ما يجري حولنا من تطورات يبعث على القلق وينذرنا على أكثر من صعيد بالاهتمام بشؤوننا السياسية بالنظر إلى المواعيد المصيرية بما فيها الرئاسيات، والاقتصادية كي نتحكم في تسيير مؤسساتنا ونحسن توظيف ميزانيتنا في ظل الأزمة المالية العالمية، أما بالنسبة لشؤوننا الخارجية فعلينا بقليل من الأنانية: مراعاة مصالحنا قبل كل شيء!
حقيقة أن الجزائر بذلت وتبذل قصارى جهدها من أجل إحلال السلم والأمن في أوطان تعاني من نزاعات حادة بتفضيلها الحوار واستبعاد العنف، لكن الظروف التي تمر بها منطقتنا يحسب لها ألف حساب وتفرض علينا تكييف مقارباتنا في معالجة الأوضاع الآنية.
فعلا جسّدنا سياسة المصالحة الوطنية وأصبحت مثلاً يُقتدى، لكن يجب توجيه جهودنا نحو كيفية بعث تنميتنا وتطوير اقتصادياتنا بمساهمة الجميع بما فيها تمثيلياتنا الدبلوماسية كي ننجح في إحداث دبلوماسية اقتصادية تساعد البلاد في الخروج من الضائقة الحالية.
حسن الجوار جميل جدا ومساعدة غيرنا مبدأ راسخ في سياستنا الخارجية، لكن الظرف الحالي يجبرنا على وضع بلادنا فوق كل الاهتمامات، خاصة وأن هناك دولا تحاول إفشال ما تقوم به الجزائر، كما أن البعض منها يعتبره تدخلا في شؤونها الداخلية.
من جهة أخرى، وبالنظر إلى العزلة التي عشناها في التسعينيات، علينا بقليل من البراغماتية استخلاص العبر تماشيا والحكمة«مصائب قوم عند قوم فوائد».
إن ارتفاع أسعار النفط هذه الأسابيع أدى إلى الرفع من معنويات مواطنينا الذين يأملون أن يفوق سعره 70 دولارا على الأقل لإنعاش اقتصادنا والخروج بميزانية أكثر توازنا.
ليس من شيمنا النظر إلى الأشياء بأنانية ولا من زوايا ضيقة، إلا أن الحياة علمتنا إعادة ترتيب أولوياتنا واستخلاص دروس الماضي وأقربها تجربة التسعينيات المرّة التي لم نجد فيها من يقف إلى جنبنا بل حتى البلدان التي نالت مساعدات طائلة منا أدارت لنا ظهرها، كما أننا في عصر التهديدات متعددة الأشكال، حتى الأقدام السوداء بدأت تلوّح بتأسيس كيان لها على أرضنا؟!
بالمختصر المفيد وبما أننا نعيش في عالم لا تقوده المبادئ بل المصالح فقط، حماية حدودنا واستقرار وطننا أولى.
هذا لا يتأتى دون بناء اقتصاد متوازن ومزدهر بدينار قوي مستعيد لقيمته الحقيقية وكما يقول المثل الشعبي: «كل واحد يدافع على خبزتو» كي لا يبقى صون السيادة الوطنية ورايتها مجرد شعار، كما هو الحال في بعض الأقطار دون ذكر اسمها، متمنين لها الفرج القريب لأن وضعها يؤلمنا فعلا.