أعرب وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الطاهر حجار عن الرغبة الجامحة في توطيد العلاقة بين الجامعة والمؤسسة وجعلها في قلب التحولات الاقتصادية التي تعرفها البلاد، من خلال إدراج المقاولاتية كنشاط جامعي، إلى جانب التكوين وتثمين نتائج البحث العلمي، ضمن عملية تفاعلية مع المحيط الإجتماعي والإقتصادي والثقافي.
جاء ذلك خلال إشرافه على افتتاح الندوة الوطنية للجامعات، التي جرت فعالياتها أمس الأحد على مستوى مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بمدينة وهران، واعتبر حجار أن» التحديات الاقتصادية هي أبرز ما ستواجه بلادنا، ولرفع هذه التحديات التي ما انفكت تزداد تعقيدا، أقرت الحكومة برنامجا طموحا يهدف إلى دفع عجلة الاقتصاد الوطني وتحقيق معدلات أعلى من النمو، اعتمادا على الموارد البشرية والمالية المتاحة وطنيا».
وفي هذا الصدد، قال «مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي والتطوير التكنولوجي مدعوة لأداء دور أساسي في هذا المجال، بحكم ما تزخر به من قدرات علمية، تسمح بترقية المعرفة وتثمين نتائج البحث، كما علينا أن نواصل عملية تقييم مخابر البحث وبعث مخابر أخرى وإنشاء مشاريع بحث لتواكب التوجه الجديد للاقتصاد الوطني والمساهمة في تطويره.
كما دعا إلى تشجيع الجامعة بصفة عامة على اقتحام المقاولاتية والاجتهاد في توفير محيط يشجّع على الابتكار والتقاول، يهتم أساسا بحاملي المشاريع المبتكرة ضمن حاضنات incubateur ومنصات تكنولوجية إلى جانب فتح المجال أمام خريجي مؤسسات التعليم العالي لإنشاء مؤسسات صاعدة، فضلا عن بعث مراكز للابتكار والتحويل التكنولوجي وفتح فرص جديدة أمام الطلبة في مجالات التربص والتدريب والتشغيل، معتبرا أن برنامج الحكومة الذي يستهدف إحداث ما يزيد عن 40.000 مؤسسة مبتكرة خلال سنتي 2017-2018 «فرصة ثمينة» يتعين على المؤسسات الجامعية والبحثية استغلالها لتحقيق هذه الأهداف وأخرى.
استحداث أقطاب امتياز متخصّصة
في سؤال صحفي يتعلق بمشروع «المؤسسة الجامعية»، أكّد حجار أنه برنامج واسع جدا، يبدأ أولا بوقفة تقييمية لمسارها منذ نشأتها وإلى غاية سنة 2017، بما فيها الهياكل الجامعية والمجالس العلمية واللجان العلمية على مستوى الأقسام والكليات ومجلس الإدارة من خلال إشراك السلطات المحلية والإطارات الولائية وحتى المجتمع المدني.
كما أوضح بأنّ هذه المشاريع تتغيّر من جامعة لأخرى، حيث تحدّد كل جامعة توجّهها وفق مقاييسها، باعتبارها إشعاعا محليا وجهويا ووطنيا وأحيانا دوليا، واستدل في هذا الإطار بمدينة وهران باعتبارها قطبا صناعيا اقتصاديا يسعى للتخصّص في صناعة السيارات، وهو ما يجعلها في حاجة إلى مجموعة كبيرة من التخصصات في هذا المجال، وذلك بمعدل 15 إلى 20 تخصصا، مبيّنا أن «بعض الأعمال ذات الصلة التي بادرت بها بعض المؤسسات الجامعية، ستكون محل فحص وتقويم على أساس دليل مرجعي، بما يضمن إضفاء مزيد من التناسق والانسجام عليها».
وبخصوص المستخدمين الإداريين والتقنيين، شدّد نفس المسؤول على ضرورة العمل على تحسين مستوى كفاءاتهم ومهاراتهم وإعطاء الأولوية في التوظيف الخارجي لسلك التأطير وسلك الأعوان التطبيقيين، مع التركيز على التكوين والتمرّس والتأهيل لتحسين المهارات والكفاءات، خاصة بالنسبة لموظفي المخابر والمكتبات الجامعية وأيضا لموظفي الخدمات الجامعية.
فتح أبواب الحوار والتشاور مع الأسرة الجامعية
وبخصوص تطوير مستوى الخدمات الجامعية أكد حجار أن القطاع يعتزم تنظيم ندوة وطنية حول الخدمات الجامعية مع مطلع السنة الجارية، تتمثل غايتها الرئيسية في تشخيص الوضعية الحالية للخدمات الجامعية ورسم آفاق تحسينها، انطلاقا من بلورة رؤية إصلاحية تشاركية تكرّس طابع الخدمة العمومية لهذه المنظومة وتحسين حوكمتها بالارتكاز على التوفيق بين مبدأي الإنصاف والفعالية.