي علي العملية السياسية كاملة، وكما طلب د - رياض المالكي وزير الخارجية والمغتربين وبناء على طلب الرئيس أبو مازن، بطلب عقد اجتماعين طارئين لجامعة الدولة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي، لتدارس تداعيات الامر واتخاذ ما يلزم لحماية القدس والقضية الفلسطينية.
أنّ ما يقوم به ترامب اليوم، هو ابتزاز ومقايضة وكأنّه يقول «طالما لم يتم قبول الحل الأمريكي «صفقة العصر»، «فسوف أقوم بخطوات استثنائية وغير اعتيادية»، وهذا الأمر مرفوض فلسطينيا جملة وتفصيلا ولا يمكن التعامل معه بأي صورة كانت، والادارة الامريكية تتحمل كافة النتائج والتداعيات.
إنّ السّاعات المتبقية حتى تتضح خطوات وقرارات ترامب المعلنة، ستضع المنطقة في واقع جديد، وفي حال نفذ ترامب ما تحدث به، فعلي المجتمع الدولي والامم المتحدة القيام بدورها للتصدي لهذا الانتهاك والانقلاب عليها، وان بقيت صامتة، فإنها تسجل شهادة وفاتها وعدمية وجودها، وقد يسود قانون الضجيج بلا قدرة لأي أحد أن يصمته.
ملاحظة / القدس عاصمة دولة فلسطين، ولن يكون لقرار ترامب أي قيمة، ولن يتمكن من تنفيذه، وستكسر عنجهيته أسوار القدس، وصمود أهل القدس، وسيتراجع قبل أن يبدأ.
كاتب ومحلل سياسي - فلسطين
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.