حين تتجوّل في شوارع عنابة، يبدو لك الوهلة الأولى أن السلطات المحلية تمكّنت من القضاء على ظاهرة بيع المفرقعات والألعاب النارية، والتي كانت بقوة على أرصفة مختلف أحياء وشوارع المدينة، لكن وما إن تصل عند بعض الباعة الفوضيين والذين يبيعون الشموع والبخور ومستلزمات الاحتفال بالمولد النبي الشريف حتى يهمس لك أحدهم بصوت خفي «تشري محارق».
يبدو أنّ بيع المفرقعات بشتى أنواعها ظاهرة لا يمكن محاربتها أو القضاء عليها نهائيا في الجزائر، وذلك بالرغم من الرقابة الشديدة لمنع استيرادها وبيعها في الأسواق الجزائرية، فالتجار لم تردعهم القوانين الصارمة التي سنّتها الحكومة، وحظر تسويق هذه المواد، حيث يغرقون السوق الجزائرية بمفرقعات خطيرة وقاتلة، مع حلول المولد الشريف، بالرغم من جهود الأجهزة الأمنية لإحباط أي محاولة لإدخال «المفرقعات» التي تصنف ضمن المواد المحظور استخدامها.
فمع اقتراب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، تغزو ظاهرة بيع المفرقعات بمختلف أنواعها وأشكالها ، حيث يصطف الباعة تباعا، ويتسارعون لبيع منتجاتهم، مع حراسة شديدة خوفا من الوقوع بين يدي الأمن الوطني ومصادرة مبيعاتهم، التي تدر عليهم أموالا طائلة نتيجة التوافد الكبير للعائلات الجزائرية، حيث تحدث لعبة «الكر والفر» بين الشرطي والبائع، في محاولة منهم لمصادرة سلعهم.
المفرقعات تغزو الشّوارع بعيدا عن أعين الشّرطة
وإن كانت عنابة تشهد هذه السنة نقصا في ظاهرة بيع المفرقعات والألعاب النارية في بعض الشوارع، إلا أن العديد من الباعة تعمّدوا إلى بيعها خفية على أعين رجال الأمن، لاسيما بالمكان المعروف «مارشي الحوت» أين تم نصب طاولات تمويهية لبيع الشموع والبخور والحناء والفوانيس، وحين تسأل عن «المفرقعات» يخرج لك البائع أنواعا منها من تحت الطاولة أو يخفيها في كيس أو عند صديق له.
السلطات المحلية لولاية عنابة اتخذت مختلف الإجراءات لمنع إغراق السوق بالمفرقعات والألعاب النارية، حيث قامت مصالح الشرطة بالتنسيق مع الجمارك الجزائرية من تكثيف تواجدها، والقيام بعمليات التفتيش بأحياء الولاية وبعض المحلات التجارية والمخازن، والتفتيش الجمركي بميناء عنابة للحاويات، إضافة إلى تضييق الخناق على تجار المفرقعات والألعاب النارية، التي تنتشر بشكل كبير وبمختلف الأشكال والأسماء وبأسعار مختلفة حسب الأحجام والأنواع، حيث يستغل الباعة الإقبال الكبير للعائلات من مختلف الأعمار والأجناس، وبيعها بسعر مرتفع، والتي تتضاعف عشية المولد النبوي الشريف.
وبالرغم من الارتفاع الجنوني لأسعار المفرقعات والألعاب النارية، إلا أن الإقبال عليها كبير من مختلف العائلات الجزائرية، والتي أصبحت بالنسبة لها عادة لا يمكن الاستغناء عنها، حيث يرضخون لطلبات أبنائهم، ولا يتوانون في الإسراف وتبذير أموالهم لأجل ليلة واحدة، قد تكون عواقبها وخيمة، إذا لم تستخدم بالطريقة الصحيحة.
ألعاب نارية بأسعار ملتهبة
وتبقى ظاهرة إطلاق الأسماء على المفرقعات هي السائد الأكبر وسط التجار، لأجل كسب ود العائلات، وحين سألنا أحد الباعة إن كان لديه مفرقعات، انطلق مباشرة في تسمية ما لديه من أنواع على غرار «الكوموندوس»، «التيتانيك» و»الكوبرا»، والتي تعتبر أنواعا جديدة وهي أقوى المفرقعات حيث تحدث انفجارا كبيرا، مشيرا إلى أنها الأكثر إقبالا من طرف سكان الولاية، وعن سعرها قال بأن المفرقعات لديه تتنوع حسب حجمها وقوة انفجارها، وتتراوح ما بين 600 دج إلى 2500 دج، إضافة إلى «الباتري» والتي تطلق أكثر من 50 طلقة نارية، كما ما تزال الأسماء القديمة تسيطر على سوق المفرقعات على غرار «زيدان» التي تتراوح بين 500 دج و600 دج، «الشيطانة»، والتي يصل سعرها إلى 1400 دج، و»قاذف النجوم» والذي يتراوح سعره من 300 دج إلى 2200 بحسب حجمه، أما الصاروخ فيباع بـ 1200 دج، والنوالة الموجهة للأطفال فسعرها يصل إلى 100 دج.
وبعيدا عن المفرقعات انتشرت بعنابة ظاهرة بيع الفوانيس بمختلف أشكالها وأضوائها، حيث يبدو الإقبال عليها كبيرا، بالرغم من ارتفاع أسعارها والتي تباع ما بين 800 دج إلى 2000 دج، إلى جانب الشموع التي تباع أيضا بأشكال وألوان مختلفة، حيث يتراوح سعر الشموع العادية ما بين 40 إلى 60 دج، أما التي تأخذ شكل حيوانات فسعرها من 200 دج إلى 400 دج.
وأكّد أحد الباعة لـ «الشعب» أنّ الإقبال على شراء المفرقعات كبير سواء من فئة الشباب أو النساء، مشيرا إلى أن الجزائري قد يصرف ما قيمته 30 ألف دج على المفرقعات والألعاب النارية، لاسيما الشباب منهم، مصرحا بأنهم وجدوا تضييقا كبيرا من قبل السلطات الأمنية، وإلا كانت عنابة ستعرف بيع أنواع أخرى من المفرقعات تحمل أسماء متنوعة قد تصل إلى 4 ألاف أو 5 ألاف دج، قائلا بأنه كان سيجني من ورائها أموالا طائلة.