ستتعزّز الساحة الثقافية بولاية عنابة بمشروع ثقافي، سيكون فضاء يلتقي فيه الكتاب والأدباء والفنانون من داخل الوطن وخارجه، وتجتمع فيه مختلف الفنون من اللحن إلى الكلمة ومن الريشة إلى الفن السابع والرابع، وهو «نادي نوارس للإبداع» الذي تترأسه الشاعرة نادية نواصر التي فتحت قلبها لـ»الشعب» لتتحدث عن هذا المولود الجديد الذي يحمل بين طياته مشروعا لإخراج بونة من سباتها الثقافي..
«الشعب»: سمعنا عن ميلاد مشروع ثقافي جديد بعنابة وهو نادي نوارس للإبداع، كيف جاءت هذه الفكرة، وكيف تمّ الاتصال بك لتكوني على رأس هذا المشروع؟
نادية نواصر: منذ عام طلب مني السيد جمال صمادي رئيس «فرع الجاحظية» التابع لعنابة ومدير دار النشر للجاحظية، أن أؤسس معه لمشروع ثقافي بمدينة عنابة، باعتباري شاعرة بونة الأولى ونظرا لمساري الإبداعي الحافل بالعطاءات وخبرتي في الساحة الأدبية، قلت له سأفكر في الأمر، غير أنه بعد ذلك ساد الصمت ونامت الفكرة دون أي رد.
إلا أن جمال صمادي بعد مرور سنة، وبعد إقامة ربيع الكتاب العنابي، والذي حقّق نجاحا كبيرا أعاد عليّ طرح الفكرة، وبعد نهاية أيام المعرض دعاني إلى مكتبه بمقر الجاحظية واحتفي بي احتفاء الرجل الذي يقدر القامات، وفي حوار معه دام أربع ساعات اكتشفت هذا الرجل الذي لم يكن شاعرا ولا قاصا ولا روائيا، ولكنه أحب المثقفين وأحب بونة وأراد لها النهوض من سباتها، بعد أن خانها الذين مروا عليها ولم يخلصوا لها.
وبعد الحوار الشيّق قال السيد جمال صمادي الآن اكتشفتك أيتها الكبيرة وقلت له الآن اكتشفتك أيها العظيم «قل معي إذن من خان الوردة؟ من ذبحها من نسغها الطالع؟ عن بونة أتحدث».. واقترح عليّ السيد جمال صمادي خلق نادي تابع للجاحظية فوافقت على الفكرة.. وبعد نقاش طويل اتفقنا عليّ ألا يكون مقتصرا فقط على الأدب والكتابة، بل يتناول السينما والمسرح واللوحة والأغنية والصورة.. وبعد الركود الثقافي في مدينة عنابة لابد من خلق فضاء لتقديم مبدعيها في جميع المجالات وعرض تجاربهم والاكتفاء بانجازاتهم، وكان شعار النادي هو الاعتراف بالآخر.. وجعله يشعر بفرح نجاحاته وليس الاحتفاء به بعد موته، واتفقنا على أن يكون وطنيا ثم عربيا، ثم ذهب بي طموحي إلى جعله عالميا.
- قلت بأن النادي يجمع بين اللحن والكلمة والريشة والسينما، كيف ذلك؟
رأينا أنه لابد من جسر واصل بين الكلمة واللوحة واللحن، وخلق ذلك العالم الإبداعي الذي يتغذى فيه كل واحد من الآخر، وما اللوحة إلا قصيدة تكركها الريشة وينطقها اللون.
وما القصيدة إلا لوحة ينطقها المجاز وتحركها اللغة، وما المسرح إلا لوحة وقصيد وريشة ولون، وما اللحن إلا رسول يعمل على إيصال القصيدة إلى عمق الوجدان.. لذلك أردنا في هذا النادي أن نبني هوليود الإبداع والمبدعين على اختلاف أجناس الإبداع.. قانون النادي لا للمجاملة ولكن نعم لاحترام تجارب الأولين، وتقبل مهارة الجيل الجديد والربط بين الجيلين لخلق هذه المدينة الإبداعية الراقية.
- وعلى أي أساس أطلقتم على هذا المشروع «نادي نوارس»؟
بعد حوار طويل عن كيفية تأسيس هذا النادي مع رئيس فرع الجاحظية لمدينة عنابة جمال صمادي، وبعد التحدث عن طموحاته وسياسته، اتفقنا على تسميته نادي «نوارس للإبداع» رمزا للمدينة الساحلية بونة، حيث تحلّق النوارس بعيدا حاملة معها رسائل الجمال والحلم والأمل.
ولأن النورس يحلّق عاليا ويذهب في سماه بعيدا مثلما يطمح النادي تماما، سميناه بهذا الاسم حتى يحلّق بالإبداع والمبدعين والمدينة الأم بونة، إلى سدرة منتهى الخلق والتألق ويمتد مع النوارس، في كامل ربوع الجزائر والوطن العربي بل العالم كله.
- النادي يسهر عليه نخبة من الشاعرات والمثقفين ما يعني أنكم أمام رهان حقيقي للتأسيس لفعل ثقافي جديد في عنابة، وإحياء فعلي لهذا القطاع بالولاية، والتي تكاد تشهد سباتا ثقافيا على مدار السنة؟
ترك لي السيد جمال صمادي مهمة اختيار الفريق الذي سيعمل معي، فرأيت أنه لابد من اختيار قامات لها خبرة ونخبة من الجيل الصاعد للربط بين الجيلين، حاليا تمّ اختيار الشاعرة عقيلة زلاقي والشاعرة وحيدة رجيمي والشاعر مصطفى حمدان، وطالبات من الجامعة وسنعمل على توسيع المكتب وخلق فروع في ولايات الوطن.
هذه النخبة ستعمل جاهدة من أجل تفعيل الثقافة وخدمة الإبداع والمبدعين، في جو من التشاور والتعاون الفعّال قصد تقديم الأجود والأفضل وإعطاء طابع إبداعي ثقافي لمدينة عنابة، على أنها نخبة لها مسار حافل بالإبداع والخبرات والنضج الثقافي، ولها أيضا بصمات بارزة تثبت أنها قادرة على العطاء من أجل إخراج المدينة من سباتها.
- ومتى سيتم الإعلان عن بداية هذا المشروع الثقافي؟
سيكون موعد انطلاقنا في القريب العاجل، نحن اخترنا السير بخطى متثاقلة لأجل تقديم الأجود، ولابد من الصبر في حالات المخاض، حتى يكون هذا المولود ولادته في جو سليم وسوي بحجم طموحات النادي وسياسته.
ولابد من الانطلاق به في ظروف تسعد المبدعين وتجعلهم يتوسمون فيه الخير، في ظلّ اضمحلال اللقاءات الثقافية والمهرجانات التي أصبحت تتمّ فيها الدعوات لكسب المصالح الشخصية.. ونحن سنعمل على أن تكون الساحة للجميع، فالثقافة ملك للجميع وليست ميراثا لأحد.
«نادي نوارس» بيت كل المبدعين على اختلاف سياساتهم واتجاهاتهم الفكرية، نختلف أي نعم ولكننا نلتقي علي منصة البوح التي سخرها لنا نادي «نوارس الإبداع» للجاحظية، نلتقي على منصة البوح تحت شعار الإبداع محبة وأخلاق وموقف.
شكرا لك صديقتي على هذا الحوار الشيّق، وشكرا على وعيك واهتمامك، شكرا للفريق الذي سيرافقني، شكرا لرئيس فرع الجاحظية جمال صمادي، هذا المناضل الكبير وشكرا لجريدة «الشعب».