رغم التكتّم الشديد االذي تفرضه أمريكا حول تواجدها العسكري في افريقيا، فقد كشف الكمين الذي وقع في الرابع أكتوبر بالنيجر واسفر عن مقتل أربعة جنود من القوات الخاصة الأمريكية، تزايد الوحدات الامريكية في القارة السمراء التي أصبحت المنطقة الثانية لعمليات تدخلها بعد الشرق الأوسط.
مهمة هذه الوحدات - كما صرّح مسؤولون في القوات الخاصة الاميركية مؤخرا في مقر قيادتهم في تامبا بولاية فلوريدا - هي مواجهة ووقف تقدم الحركات الإرهابية، أي «شل حركة» الشباب في الصومال و»إضعاف» تنظيم الدولة الاسلامية في منطقة الساحل وليبيا ومصر وتنظيم القاعدة في مالي و»احتواء» جماعة بوكوحرام في نيجيريا.
وتشير الأرقام إلى أنه من أصل ثمانية آلاف من افراد القوات الخاصة الامريكية الذين ينتشرون يوميا في العالم، يتمركز نحو 1300 في افريقيا وحوالى خمسة آلاف في الشرق الأوسط وخلال خمس سنوات ارتفع عددهم ثلاثة اضعاف في القارة الافريقية، حيث لم يتجاوز عددهم 450 جنديا في 2012.
دورها ومكان انتشارها
قالت القيادة الأمريكية لافريقيا «افريكوم» ان القوات الخاصة الامريكية المنتشرة بالقارة السمراء تنقسم الى فرق من حوالى 12 عسكريا من قوات النخبة مدربين ومجهزين بشكل كبير، يعمل كل منهم بين ثلاثين وتسعين يوما كمدربين لنحو300 عسكري في نحوعشرين بلدا لم تكشفها.
وأفاد تقرير قدمه قائد القوات الايريكية في افريقيا الجنرال توماس والدهاوزر الى الكونغرس ان العسكريين الأمريكيين منتشرون خصوصا في تشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطية واثيوبيا والصومال واوغندا والسودان ورواندا وكينيا.
ورسميا لا تملك الولايات المتحدة قواعد في افريقيا باستثناء معسكر لومونيي في جيبوتي. لكن القوات الخاصة التي تضم وحدات من سلاح البر (القبعات الخضر) والبحرية («نيفي سيلز») الشهيرة ومن مشاة البحرية الامريكية (المارينز) وسلاح الجو تستخدم قاعدة مورون الجوية في جنوب اسبانيا، لعملياتهم في افريقيا.
كما يتواجد الأمريكيون عبر قاعدة للطائرات المسيرة في أغاديز (شمال النيجر).
المهمة تتجاوز التدريب
المعلن رسميا، ان دور القوات الخاصة الامريكية في افريقيا بعيد كل البعد عن القيام بمهمات قتالية، وإنما ينحصر في «التدريب والنصح والمساعدة»، حيث قال وزير الدفاع الأمريكي مايكل ماتيس، ان العسكريين الامريكيين منتشرون هناك «لمساعدة شعوب المنطقة على الدفاع عن انفسهم» من «الارهابيين الذين ينشرون عدم الاستقرار والقتل والفوضى انطلاقا من هذه المنطقة».
لكن في الأشهر الأخيرة ومع تسجيل خسائر بشرية في صفوف هذه الوحدات تجلى بوضوح ان دورها يمتد الى ابعد من المهام المعلن عنها، أي الى المهام القتالية ما يفسّر مصرع العساكر الأربعة في الرابع اكتوير الجاري بالنيجر.
وتدعم الولايات المتحدة العملية العسكرية الفرنسية «برخان» في خمس دول في منطقة الساحل (موريتانيا ومالي وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو).
وهذا الدعم يتجلى في تزويد الطائرات الفرنسية بالوقود جوا، وأيضا تبادل المعلومات الاستخبارية مع فرنسا.