يحل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم، بالجزائر، في زيارة رسمية للجزائر، الأولى منذ اعتلائه قصر الإليزيه، لبحث التعاون الثنائي بين البلدين وملفات تاريخية وقضايا إقليمية ودولية، منها التهديدات الأمنية في الساحل والهجرة غير الشرعية وكذا التحديات المرتبطة بالجريمة المنظمة.
ينتظر من هذه الزيارة، التي تدوم يوما واحدا، أن تضفي مزيدا من الديناميكية على العلاقات بين البلدين. كما تأتي عقب انعقد الدورة الرابعة للجنة المشتركة الاقتصادية الجزائرية – الفرنسية، التي توجت بالتوقيع على عدد من اتفاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين.
كما تأتي الزيارة وسط تراكمات الماضي الاستعماري، ودعوات داخلية لفتح ملف «الذاكرة» التاريخ المشترك بين البلدين، وضرورة اعتراف فرنسا بماضيها الاستعماري وبالجرائم التي ارتكبتها في بلادنا، منذ احتلالها 1830 إلى غاية الاستقلال سنة 1962، خاصة وأن ماكرون أول رئيس فرنسي اعترف خلال حملته الانتخابية، عندما قال إن الاستعمار الفرنسي كان «جريمة ضد الإنسانية»، في حين اكتفى الرؤساء الذين سبقوه في تصريحاتهم بالدعوة إلى تجاوز هذه العقبة التاريخية.
فالرئيس الأسبق فرنسوا ميتران، قال سنة 1981 إن «فرنسا والجزائر قادرتان على التغلب على خلافات الماضي وتجاوزها». وشيراك وقع سنة 2003 مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على إعلان الجزائر، الذي نص على «شراكة مميزة» بهدف تجاوز «ماض لايزال أليما لا ينبغي نسيانه أو إنكاره».
كما ندد نيكولا ساركوزي سنة 2007 بالنظام الاستعماري «الظالم»، الذي كانت فرنسا قد أقامته في الجزائر.
من جهته اعترف فرانسوا هولاند سنة 2012، بالآلام التي سببها الاستعمار الفرنسي طيلة فترة تواجده في الجزائر كمحتل.
وكان وزير المجاهدين الطيب زيتوني قد أكد، قبل يومين، أنه ينتظر الكثير من زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر، والتي من بينها تسوية الملفات العالقة الخاصة بالذاكرة، مضيفا أن العلاقات بين البلدين لن تكون طبيعية إلا بتقديم الاعتذار والتعويض والاعتراف بالجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق الجزائريين.
التهديدات الأمنية في الساحل ومكافحة الإرهاب.. وتسوية الأزمة الليبية
ترتبط الزيارة كذلك بالسياق الإقليمي، في ظل التهديدات الأمنية في الساحل ومكافحة الإرهاب، خاصة أن فرنسا تواجه تهديدا إرهابيا كبيرا وتحتاج إلى دعم متواصل لاستراتجيتها لمكافحته، بتقوية تعاونها في مجال المخابرات مع البلدان التي واجهت هذه الظاهرة من بينها الجزائر.
الملفات الأخرى التي يرتقب إجراء مباحثات بشأنها، منها الملف المتعلق بعملية تسوية الأزمة الليبية، عبر مسار التفاوض الذي يمر تحت إشراف الأمم المتحدة، الذي تدعمه الجزائر. في حين أن موقف فرنسا من هذا الملف مايزال غير واضح.
وينتظر كذلك التطرق إلى التحديات المرتبطة بالجريمة المنظمة، بالإضافة إلى ظاهرة الهجرة غير الشرعية واتهامات الاتجار بالبشر.
أما بالنسبة للقضايا الاقتصادية، فسيكون في مقدمتها التحضير للطبعة الرابعة للجنة الحكومية رفيعة المستوى بين الجزائر وفرنسا، وكذا قضايا الشراكات «رابح- رابح»، على غرار مصنع «بيجو»، مع الإشارة أن قيمة المبادلات التجارية بين الجزائر وفرنسا بلغت 10,3 ملايير دولار سنة 2015، بحسب الأرقام التي أوردتها الجمارك الجزائرية.
وتبقى فرنسا أول مستثمر خارج مجال المحروقات وأول موظف أجنبي في الجزائر ب40 ألف وظيفة مباشرة ومائة ألف وظيفة غير مباشرة.