شددت وهيبة بلحاجي، أستاذة متخصصة في التشريعات والقوانين الإعلامية بالمدرسة الوطنية العليا للصحافة على ضرورة إعادة إحياء صندوق دعم الصحافة من خلال وضع ميكانزمات وشروط لضمان حق المواطن في المعلومة، في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية التي أدت إلى توقف بعض الصحف وأخرى مهددة بالإفلاس.
استعرضت الأستاذة بلحاجي من منبر "ضيف الشعب" اليوم، أهم المراحل التي مر بها الحقل الإعلامي بالجزائر خاصة الصحافة المكتوبة ، بحيث قطعت أشواط كبيرة في مجال ترقية الصحافة لاسيما في المنظومة القانونية من خلال إقرار قوانين أولها قانون الإعلام سنة 1990 في مادته الـ14، التي –حسبها- تعد أهم ثورة في تاريخ الصحافة الجزائرية كون هذه المادة أقرت أول مرة بحرية إصدار نشرية، وبالتالي هنا كانت الانطلاقة الأولى للتعددية الإعلامية في الجزائر.
بعدها صدر قانون الإعلام 2012 - أضافت- الذي يعتبر ثورة أخرى في تاريخ الصحافة بحكم أنه لأول مرة تحدث عن حرية الإعلام، وأقر كذلك لأول مرة بضرورة دعم الدولة للصحافة الجوارية وفتح مجال السمعي البصري وتحدث عن أجهزة ضبط الصحافة المكتوبة ونشاط السمعي البصري بالجزائر، لتواصل الدولة في ضمان هذه الحرية عبر المادة 50 من دستور 2016 المعدل، مؤكدة أنه لأول مرة الدستور الجزائري عبر هذه المادة يقر بأن حرية الصحافة المكتوبة والسمعي البصري وكذلك شبكات التواصل الاجتماعي هي حرية مضمونة.
في هذا الإطار قالت الأستاذةالمتخصصة في التشريعات والقوانين الإعلامية، إن المطلوب حاليا كيفية حماية التعددية الإعلامية في الجزائر والحفاظ عليها في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الصحافة العمومية والخاصة على حد سواء، وذلك من خلال التشجيع الذي تقدمه الدولة، هذه الأخيرة منذ التسعينات أي بداية التعددية الإعلامية إلى غاية اليوم أصبحت طرف مهم في عملية تنمية وتشجيع هذه الصحافة، عن طريق الإعانات غير المباشرة سواء في الإشهار والطباعة.
موازاة مع ذلك، شددت بلحاجي على ضرورة تفعيل صندوق دعم الصحافة وأن النقاش المطروح حاليا هو كيفية إعادة إحياءه عبر وضع معايير وشروط في دعم الدولة للصحافة، مشيرة إلى أنه بفرنسا يعاني الإعلام نفس المشكل لكن الاختلاف يكمن في الدعم المباشر والمحدد للدولة الفرنسية لإعلامها الخاص أو العمومي أو الصحافة الحزبية وحسب كل صحيفة تحافظ على المصلحة العامة، ودعم الصحف الضعيفة من حيث المداخيل المالية من الإشهار بهدف تشجيع التعددية الإعلامية ، وكذلك ضمان حق المواطن في المعلومة وهذا هو المطلوب.
في هذا الشأن ترى ضيف منبر "الشعب" أن ضمان حق المعلومة يتطلب ضمان التعددية، بوضع الدولة لمكانز مات جديدة من خلالها يمكن مساعدة الصحافة، المشكل اليوم مطروح في الصحافة الخاصة لأنها تعاني من مشكل أساسي هو غياب نقابة صحفية قوية ، إلى غاية الآن لم تستطع الأسرة الصحفية على مجال الصحافة الخاصة وضع إجماع حول كيفية حماية الصحافة بسبب الاختلاف في المصالح ما بين هذه الصحف.
أضافت أنه في ظل هذه الأزمة التي ظهرت في 2014، ارتفع عدد الصحف التي توقفت عن النشر، ب 26 يومية و34 أسبوعية حسب تصريحات وزير الاتصال، حاليا 140 يومية في ظل غياب إحصائيات دقيقة حول عدد زوال تلك اليوميات، بحيث أن آخر يومية توقفت عن الإصدار هي يومية "لاتربين" في شهر أوت المنصرم وهناك عدة صحف مهددة بالإفلاس، ما يستدعي إعادة إحياء صندوق دعم الصحافة.
بالمقابل، أكدت الأستاذة أن تواجد يومية "الشعب" على موقع إلكتروني له استقلالية وتنوع في الخدمات سوف يعطيها فرصة لتنويع قراءها، وبعد إصدار قانون التجارة الالكترونية سيكون هناك مناخ جديد في الجزائر في هذا المجال، وبالتالي سيسمح للجرائد العمومية بالحصول على مصادر مالية إضافية على الانترنيت واستقطاب قراء جدد. مضيفة أنه لا يوجد خاص بقانون الصحافة الالكترونية وكمثال قانون 1881 بفرنسا الذي تم الاحتفاظ به إلى غاية اليوم مع إدخال بعض التغيرات التي لها علاقة بالانترنيت.
وفي ردها عن سؤال حول إمكانية زوال الصحافة المكتوبة في ظل وجود الانترنيت، أوضحت أن هذا النقاش أثير منذ بداية الانترنيت، قائلة أن كل شخص يمكنه أن يكون صحافي مرسل ومستقبل في نفس الوقت، وحسبها أن مهمة الصحافي إعادة تأطير العمل الصحفي لأن هناك نوع من الفوضى كل شخص أصبح يدعي أنه صحفي، وبالتالي ضرورة الرجوع إلى أصول المهنة وهي إعطاء المواطن الحقيقة وحقه في المعلومة.