تختتم اليوم، فعاليات الصالون الأول للصيدلة وشبه الصيدلة والرفاه اليومي «فارمكس»، بعد ثلاثة أيام من النشاط على مستوى مركز الاتفاقيات محمد بن أحمد بوهران، وذلك بمشاركة 57 عارضا، يمثلون 70 ماركة أدوية، فيما تكمن الأهداف الرئيسية في تقريب المخابر والموردين وشركات تصنيع الأدوية بالجملة من الصيادلة.
عرفت هذه التظاهرة المتخصّصة في تجربتها الأولى مشاركة قويّة للمتعاملين في هذا المجال، بما فيهم المخابر العمومية والخاصة وموزعين وشركات للخدمات وممونين ومؤسسات مالية ذات صلة بهذه المهنة، حسب ما أوضحه مدير الصالون الدكتور يسار بدور، 13 سنة في مجال المخابر، مشيرا في الوقت نفسه إلى أهميّة المحاضرات المبرمجة على الهامش، وعلى رأسها «البحث العلمي والتطوير التكنولوجي» و»واقع الأدوية الجنيسة بالجزائر».
د. عوفن: الدولة تحافظ على دعم البحث العلمي وفق قوانين صارمة
انصبت مداخلة الدكتور نبيل عوفن، المدير العام للوكالة الموضوعاتية للبحث العلمي حول كيفية تطوير البحوث في علوم الصحّة، بما فيها الصيدلة والطب بجميع فروعه وتخصّصاته،حيث دعا إلى استغلال الإمكانيات الهامة التي توفرها الجزائر لباحثيها، بالمقارنة مع الدول الأخرى التي تعتمد في تمويل هذا المجال على القطاع الخاص، مشيرا في الوقت نفسه إلى القوانين والأنظمة والتعليمات والقرارات المعمول بها في الوكالة الموضوعاتية للبحث العلمي.أشاد الدكتور عوفن في تصريح ل»الشعب» بمنهجية الدولة الجزائرية في إعداد الخطة الإستراتيجية التي وضعتها لتطوير وتحفيز البحث العلمي، بهدف تحقيق الهدف الأسمى الذي تسعى إليه الجزائر من خلال تشجيع وتدعيم المشاريع الناجحة في تنمية الفرد والمجتمع من مختلف الجوانب الاجتماعية والاقتصادية.
اعتبر أنّ الجزائر من أكبر دول العالم إنفاقا على البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، حيث تنفق سنويا 20 مليار دج، منوّها في هذا الصدد بالدعم الحكومي المتواصل لتمويل ورعاية البحث العلمي في مختلف فروع المعرفة، رغم الأزمة المالية التي تعاني منها الجزائر، بسب تذبذب أسعار النفط.
ذكر محدّثنا بأنّ الجزائر تضع «البحث العلمي والتطوير التكنولوجي»، ضمن أولوياتها الرئيسية، إضافة إلى الأمن الغذائي والطاقوي، فيما تركز في الأبحاث التي تشتغل عليها في علوم الصحّة على 10 ميادين رئيسية، أبرزها صحة الأمومة والطفولة، الوقاية من السرطان ومكافحته إضافة إلى الأمراض المعدية وغيرها.
عن معايير التصنيف العالمية للبحث العلمي، قال نفس المسؤول أن البحوث الجزائرية لا تقيم بالمراتب، كونها حديثة العهد، مذكّرا بأنّ الجزائر دولة فتية ولا تزال في مرحلة الهيكلة والتنظيم، من خلال مساعيها الحثيثة لإدماج أكبر عدد من الباحثين في فرق ومخابر بحوث، باعتماد «معيار النوعية والجودة».
في سياق متصل كشف عن تعليمات حكومية صارمة لتطوير البحث العلمي، لاسيما في ظل الوضع الراهن الذي تعيشه بلادنا، والمتميز خصوصا بتراجع الجباية البترولية، مشيرا إلى أنّ التعليمات تشدّد على « معايير الجودة والنوعية في البحث العلمي ومساهمته الفعالة في التنمية»
أكّد عوفن على أهمية الصالون في تعزيز العلاقات الكفيلة بدعم وتطوير الأبحاث في ميدان الصيدلة، ولاسيما في ظل ارتفاع فاتروة الاستيراد، منوّها بأنّ الوكالة منذ تأسيسها قبل 20 سنة أشرفت على تخرج أكثر من 3500 باحث جزائري وتمكنت من تمويل 910 مشروعا في علوم الصحة، منها 11 بالمائة في ميدان في اختصاص تكنولوجيا الصحيّة، مؤكّدا أن أبوابهم مفتوحة في إطار القواعد الضابطة للبحث العلمي والتطور التكنولوجي.
الأدوية الجنسية تعادل الصيغة الأم... وتحذيرات من استعمال الأدوية الحيوية المماثلة
من جانبهم أكّد بعض المشاركين حاجة الجزائر إلى وضع إطار قانوني يسمح بمنع استعمال الأدوية المماثلة حيويا، التي لا تتوفر على المعايير المتعارف عليها، ومنها خضوعها للتجربة على الإنسان لتفادي تعرض المرضى لمضاعفات صحية، مؤكدين على ضرورة وضع إطار قانوني لإجراء الأبحاث السريرية على الأدوية التي يجري تسويقها في الجزائر، لتفادي مضاعفاتها الجانبية.
دعا البروفيسور يحيا دلاوي، أستاذ في علوم الطب ورئيس مصلحة الطب البيولوجي للإنعاش بمستشفى وهران الجامعي، المرضى الذين لهم تاريخ مرضي عائلي قديم بأن يتجنبوا استعمال الأدوية الحيوية المماثلة أو ما يسمى «بيوسيميلار»، معتبرا أنّها تخضع لما يسمى بأخلاقيات الطب والأخلاقيات السماوية ملزمة بالشريعة الإسلامية، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه تحول في وقتنا الراهن إلى ثورة علاحية في مجال أمراض المفاصل.
ونصح من خلال جريدة الشعب» المرضى الذين لهم تاريخ مرضي عائلي قديم بأن يتجنّبوها، معتبرا أنّها «تلتزم بما يسمى بأخلاقيات الطب والأخلاقيات السماوية ملزمة بالشريعة الإسلامية»، مستدلا في سياق متصل بالثورة العلاحية التي تحدثها هذه الأدوية خاصة في مجال أمراض المفاصل.
وحسب ما جاء في مداخلته الموسومة ب»الأدوية الجنيسة_دواءا كاملا»، فإنّ الدواء الجنيس يثبت هويته عن طريق الكيمياء، أما الدواء الحيوي المماثل، فيثبت هويته عن طريق التجارب السريرية العيادية الإكلينيكية، مشيرا في الوقت نفسه إلى ما يسمى بعالم اليقضة الدوائية، وهو علم قائم بذاته بتعلّق بفحص الدواء، ومنع الآثار الجانبية للأدوية ومنع كل الأضرار الناجمة عنها والمشاكل المرتبطة بها بعد دخولها إلى الأسواق.
وفي سؤال ل»الشعب» بخصوص الأدوية الجنيسة ومكانتها في الخارطة الدوائية بالجزائر، قال دلاوي «الجزائري لا يزال يفضل الصيغة الأصلية والصيغة المرجعية على الدواء المماثل أو ما يسمى بالجنيس والمشابه، في حين يتردد الطبيب عن وصف الدواء المماثل، على الرغم من أنه يعادل الصيغة الأم».
حسب توضيحات نفس المصدر، فإن أكثر من 50 بالمائة من الأدوية في وربا أدوية جنيسة، فيما لا تتعدى نسبتها بالجزائر 34 بالمائة، ويعود السبب الرئيسي إلى المستهلك الجزائري وتفضيله للأصلي والمرجعي، فيما تحصي الجزائر حاليا 132 مركز لصناعة الأدوية الجنيسة، وكلها مراقبة نوعيا عن طريق المخبر الوطني لمراقبة النوعية.
عاد ليؤكّد في الختام بأنّ الدواء الجنيس فرض نفسه، بفضل التحاليل والمراقبة النوعية، التي تستجيب لمراحل المراقبة التي يخضع لها الدواء الأصلي، مشدّدا على ضرورة رفع كل الشكوك والظنون ووصفه من دون أية مخاوف.