طباعة هذه الصفحة

الطب الشرعي بين تحديد الأخطاء الطبية ومواجهة دعاوى المسؤولية

أخلاقيات المهنة هي المعيار و لجنة خبراء لتفادي القرارات الفردية

سعاد بوعبوش

الأخطاء الطبية الظاهرة التي أصبحت وجها آخر يتربص بقطاع الصحة بالجزائر، وأصبحت تتصدر دعاوى المسؤولية الطبية على مستوى العدالة وربما ما خفي أعظم، وهو المجال الذي يتطلب في كل مرة تدخل الطب الشرعي لتكييفها وتحديد مدى جسامتها لوضع حد لأي إخلال بواجبات اليقظة والحذر أو تجاوز ينجم عنه خطأ جسيم قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه أقل ما فيها يتعلق بحياة الإنسان.

يرتبط الخطأ الطبي بكل تقصير أو خطأ مهني يرتكبه خلال ممارسته مهامه أو بمناسبة القيام بها، ويلحق ضررا بالسلامة البدنية لأحد الأشخاص أو بصحته، وهي نوع من القضايا التي اكتسحت العدالة بقوة في السنوات الأخيرة، فحسب رئيس الأكاديمية الجزائرية لتطوير علوم الطب الشرعي البرفيسور رشيد بلحاج، فإن التخصصات التي تعرف ارتكابا كبيرا للأخطاء الطبية وتحتل الصدارة في الجزائر هي طب النساء والتوليد، طب العيون لتليها الجراحة العامة، أمراض الكلى والمسالك البولية بالإضافة إلى علم الأشعة.
أوضح البروفيسور بلحاج خلال منتدى «الشعب»،أن الأخطاء الطبية لم تكن بالكم الهائل الحالي، وهذا نظر لدخول القطاع الخاص على الخط وعدم اقتصار الأمر على القطاع العام، إلى جانب المستوى التعليمي للأطباء الجدد الذي يبقى دون المستويات العالمية رغم الجهود المبذولة، علما أن الطبيب مطالب ببذل عناية وليس تحقيق نتيجة، مشيرا إلى ضرورة التفريق بين الخطأ الطبي والتعقيدات الطبية التي قد تطرأ أثناء العلاج.
اعتبر ضيف «الشعب» أن تدخل الطب الشرعي في وقوع وارتكاب الأخطاء الطبية وتكييفها ببسط اللثام عن ملابساتها، يأتي في إطار طلب القضاء للخبرة الطبية والتي تكون من خلال لجنة متكونة من عدة خبراء لتفادي أي انفراد بالقرار أو تحديد للنتيجة أوأي لبس قد يغير مجرى القضايا وكذا الاعتماد على معطيات علمية للوصول إلى إثبات أونفي المسؤولية الطبية، وذلك في إطار احترام أخلاقيات المهنة والضمير المهني وقبل كل ذلك  الخوف من الله، مشيرا إلى أن الطب الشرعي ليس فقط تخصص علمي بل هو إنساني فهو يتعامل بكل ما يتعلق بحياة الإنسان.
نبّه بلحاج إلى أنه من حق الضحايا أو الأطراف الذين لم ترضهم نتيجة الخبرة الطبية الأولى الطعن فيها أمام قاضي الدرجة الأولى، كما يمكن لهم أن يطالبوا بخبرة مضادة، وهو حق يكفله القانون للمتقاضين، مشيرا إلى أن هذا التخصص يطرح إشكالات أخرى تتعلق بتحديد من هو الطبيب الشرعي من يراقبه، والتكوين، وباعتباره مجالا متشعب المداخل يتم اللجوء إلى لجنة من الخبراء لتحديد أسباب هذه الأخطاء خاصة المؤدية للوفاة والتي ترتكز في عملها على التشريح كأول ركيزة.
أكد البروفيسور بلحاج أن هناك أخطاء طبية كثيرة لم يتم التسامح فيها مع مرتكبيها بعد ثبوت أنها كانت نتيجة تقصير، مهما كانت رتبة الطبيب المعالج  أو المنصب الذي يشغله، وتم عزلهم بعد المتابعة القضائية وفيهم أطباء أساتذة ثبت إهمالهم أثناء ممارستهم لمهامهم من طرف أطباء شرعيين مختصين مؤهلين.