عريوات فنّان وعصفور نادر وموهوب ومثقّف وقد وصلنا لحل لمشكلته
أشاد عزالدين ميهوبي وزير الثقافة، عشية أمس الأول، على هامش افتتاحه للمهرجان الوطني 11 للمسرح الفكاهي بالمدية بأهمية التكنولوجيا في مشاهدة أعمال الفنان بوبقرة بعد 30 سنة من رحيله منوها بعظمة التكنولوجيا التي باتت تقربنا ممن غابوا عنا أمثال عبد القادر فراح سيد الفرقة الملكية ومحبوب باتي وشريف قرطبي وأهل الزخرفة والخط العربي، موضحا في هذا الصدد بأنه من حقنا أن نتباهى بهذه الولاية كونها أنجبت الكثير، ومن بينهم مايسة الباي وقدمت الكثير لهذا الوطن، داعيا إلى وجوب مواصلة تنظيم هذا المهرجان لوجود رغبة وإرادة الاستمرارية لدى المسؤولين وعلى رأسهم الوالي.
عرج ميهوبي في قوله بأن هذا الحدث يأتي ونحن في غمرة إعادة النظر في الكم الهائل من المهرجانات للتكيف مع ما يحدث في العالم ولما لا مهرجان في كل عامين، مثله مثل كرة القدم على اعتبار بأن تنظيمه سنويا يكلف الخزينة نفقات كبيرة كما أنه ليس بالضرورة وضع المال الكثير من أجل الفرجةِ، منبّها بأن وزارته قامت بتخفيض ما بين 50 إلى 60٪ من تكاليف المهرجانات لكون أن المقص فعل فعلته في الكثير من النفقات، مذكرا جمهور هذه الولاية أن وزارته لم توقف المهرجانات ولم تمنع أي مهرجان مادام هناك رغبة في القائمين عليها في البحث عن مصادر تمويل، بل تركت ذلك مرتبطا بمدى توفر المال وتم الإبقاء على نحو 40 مهرجانا، بما في ذلك مهرجان الفكاهة بالمدية، لما له من خصوصيات ولكون هذه الولاية لها اعتبارات. كما أن المجتمع مطالب بالبحث عن التمويلات والدولة تقع عليها مسؤولية تأمين المسارح والفضاءات، مشيرا بأنه من الطبيعي أن تكون لكل ولاية مسارح في رده على محافظة المهرجان: «لقد طالبتم بمسرح بهذه الولاية غير أنه يحب قول الحقيقة بأنه هناك عدة مسارح ذات مقاييس تنجز بعديد الولايات والدولة لم تتوقف عن تعزيز البنية التحتية الموجودة، إلا أنه يتوجب علينا اليوم الاستغلال الأمثل لمثل هذا الصرح «التياتر» وكل الفضاءات دون الاتكال في ترقية العمل المسرحي على دار أو مديرية الثقافة لصنع الفعل الثقافي»، مبديا إعجابه لوجود جمعيات مشاركة في هذا المهرجان وليست أعمال مؤسسات ثقافية، كون أن الهيئات من حقها أن تستفيد من هذه الفضاءات، وتساهم في عملية التسيير اليومي لهذه المؤسسات الثقافية على أساس أن مصالحه بدأت تكتشف النوايا الصادقة لبعض الجمعيات بدليل ترشيحها للعديد منها لتمثيل الجزائر في الخارج.
ذكر وزير الثقافة مدعويه بأن الدولة باتت توفر القوانين مثمّنا في الوقت ذلته ما قامت به مؤسسة عبد القادر بن دعماش التي وزعت إلى حد الآن حوالي 8000 بطاقة فنان، فيما هناك 20 ألف منخرط في «أوندا»، حاثا بدوره المنخرطين للتقرب من هذه المؤسسة للحصول على الاعتراف ومن ثم بطاقات الفنانين.
قال وزير الثقافة بأن هيأته هي بصدد مراجعة المنظومة المسرحية بعد أن عرفت هذه الأخيرة تحولات كبيرة، بحيث لا يجب أن يكون عمالها موظفين فقط بل رجال إبداع والتحرر، كما أنها بصدد إعداد رؤية جديدة خاصة بالمسرح، متطرقا في هذا الصدد إلى المسرح الفكاهي، على أنه هذا العام تم تكريم ولاية مستغانم بنشاطها في هذا المجال، وتم الوقوف على مدى تطور هذا الفن بعد أن تم التركيز على أهمية التكوين باشراك كبار المسرحيين للمساهمة في التكوين القاعدي وتطوير الحركة المسرحية وإنشاء جيل جديد، معتبرا بأن هذا النوع من المسرح هو للرد على هؤلاء الذين يقولون بان الجزائري جاد ولا يضحك، فلولا صمود الجزائريين لما تحررت الجزائر، باعثا بتحية اجلال للمجاهدين الذين منحونا هذا التواجد بهذا المكان، مؤكدا في هذا المقام بأن الجزائري يحسن التفاعل مع الموقف الساخر، كما أن هناك أسماء كبيرة أمثال التوري، قاسي تيزي وزو، عثمان عريوات، هذا الأخير لم نهمشه أبدا، كونه فنان وعصفور نادر وموهوب ومثقف، وقد التقيته منذ يومين وحاولت حللحة مشكلته من خلال فيلمه سنوات الاشهار، الذي هو في الروتوشات الأخيرة، ووجدنا صيغة لحل المشكلة مع وجوب خروج هذا الفنان من دوامته لكونه يعز علينا كما أنه لم نر له أي عمل منذ 20 سنة، متعهدا بأن يقف معه لانتاج أفلام أخرى، داعيا المهتمين إلى ضرورة البحث في التراث الجزائري بشأن هذا النوع من المسرح الفكاهي لوجود مضامين كبيرة لخدمة هذه الغاية، مستطردا جملة توجيهاته في هذه المحطة بأنه ليس ضد الاقتباس من الأعمال الأجنبية بل يجب حسبه ابراز هذه النصوص لأن وزارته مستعدة لطبع أعمال مسرحية وطنية جزائرية، كما تطلب أن تتحول هذه النصوص إلى أعمال مسرحية وهذا باعتماد فكرة العمل بالفريق» مجموعة» وليس عن طريق شخص واحد، رافضا منطق العمل بالانفرادية والنرجسية والذاتية، إلى جانب الحاحه على الاعتماد على النصوص والأعمال الجيدة التي تعجب الجميع، حاثا في هذا الصدد للخروج من التهريج إلى السخرية الهادفة مثل ما قام به كل من دريد لحام، عادل امام، وآخرين الذين كانوا يلجأون إلى الخبراء، مطالبا من المسارح بتغيير نمط العمل مستقبلا، وهذا من خلال العمل وعقد اتفاقيات مع أعمال جماعية في اطار مبدأ التنويع واخراج المسرح من فكرة المقاولات، منوها أيضا في ختام كلمته بمنظمي هذا المهرجان وبخاصة الفنان والكاتب الكبير بن زرقة والفريق الذي يقف إلى جانبه مجددا شكره لوالي الولاية وكل الاطارات التي عملت على استمرارية هذا المهرجان ماديا ومعنويا على أمل أن يجد الجمهور ضالته في أعماله.
...وتكريم عدّة شخصيات لها علاقة بالفنون وتطوير المسرح بالولاية
عرضت محافظة المهرجان بهذه المناسبة فيلما وثائقيا جسد شخصية الفنان بوبقرة الذي كان مجاهدا لأجل الفن الرابع، من انتاج التلفزيون الوطني أظهر أهم الشخصيات التي أداها حسن الحساني طيلة مشواره الفني إلى جانب أهم الأعمال التي شارك فيها إلى غاية فيلم أبواب الصمت حيث وافته المنية سنة 1987، كما كرمت هذه المحافظة ابن الراحل حسن الحساني عن طريق وزير الثقافة والذي أكد أيضا بهذه المناسبة أن رئيس الجمهورية كان قد منح المرحوم وسام الاستحقاق الوطني لما قدمه طيلة مشواره الفني، فيما تم تكريم مؤسسي هذا المهرجان التسعة ومن بينهم المرحوم المسرحي يوسف تومي أمين، فضلا على المجاهد طه العامري أحد مؤسسي فرقة جبهة التحرير الوطني وأحد صناع مجد المسرح الجزائري وتاريخه من 1958 إلى 1962، فضلا على أنه شمل هذا التكريم أيضا الفنان أيوب عمريش سندباد المسرح الوطني والإعلامية فاطمة ولد خصال صاحبة مقولة «آه يا وطني» وكذا الفنانة والممثلة نضال «نصيرة حسين» ابنة مدينة شلاله العذاورة، علاوة على الفنان «عبد الرحمان الربعي» بوشخشوخة» المعروف بحصة الفهامة والذي كان من بين أحد المستفيدين من تجربة المحتفى به بوبقرة، إلى جانب الفنان الراحل زوبير قرنينة الفنان والسياسي ابن مدينة البرواقيه مع الصحفي الربيع برجم صاحب الكلمة الصادقة، مضاف إلى ذلك تكريم الروائية ما يسه الباي وكذا كل من وزير الثقافة ووالي الولاية.
هذا وفيما دعي الفنانين التونسين خالد بوزيد وهنانة فرحات، اللذين يقومان بجولة فنيه بالجزائرإلى ركح التياتر بالمدية قال بوزيد لقد انبهرنا بتنظيم المسارح الجهوية في الجزائر ومدى التعاطي الايجابي بين محترفي المسرح والطلبة الراغبين في التكوين، كاشفا بطلاقة لسانه بأنه لدينا نفس العادات والتقاليد مع الشعب الجزائري الذي نريد توصيل له تحية اكبار واجلال من الشعب التونسي، كما أنه لا خوف على مستقبل الجزائر من الطلبة كونهم مؤمنين بمبدأ وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر، كما قدّم الفنان بسام طبقا ساخرا من روائعه، حيث صال بمسمع وذوق الجمهور بعدة محطات، أعطت من خلاله حفل الافتتاح نكهة دفء خاصة لتطرب أيضا بعده فرقة العيساوية التراثية الحضور بوصلات هادئة.