يركز الصالون الدولي للصيد البحري وتربية المائيات الذي تنعقد فعالياته بولاية وهران، بين ٠٩ و١٢ نوفمبر الجاري، على محاور هامة تترجمها الإستراتيجية القطاعية الرامية إلى دفع الاستثمار في هذه الشعبة ومواكبة التحولات الاقتصادية بالانخراط في النموذج الجديد عبر تنميتها وتطويرها على نطاق واسع وتعزيز آليات الاستغلال الأمثل للموارد البحرية لضمان ديمومتها ومرافقة الاستثمار المنتج، ناهيك عن تشجيع عمليات التعاون والشراكة بهدف التنويع في النشاطات وترسيخ التسيير التشاركي مع مختلف الفاعلين في القطاع.
الخطة القطاعية التي استعرضها ضيف «الشعب» المدير العام للصيد البحري وتربية المائيات طه حمّوش أياما قبل انعقاد الصالون الدولي المنظم تحت شعار« من أجل نمو مستدام ومتنوع لاقتصاد الصيد البحري وتربية المائيات »، أبرزت أهمية الشعبة كأحد أهم النشاطات وجزء لا يتجزأ من برنامج رئيس الجمهورية يعول عليها في تنويع الاقتصاد الوطني وخلق مناصب شغل، ناهيك عن تنويع النظام الغذائي للمواطن من خلال تقديم بروتينات سمكية ذات نوعية معروفة بقيمتها الغذائية.
أوضح حمّوش أن القطاع حظي باهتمام خاص منذ بداية الألفينيات وعرف قفزة نوعية سواء فيما تعلق بتطوير وتعزيز الهياكل القاعدية للقطاع ما سمح برفع القدرات الاستيعابية للمواني والمرافئ، حيث تم إنجاز بين سنة 2000 و2017، 44 ملجأ صيد و3 مواقع رسو وأكثر من 5300 وحدة صيد نشطة اليوم.
وسمح ذلك بارتفاع في أسطول الصيد الوطني، حيث تحصي المديرية 550 قارب صغير، 1300 سفينة صيد سردين، كما تم تسجيل تكوين أسطول جزائري لصيد التونة يتكون من 17 باخرة متخصصة في هذا النوع من الأسماك بعد أن كان لا يتجاوز 4 سفن قبل 2000، واقتناء باخرة كبيرة بطول 40 م مجهزة بأحدث التقنيات ما سمح بإنجاز 8 عمليات لتقييم المخزون السمكي الموجود بالجزائر.
كما تم ترقية هياكل التكوين في مجال الصيد البحري وتربية المائيات وتكيفها مع احتياجات المهنيين والفاعلين في الميدان، وإنجاز 6 مزارع نموذجية على مستوى الساحل والداخل كوحدات نموذجية للمرافقة التقنية للمتعاملين والمستثمرين منها مزرعتان لتربية المائيات في المياه العذبة بعين الدفلى وبشار، ومزرعة لتربية الأصداف، ومزرعة في مياه البحر ببوسماعيل ومزرعتان لتربية الجمبري بسكيكدة بمياه البحر، وبورقلة تربية الجمبري في المياه العذبة وهي سابقة للباحثين والتقنيين الجزائريين بالشراكة مع الكوريين الجنوبيين، فبعد أن كانت البداية للتسمين تم في 2017 الدخول في مرحلة التحكم في تكاثر الجمبري ما سيعطي استقلالية تامة في مجال تربية هذا المنتوج السمكي، وقد سجلت المديرية عدة طلبات في هذا المجال وكذا باقي الأنواع.
40 مزرعة لإنتاج السمك بقدرة إنتاجية تجاوزت 25 ألف طن
أوضح حمّوش أن الجزائر حققت اكتفاء ذاتيا في تكاثر أسماك المياه العذبة بإنتاج 3 ملايين وحدة وذلك بإنجاز منطقتين لصغار الأسماك بسطيف وسيدي بلعباس، ما شجع على توسيع الاستثمار في المياه العذبة وتكثيف إدماجها حتى في الزراعة، حيث تم في هذا الإطار تكوين ألف مزارع واستزراع ألف حوض لإنتاج سمك البلطي وهي مطلوبة جدا في الأسواق الداخلية، مشيرا إلى إنشاء 40 مزرعة لإنتاج الأسماك بقدرة إنتاجية تجاوزت 25 ألف طن، 20 منها دخلت حيز الإنتاج خلال سنة 2017، ما يؤكد وجود ديناميكية في مجال تربية المائيات سواء في البحر في مجال إنتاج العوالق، بلح البحر على مستوى الأقفاص العائمة أو بالولايات الداخلية حيث يوجد مشروع إقامة مزرعة نموذجية لتربية المائيات في المياه العذبة بولاية بسكرة.
وسمحت هذه الديناميكية بتسجيل 240 طلب استثمار جديد في مجال الصيد البحري وتربية المائيات، واستقطاب المستثمرين الأجانب بالشراكة مع نظرائهم الجزائريين وهم يدرسون الفرص المتاحة في هذه الشعبة، وارتفاع معتبر في مناصب الشغل من 25 ألف إلى 100 ألف منصب في 2017 بين مهنيين وصيادين وملاك السفن وجميع حلقات الإنتاج إلى التوزيع.
الحماية الاجتماعية وتأمين الصيادين ضمن الأولويات
حسب ضيف «الشعب» لم تهمل الإستراتيجية المسطرة للنهوض بهذه الشعبة الجانب الاجتماعي لمهنييها، حيث تم وضع نظام جديد لهم للاستفادة من كل امتيازات التأمين عبر اقتطاع ما نسبته 12 بالمائة من أجرهم ومن مستويات عليا للتقاعد حسب موقعه، ناهيك عن تقريب الصحة الجوارية من الصيادين باعتبار مهنتهم من المهن الشاقة، وذلك بفتح 12 مركزا طبيا على مستوى الموانئ في إطار الشراكة مع وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات وهي قيد التعميم، كما تحدث عن وجود دعم في التأمين على الأشخاص لفائدة المهنيين بحيث تتولى الدولة ما نسبته 80 بالمائة من خلال العمل مع الكثير من المؤسسات من بينها تعاضدية تابعة للوزارة.
بخصوص الأهداف والنتائج المنتظرة من برنامج النهوض بالصيد البحري وتربية المائيات على المدى المتوسط أشار حمّوش أن الرفع من الإنتاج من 100 إلى 200 ألف طن سنويا هدف أساسي في ظل العجز المسجل في الإنتاج السمكي ومحدوديته في البحر الأبيض المتوسط الذي تتقاسم فيه 23 دولة الصيد البحري.
يضاف إلى ذلك الحفاظ على مناصب الصيد البحري مناصب الشغل والثروة السمكية للأجيال الصاعدة، مشيرا إلى أن باخرة ڤرين بلقاسم سجلت زيادة في الثروة السمكية خلال السنة الجارية ما انعكس على سعر بعض الأسماك كالسردين الذي انخفض إلى أقل من 50 دج، لكن للحفاظ عليها يجب عقلنة الاستغلال وتعزيز تربية المائيات.
وفي تقييمه لتربية المائيات أوضح حمّوش أن المديرية تعتزم الذهاب في إنتاج المائيات إلى 5300 طن، وبالنسبة لسمك التونة فقد تضاعفت حصة الجزائر من 460 طن في 2016 إلى 1046 في 2017 أي الضعف، وتم تسجيل إستزراع أكثر من ١٠٠٠ حوض بالأسماك.
رخص استغلال بحيرتي طونغا وأبيرة بالقالة
وأشار المدير العام للصيد البحري وتربية المائيات إلى أنه ولأول مرة تم تصدير سمك المياه العذبة والمتمثل في «السندر» إلى الاتحاد الأوروبي وتحديدا إلى فرنسا، كما تم إمضاء اتفاقية لتصديره نحو المجر، وهو توجه جديد يترجم رغبة السلطات العليا للبلاد في تنويع مصادر الدخل خارج قطاع المحروقات، ودعم الخزينة العمومية بالأموال الصعبة لمواجهة الأزمة الاقتصادية إثر تراجع أسعار النفط والخروج منها بأقل الأضرار.
ولأن شعبة الصيد البحري وتربية المائيات تراهن عليها الحكومة، لتحقيق تنمية مستدامة للاقتصاد الوطني، وخلق فرص استثمارية حقيقية، أعلن حموش عن منح رخص لاستغلال بحيرتي طونغا وأبيرة بالقالة ولاية الطارف، بعد توقف لمدة 10 سنوات من أجل إنتاج وتربية سمك الحنكليس وتصديره إلى الصين.